«المذهب الإنساني» أو «الإنسانوية - Humanism»

أُطلِقَ هذا المصطلح في الأصل على الحركة الفكرية التي شهدها عصر النهضة الأوروبية في القرن السادس عشر، فبعد أن كان مفكرو العصور الوسطى لا يرون موضوعًا جادًا للتفكير فيه سوى موضوع سُبُل النجاة والخلاص من الآخرة؛ سعى مفكرو النهضة إلى تذكير الإنسان بوجود الحاضر والاهتمام بالحياة الدنيا، ومن ثم كانت الدعوة إلى التخلص من سلطة الكنيسة وإلى الاعتداد بالفكر الإنساني ومقاومة الجمود والتقليد؛ أي أنها تمثَّلت في تقديم التفكير في الإنسان على التفكير في الإله (3).

أما الاستخدام المعاصر للمصطلح فقد تبلوَر وأصبح له معنىً أكثر تحديدًا بدأ يكتسبه في خلال القرن التاسع عشر وكانت له ملامحُ بارزةٌ ومتَّفقٌ عليها من قِبَل معظم الإنسانويين (4)؛ وهي:

• العلم والعقل: أي الاعتماد على العلم في تفسير العالم والفهم الطبيعي له؛ أي أن نعلِّله عبر المنطق والتجربة، بعيدًا عن التفسيرات الدينية أو الخارقة للطبيعة، وأنَّ أي فهمٍ للعالم يجب أن يُبنَى على الأدلة العلمية (1,2)، وأنَّ جميع المعتقدات لا تقبل التقديس ويجب أن تخضع لدراسةٍ عقلانية (4).
• القيم الأخلاقية: يقولون بإنسانية الأخلاق؛ أي أنَّ الأخلاق يجب أن تُبنَى على كلٍّ من القيم الإنسانية والتعاطف والمعرفة العلمية، وتركِّز على قيمة الإنسان، وأنَّ مرشد الأعمال الأخلاقية هو العقل (1,2)، وتُستمَّد عبر دراسة الطبيعة البشرية وما يساعد حياة هؤلاء البشر على الازدهار (4).
• الغائيَّة ومعنى الحياة: تكون بالتركيز على الغايات الدنيوية، وأنه يجب عدُّ هذه الحياة وكأنها الوحيدة التي سوف تُعاش؛ أي لا يوجد حياةٌ أخرى بعد الموت، وبذلك تكون الحياة من أجل الإنسان وتحقيق إنسانيته ومن أجل تحقيق المصير المشترك للبشرية، وأنَّ معنى الحياة والهدف منها هو ما يعطيه الإنسان لها؛ إذ أنَّ غائيَّته لا تسبق وجوده وغير محددةٍ مسبقًا (1-4).

المصادر: