في عالم العملات الرقمية، السرقة أسهل!

إنّ الاهتمام الكبير بتقنية الـ Blockchain في أنحاء العالم وعبر مختلف القطاعات كان المحفّز للبحث عنه. وعلى الرغم من أنّ استخدام هذه التقنية لا يزال في مراحله الأولى؛ فقد بدأت عدة قطاعات باستخدامها -مثل القطاع الإنساني- بعد نجاحها في القطاع المالي (2)، ونرى أنّ تطبيقات Blockchain تتوسع في النطاق والحجم في مجالات متباينة، متضمّنةً مجالات القانون والتعليم والرعاية الصحية (1).

ما هو Blockchain؟

هو سجل افتراضي يحوي تاريخ معاملات Transactions المشاركين، ومُشفّر، تحتفظ به شبكة من الأقران network of peers، ويحتوي كل نظير على مثيل محليًّا من الـ Blockchain، ويتواصل عبر برمجية عميل قابل للتشغيل المتبادل مع نظراء آخرين لتحديث هذا السجل بطريقة متزامنة؛ في شبكة ند للند peer-to-peer.

تكون المعاملة عبارة عن تقرير عن إجراءات أو عقد ذكي، ويمكن شرح العقد الذكي بأنّه عقد تلقائي، يُنفّذ ذاتيًّا تعليماتٍ برمجية محددة مسبقًا على Blockchain.

ينشئ الأقران معاملات يوقعونها رقميًّا قبل بثّها على الشبكة؛ الذي يكون إما بإرسالها إلى كل نظير في الشبكة، وإما باستخدام بروتوكول "القيل والقال" gossip protocol للتخفيف من عبء الشبكة؛ إذ إنّه باستخدام هذا البروتوكول تُرسَل المعاملة إلى عدد من الأقران في الشبكة، الذين يوزّعون المعاملة في أنحاء الشبكة كلها بالطريقة نفسها.

باستخدام البروتوكول التوافقي consensus protocol، يُحدَّد القائد الذي يتحمل مسؤولية ترتيب المعاملات وإضافتها في مجموعات.

يوثّق النظراء المعنيون بتوقيع رقمي (تشفير) المعاملاتِ في الـ Blockchain؛ إذ يوفر هذا التوقيع الرقمي طريقةً لضمان موافقة الأقران الشرعيين على المعاملات؛ مما يجعلها أحد المكونات الرئيسية لتقنية blockchain.

تُدمَج معاملة واحدة أو أكثر في مجموعة تسمى كتلة BLOCK، وتُنشَأ سلسلة الكتل الملحقة باستخدام قائمة كتل مرتبطة، علمًا أن كل كتلة تحتوي على ملخص التجزئة hash digest الخاص بالكتلة السابقة بوصفه مرجعًا، كذلك تشكل مجموعة سلاسل الكتل المتعددة أنظمة Blockchain، وإنّه من غير الممكن العثور على كتلة صالحة مختلفة تؤدي إلى خلاصة التجزئة نفسها، ولذلك؛ إنّ أي تغيير في المحتوى من الكتلة يبطل الكتل التي تليها.

يُحتفَظ بمثيل سلسلة الكتل بواسطة كل نظير في الشبكة، ومن خلال الخوارزمية التوافقية consensus algorithm يُتوصَّل إلى اتفاق فيما يخص الحالة الحالية لـ blockchain؛ إذ تحدد هذه الخوارزمية -على نحو أساسي- مجموعةَ القواعد لعملية صنع القرار في الشبكة، والأهم من ذلك؛ يُستخدَم لتحديد الكتلة التالية التي ستُلحَق بالسلسلة.

يوثّق النظراءُ المعنيون بتوقيع رقمي (تشفير) المعاملاتِ في الـ blockchain؛ إذ يوفر التوقيع الرقمي طريقة لضمان موافقة الأقران الشرعيين على المعاملات؛ مما يجعلها أحد المكونات الرئيسية لتقنية Blockchain، فيعتمد أمن هذه الأنظمة إلى حد كبير على التوقيعات الرقمية المشفرة cryptographic digital signatures، وعلى الرغم من ذلك؛ إنّ هذه التوقيعات الرقمية المستخدمة عادةً في Blockchain معرّضة لخطر متزايد يتمثل في أجهزة الحاسوب الكمومية quantum computers، لأنها تعتمد على افتراضات الصلابة التي لم تعد موجودة في وجود حاسوب كمومي قوي. وللتخفيف من هذا التهديد؛ أُجريت أبحاث بشأن التشفير ما بعد الكم post-quantum cryptography بهدف تأمين الحماية ضد الحواسيب الكمومية.

من بين أكثر الحلول الواعدة -فيما يخص التواقيع الرقمية بعد الكمومية- التواقيع القائمة على التجزئة hash-based signatures، فهي تعتمد على خصائص الأمان غير المفهومة جيدًا لتوابع التجزئة hash functions، وليس على أي افتراضات لها علاقة بقوة جهاز الحاسوب، ولكنّ العيب الرئيسي للتوقيعات القائمة على التجزئة هو أحجام التوقيع الكبيرة، وعلى الرغم من ذلك؛ فقد أظهر العمل السابق أنّ التواقيع المستندة على التجزئة يمكن استخدامها بفعالية مع تقنية Blockchain.

يمكننا القول إنّه عند إنشاء كتلة معينة؛ يُنشَأ توقيعٌ رقمي خاص بها وتُبَث عبر الشبكة، ويعرف الأقران بالكتلة الجديدة بسبب خوارزمية "القيل والقال"، وتٌغيَّر حالة الشبكة بالاعتماد على القائد الذي اختير حسب خوارزمية التوافقية، كذلك يُتحقق من الكتل ومن المعاملات بترتيب زمني؛ فلا يمكن أن يكون هناك كتل وسيطة مفقودة، وإن اختُرِقت إحدى الكتل ستعرف باقي الشبكة بذلك لأن باقي الكتل ستتعطل، وذلك لكونها تعتمد على التشفير القائم على التجزئة.

الشكل (1): رسم توضيحي عن سلسلة الكتل في Blockchain

فإذ كانت الشبكة تحوي 10 أجهزة فقط، فإنّ عملية الاختراق ستكون صعبة جدًّا؛ إذ إنّ تغيير كتلة واحدة ستؤدي إلى عطل باقي الكتل، وستعرف بقيّة الأجهزة أنّ هناك من يحاول الاختراق والسرقة، إلا إذ عُطِّل أكثر من نصف الشبكة باللحظة نفسها، وهذا صعب في الواقع لأن عدد الأجهزة سيكون بالملايين (3). 

المصادر: