الفلسفة وعلم الاجتماع > علم المنطق والأبستمولوجيا
«مغالطة المراوغة» أو «الالتباس المعجمي - Equivocation» أو «المعنى المزدوج - Double Meaning»
لأن الحوار أصبح النهج المُتَّبَع في عالمٍ أساسه التواصل وغايته الإقناع؛ تصبح الحجة وسيلَته، ولكن يقع كثيرٌ من المحاورين في مغالطاتٍ منطقيةٍ في أثناء تقديمهم الحجج إما جهلًا وإما عمدًا بهدف التضليل وخداع المتلقّي بصحة الحجة الخاطئة. نقدم لكم سلسلة المغالطات المنطقية.
تحدث «مغالطة المراوغة» أو «الالتباس المعجمي - Equivocation» أو «المعنى المزدوج - Double Meaning» عندما يكون لتعبيرٍ ما أكثرُ من معنىً محتمل؛ أي عندما تكون للكلمات التهجئة واللفظ نفسهمها ولكن يشار بهم إلى معانٍ مختلفة، ويستغلُّ المُغالِط هنا ضبابية بعض المصطلحات اللغوية "المرنة" لتحوير الموضوع عن القضية الفعلية (2). وتُستخدم إما بالتصريحِ المباشر أو عن طريق إعادة صياغة حجة الشخص الآخر باستخدام مصطلحاتٍ غامضةٍ لا تدل على ما يقصده هذا الشخص، ومن ثم مواجهة الشخص ومحاسبته بناءً على تلك الصياغة (1).
يمكن حدوث الالتباس نحْويًا عندما تكون الكلمة ذات معنىً مختلفٍ بحسب موقعها من الجملة، ولكن من السهل الكشف عن الاختلاف النَّحْوي من هذا النوع من خلال تحليل الجملة ككل، كتحليل معنى كلمة (قانون): في هذا المثال يمكن بسهولةٍ كشف المغالطة فيما إذا كان القصد من القانون التشريعَ السياسي أم نظريةً علميةً مُثبتَة.
- هناك قوانين للطبيعة.
- وهناك قوانين للبلاد تختلف من مكانٍ إلى آخر (2).
لكن الصعوبة تكمن في الكلمات التي تتضمن معانٍ متعددةٍ وتعريفاتٍ مختلفةٍ لمصطلحٍ واحدٍ يُختلَف فيه بين الناس، أو عامٍّ وفضفاضٍ بشكلٍ كبيرٍ فيُضلِّل المُستمع، وتحدث المغالطة عندما يكون من غير الواضح ما هو المقصود من هذا التفسير في سياق المناقشة.
أمثلةٌ عن مغالطة «المراوغة»:
بعض الأمثلة البسيطة التي يمكن أن تواجهنا يوميا:
· نظرية التطور ليست صحيحةً لأنها نظرية، وبذلك تكون غير مُثبتَة.
المغالطة هنا تكمن في مصطلح "نظرية"، الإشكالية تكمن في عدم التفريق بين النظرية العلمية المُبرهنَة القائمة على أدلةٍ وتجاربَ يمكن اختبار صحتها؛ وبين النظرية بمعناها اليومي والعمومي التي تُعبِّر عن "الكلام النظري" وتخمينٍ غير مُؤكَّد.
· نصحني أحدهم أن أدرسَ المنطق لأنه يُعلِّم كيفية الجدل، لكنني أعتقد أن الناس يتجادلون كثيرًا لذلك لا أعتزم دراسته، بل إنني أعتقد أنه يجب ألا يُدرَّسَ البتة لأنه سيزيد التوتر في المجتمع.
والمغالطة هنا بسبب تغيُّر معنى كلمة "الجدل"؛ إذِ استُخدمَت في المرة الأولى بمعنى "المحاججة" أو استعمال الأدلة والاستدلال الصحيح"، واستُخدمَت في المرة الثانية بمعنى "التناحر أو الجدل الصاخب بين الأفراد".
ومن أحد أصنافها؛ «مغالطة التباس الحد الأوسط»، مثالٌ عليه:
كل قانونٍ يجب أن يُطاع..
قانون الجاذبية هو قانون..
إذن؛ يجب أن نطيعَ قانون الجاذبية (4).
كيفية تجنب «مغالطة المراوغة»:
لتجنب الوقوع في هذه المغالطة من قبل الطرفين؛ يجب تحديد المصطلحات على نحوٍ واضحٍ وملائمٍ وتعريفها، ولكشف أي نوعٍ من المراوغة للمصطلح المعني؛ يمكن استخدام الخطوتين الآتيتين:
- حدِّد أولًا الكلمة أو العبارة التي تغير معناها.
- أعد صياغة الجملة باستخدام كلماتٍ أو عباراتٍ مختلفة.
2. Knachel M. Chapter 2 Informal Logical Fallacies. In: Fundamental Methods of Logic. Milwaukee: University of Wisconsin; 2017. p. 57–8.
3. Logical Fallacies 101: Equivocation- Who's Equivocating? [Internet]. Southern Evangelical Seminary; 2020. Available from: هنا
4. مصطفى، عادل. 2007. المغالطات المنطقية: طبيعتنا الثانية وخبزنا اليومي: فصول في المنطق غير الصوري. الطبعة الثانية. القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة. ص 196