قرود الكابوشين

تعدُّ قردة الكابوشين (Capuchin Monkeys) من أنواع الحيوانات الماهرة في استخدام الأدوات المتوفرة في بيئتها للحصول على غذائها؛ فترى الواحد منها يلتقط حجارةً بحجم حبة البطاطا، رافعًا إياها إلى ما خلف رأسه، ليهشم بها بكل ما أوتي من قوة حجرًا آخرَ مثبتًا في الأرض، غير عابئٍ بتناثر الفتات الصخري الناتج عن هذه العملية، مركزًا جلَّ اهتمامه على قطعة الحجر الفريدة المصقولة الحادة التي صنعها والتي قد تصلح لتقطيع اللحم أو النبات أو حتى لأغراض أخرى. لقد قلَّد عن غير عمدٍ صنعَ الأدوات البشرية الحجرية التي صنعها الإنسان في غابر الأزمان (1).

ويتميَّز النوع (Cebus capucinus) بأنه من القردة البرية النحيلة والرشيقة التي يغطي رأسها حتى الكتفين شعرٌ أبيض باهت (كريمي اللون)، في حين يطغى اللون البني الداكن على باقي أنحاء جسدها مع اختلاف كثافته؛ إذ يبدو أقصر على الظهر، فيما يتراوح لون وجهها بين الأبيض والوردي. أمّا ذيلها فهو طويل بما يكفي ليُعِينَها في تسلق الأشجار والتعلق بأغصانها. تعيش هذه القرود في مجموعات كبيرة (10 إلى 35 فردًا في كل مجموعة) في أمريكا الوسطى والجنوبية، حيث يتوفر غذاؤها، كذلك يمكنها التكيف لتعيش في مناطق مأهولة بالبشر، وتتواصل بعضها مع بعض عن طريق إصدار أصوات خاصة، إضافةً إلى قدرتها على القفزَ مسافةً تصل حتى 3 أمتار، لا سيما في أثناء تنقُّلها بين الأِشجار. وهي حيوانات ذكية وسهلة التدريب ما سمح بالاستعانة بها في بعض البلدان المتقدمة لمساعدة مرضى الشلل الرباعي (2).

أما أكثر الحقائق المثيرة عن هذه القردة؛ فهي قدرة أنواعٍ منها كالنوع (Sapajus libidinosus) على صنع أدوات حجرية تساعدها على الحصول على غذائها المتضمن أنواعًا مختلفة من الجوز (المكسرات)، لا سيما أنّ مثل هذه الثمار تحتاج إلى جهد للوصول إلى لب الثمرة. وقد وجدت إحدى الدراسات أنها قادرة على تمييز طور نضج الثمرة وتكييف سلوكها الغذائي تبعًا لذلك، فهي مثلًا تختار الحجارة الكبيرة لكسر قشرة جوز الكاجو حتى لو كانت طرية بهدف تجنُّب ملامستها للمادة الكاوية في قشرة الثمرة والوصول إلى الغذاء مباشرةً (3).

المصادر: