الطبيعة والعلوم البيئية > زراعة
زراعة الأنسجة النباتية
شهدت الدراسة المخبرية للجوانب المختلفة من نمو النبات تطوراً سريعاً في خلال الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين(1)، وذلك بالاستفادة من تعبير النباتات الناشئة عن الخلايا عن القدرة الخلوية الكامنة لهذه الخلايا؛ إذ يُمكن أن تُنتج كلُّ خلية تحتفظ بقدرةٍ كامنة نباتاً كاملاً؛ وهي خاصية تُميِّز خلايا الأنسجة الفتية والميرستيمية (2).
وتُشير زراعةُ الأنسجة النباتية إلى العلم المهتم بزراعة الخلايا والأنسجة والأعضاء النباتية المعزولة عن النبات الأم على أوساط اصطناعية، من خلال تقنياتٍ لعزل المادة النباتية واستزراعها ومعالجتها في أنابيب الاختبار في المختبر (2).
استُخدِمت زراعة الأنسجة على نطاق واسع للحصول على نباتاتٍ خالية من الأمراض الفطرية والجرثومية والفيروسات، وتتميَّز هذه التقنية بمعدل إكثارٍ عالٍ في خلال مدة زمنيةٍ قصيرة نسبياً، وحاجته إلى مساحةٍ أقلّ بَدءاً بجزء نباتي واحد يُعزَل عن النبات الأم دون التسبب بإتلافه، إضافةً إلى إمكانية إنتاج هذه النباتات على مدار العام.
كذلك أثبتت هذه التقنيةُ فعاليتها عند النباتات الصعبة والبطيئة الإكثار، والنباتات المهددة بالانقراض (1)، فقد طور علماء معهد (The Boyce Thompson Institute) زراعةَ الأنسجة في أنابيب الاختبار، ونقلوا النباتات المزروعة في المختبر إلى الغابات في ولاية نيويورك لدراسة سبب تدهور هذه الأنواع النباتية، وتمكَّنوا في ستة أشهر من إنتاج (1013) نبات من أصل 35 تعداداً أولياً فقط (3).
ويمكن أيضاً استخدام هذه التقنية في التحسين الوراثي للنباتات للأغراض التجارية، والحصول على نباتات أحادية الصيغة الصبغية لبرامج التربية، وأيضاً تُتيح تجميدَ الأنسجة النباتية وحبوب اللقاح ثمَّ إكثارها (1).
ومن شروط نجاح هذه الزراعة أنه يجب إبقاء مزارع الأنسجة النباتية في ظروف معقَّمة حيث تتنافس معظم أنواع الكائنات الحية الدقيقة -وخصوصاً الجراثيم والفطريات- سلبياً مع المواد النباتية التي تنمو في المختبر (2).
وتنقسم عملية الزراعة عادةً إلى عدة مراحل؛ تشمل:
- التحضير للزراعة: من خلال الصيانة المناسبة للنباتات الأم في البيت البلاستيكي تحت ظروف خالية من الأمراض والحشرات مع الحد الأدنى من الغبار.
- البَدء بالزراعة المعقَّمة؛ إذ يُعقَّم الجزءُ النباتي المفصول والذي يعتمد اختياره على طريقة الإكثار المتبعة -في المحاليل الكيميائية (عادة الكحول)-، ويُزرع على سطحِ مُستنبَتٍ صلبٍ أو سائل، في ظروف التعقيم تحت الهواء المفلتر. علماً أن الوسائط الصلبة والسائلة تتكوَّن عموماً من أملاح غير عضوية إضافةً إلى بعض العناصر الغذائية العضوية والفيتامينات ومواد التنسيق النباتية. ويتشابه تحضير الأوساط الصلبة مع السائلة، عدا عن إضافة عامل التبلور وهو الآجار النقي عادةً.
- إكثار الزراعة: وتُعدُّ المرحلةُ الأهمُّ التي تُحدِّد معدلَ الإكثار؛ إذ تُقطَع الأجزاء النامية وتُنقَل إلى أوساط جديدة لتسمح للنمو أو تغيير شكل الزراعة.
- تجذير النموَّات في المختبر: إذ تفتقر النموات الناتجة إلى نظام جذري، لذا؛ تُنقَل إلى وسطِ تجذيرٍ ليحرِّض نموَّ جذورها.
- أقلمة النباتات التي تتطلَّب معالجةً دقيقةً لإعدادها تدريجياً للبقاء في تربة الحقل، لذا؛ توضع على الفور تحت رطوبة عالية وتوفِّر لها الظروف المثلى داخل البيوت البلاستيكية (1).
يُعدُّ تكوينُ وسط الزراعة -وخصوصاً مواد التنسيق النباتية (كالأوكسينات والسيتوكينينات) ومصدر النيتروجين (أملاح نترات الأمونيوم أو الأحماض الأمينية)- ذا تأثيرٍ عميقٍ على مورفولوجيا (شكل) الأنسجة التي تنمو من الأجزاء النباتية المفصولة. فعلى سبيل المثال؛ ينتُج عن زيادة الأوكسين في كثير من الأحيان تكاثر الجذور، في حين أن زيادة السيتوكينين قد تنتِج نمواتٍ خُضرية. فيما غالباً ينتُج عن توازن كلٍّ من الأوكسين والسيتوكينين نمواً غير منتظم للخلايا (الكالس _ Calus). كذلك يمكن باستخدام التركيز الأمثل للسيتوكينين أو مزيج من السيتوكينين والأوكسين كسر سكون البراعم الإبطية (1).
تُستخدَم عموماً في زراعة الأنسجة ثلاثُ طرائق رئيسة؛ وهي: الإكثار الخضري الدقيق، والتكوين العضوي، وتكوين الأجِنّة (1). ويعدُّ الإكثار الخضري الدقيق أحد أشهر تقنيات زراعة الأنسجة، إذ يؤدي إلى تضاعف سريع للمواد النباتية وإنتاج كمية كبيرة من النباتات المطابقة للأصل (1).
كذلك تتعدَّد أنواع زراعة الأنسجة النباتية، وتتضمن:
- زراعة القمم النامية والميرستيم: الذي تُعزل فيه قمة نامية صغيرة جداً مع بداءات الأوراق أو دونها.
- زراعة العقد المفصولة من البراعم الجانبية.
- زراعة الجذور، والأجنة المخصبة وغير المخصبة، والخلايا المفردة المفصولة في المختبر.
- زراعة الكالس: الذي ينشأ من النمو غير المنتظم للأعضاء أو الأنسجة النباتية أو الخلايا المزروعة سابقاً.
- إضافةً إلى زراعة المُعلَّق الخلوي أو (كتلة الخلايا النباتية المنتشرة وسط سائل).
- زراعة البروتوبلاست (Protoplast): التي تشمل الخلايا النباتية بعد عزل جدارها الخلوي.
- زراعات المآبر وحبوب اللقاح: للحصول على نباتات أحادية الصيغة الصبغية (2،1).
ويُؤخَذ على تقنية زراعة الأنسجة كلفتها العالية؛ الأمر الذي يحدُّ من استخدامها؛ إذ يمكن أن تزيد تكلفة العمالة فيها عن 70٪، كذلك لا يمكن نجاح زراعة جميع الأنسجة في كثير من الأحيان لأن الوسط المناسب للنمو غير معروف أو لاحتمال إنتاجِ الأجزاء النباتية نواتج استقلابٍ كيميائية ثانوية قد تتلِف الجزء النباتي المفصول (1).
قد يكون من المجدي التفكير بخيار زراعة الأنسجة. ولكن حتى الآن؛ لم تُبذَل جهود واسعة النطاق في هذا المجال على الرغم من التأكيد بأن زيادة التعداد من خلال زراعة الأنسجة هو خيار قابل للتطبيق.
المصادر
1. George E, Hall M, Klerk G. The background. Dordrecht: Springer; 2008 [cited 2 May 2020]. Available from: هنا
2. (PDF) General Techniques of Plant Tissue Culture [Internet]. ResearchGate. 2020 [cited 2 May 2020]. Available from: هنا
3. Threatened plant gets boost from biotech lab: Woodland agrimony can be propagated by tissue culture for conservation studies [Internet]. ScienceDaily. 2020 [cited 2 May 2020]. Available from: هنا