التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية
مشاهدة المواد الإباحية وضعف الانتصاب.. هل من رابط بينهما؟
يعدُّ ضعف الانتصاب (erectile dysfunction) من المشكلات الجنسيّة التي يعانيها الشباب، ويعرف أنه عدم القدرة على تحقيق انتصاب كافٍ لدى الرجل أو الحفاظ عليه مدة كافية في خلال العملية الجنسية، ويعدُّ من الحالات المعقَّدة المتعدِّدة الأسباب (1). ولكن هل تدخل مشاهدة الأفلام الإباحية ضمن هذه الأسباب؟
ترتبط حالات الضعف الجنسي عادةً بتقدُّم العمر، والحقيقة أن الضعف الجنسي يصيب الشباب أيضًا!
حتى العقد الماضي كان معدل حالات ضعف الانتصاب منخفضًا لدى الرجال النشيطين جنسيًّا ممّن هم تحت سن الأربعين، إذ كانت نسبة الرجال البالغين من العمر أقل من أربعين عامًا والمصابين بضعف الانتصاب 2% فقط حتى عام 2002، بالمقابل 86% ممّن هم فوق الثمانين عامًا (4,2). هذه الإحصائية قبل الانتشار الواسع للمواقع الإباحية وسهولة الوصول إليها، ولكن اختلفت هذه النسب حديثًا على نحوٍ ملحوظ (4)، إذ وجدت إحدى الدراسات أنَّ واحدًا من بين كل أربعة مصابين بضعف الانتصاب يبلغ من العمر أربعين سنة أو أقل، إضافةً إلى انتشار حالات قذف مبكّر أكثر ضمن هذه المجموعة مقارنةّ بالمصابين الأكبر سنًّا (3)، وكل هذه التغييرات كانت ضمن العقد الأخير فقط(4)، مما يثير السؤال: ما الذي أدى إلى زيادة هذه الحالات ضمن فئة الشباب؟ في حين أن العوامل المألوفة المرتبطة بضعف الانتصاب كثيرة، مثل: أنماط الحياة غير الصحية كالسمنة، وتعاطي المخدرات، والتدخين، إلا أنها لا تعطي تفسيرًا منطقيًّا لتلك الزيادة الحادة؛ لأنها لم تتغير بالتناسب معها، فقد ارتفعت حالات السمنة على سبيل المثال لدى الرجال الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عامًا بنسبة 4% فقط بين عامي 1999 و2008 (4).
بيّنت دراسة نُشرت عام 2017 أنَّ الرجال الذين يفضلون الأفلامَ الإباحية على ممارسة الجنس الحقيقيّ يقعون في فخ عدم القدرة على ممارسة الجنس، ووفقًا لنتائج مسح أُعلن عنها في المؤتمر السنوي للجمعية الأمريكية لطب الجهاز البولي (American Urological Association) في بوسطن، بيّنت أن الرجال المدمنين على مشاهدة الأفلام الإباحية معرّضون أكثر من غيرهم للإصابة بضعف الانتصاب، كذلك يشعرون بمتعةٍ أقل من غيرهم في أثناء الممارسة الجنسية مع شريك على أرض الواقع، وشمل هذا المسح 312 رجل تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عامًا ممّن زاروا عيادةَ الطب البولي في سان دييغو من أجل العلاج، فقد وجد المسح أن 3.4% فقط من الرجال يفضلون الاستمناءَ ومشاهدة الأفلام الإباحية على الجنس، ووجد الباحثون علاقة إحصائية بين إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية والعجز الجنسي (5).
أشار الباحث الدكتور ماثيو كريستمان (Dr. Matthew Christman) طبيبُ المسالك البولية في (Naval Medical Center) في سان دييغو أنّ الأسباب العضوية التي تسبب حالاتِ ضعف الانتصاب لدى الأشخاص من الفئة العمرية بين 20 و40 سنة قليلةٌ جدًّا، وأن حالات ضعف الانتصاب المتزايدة تحتاج تفسيرًا، ويُعتقد أنّ مشاهدة الأفلام الإباحية سببٌ في ذلك، ولكن تشير البيانات المتوفرة إلى أنها ليست السببَ الوحيد (5).
ويرى الدكتور كريستمان أن أصل المشكلة يكمن في بيولوجيا الإدمان؛ إذ إنّ السلوكَ الجنسي ينشّط ما يسمى بـ "دارة نظام المُكافأة" في المخ، وهي الدائرة نفسها التي تنشطها المخدرات، ممّا يؤدي إلى تعزيز السلوك ذاته داخليًّا الذي يصل إلى الإدمان، وتعدُّ الأفلام الإباحية من أقوى محفزات هذه الدارة بسبب قدرة الشخص الدائمة الفورية على اختيار كل جديد ومثير، ويضيف أن مشاهدة كثير من الأفلام الإباحية قد يزيد عتبة التحمل عند الشخص كتعاطي المخدرات، ويرى أن هذه المقاومة قد تشرح العجز الجنسي، وتفسّر النتائج التي توصلوا إليها التي ربطت بين تفضيل الأفلام الإباحية على الجنس الفعلي مع شريك ومستويات العجز الجنسي المرتفعة عند الرجال (5).
ويضيف الدكتور جوزيف ألوكال (Dr. Joseph Alukal) رئيس قسم الصحة الإنجابية للذكور في جامعة نيويورك أن الأفلام الإباحية قد تخلق توقعات غير واقعيّة عند الشباب الصغيري السّن القليلي الخبرة، مما يسبّب ضعفَ الرغبة الجنسية والقلقّ حين لا يرقى الجنس الحقيقي لمستوى التخيلات المصوَّرة في الأفلام الإباحية (5).
من جهة أخرى أظهر مسح آخر منفصل شمل 48 أنثى عدمَ وجود علاقة بين الأفلام الإباحية والعجز الجنسي، على الرغم من أن 40% منهن يشاهدْن الأفلام الإباحية أيضًا (5).
تثير نتائج المسح السابق القلقَ فيما يخصّ تأثرَ صحة المراهقين الجنسية بسبب التعرض الدائم للمواد الإباحية؛ لذلك يُنصح الأهل بإمضاء الوقت مع أطفالهم والتركيز على اهتماماتهم وحجب الدخول إلى مواقع محتواها إباحي على الأجهزة الإلكترونية التي يستخدمونها، ومن المستحسن أن يستشير الرجال الذين يشعرون بالقلق طبيبَهم المختص إذا ما كانت الأفلام الإباحية تؤثر سلبًا في حياتهم الجنسية، ففي الوقت الحالي قد يكون مختصو الصحة النفسية والمدربون على التعامل مع السلوك الإدماني الأفضلَ في مساعدة الأشخاص المصابين بإدمان المواد الإباحية، لا سيما أنّ بعض التقارير أظهرت أنّ الوظيفة الجنسيّة قد تتحسن عند الرجال إن توقفوا عن مشاهدة الأفلام الإباحية (5).
المصادر:
2. Prins J, Blanker M, Bohnen A, Thomas S, Bosch J. Prevalence of erectile dysfunction: a systematic review of population-based studies. 2020. هنا
3. Capogrosso P, Colicchia M, Ventimiglia E, Castagna G, Clementi M, Suardi N et al. One Patient Out of Four with Newly Diagnosed Erectile Dysfunction Is a Young Man—Worrisome Picture from the Everyday Clinical Practice. The Journal of Sexual Medicine. 2013;10(7):1833-1841. هنا
4. Park B, Wilson G, Berger J, Christman M, Reina B, Bishop F et al. Is Internet Pornography Causing Sexual Dysfunctions? A Review with Clinical Reports. 2020. هنا
5. Study Sees Link Between Porn and Sexual Dysfunction [Internet]. WebMD. 2020 [cited 21 July 2020]. هنا