الكيمياء والصيدلة > كيمياء
المقصَّات الجينية؛ أداة لإعادة ترميز الحياة!
تشاركت إمانيويل تشاربينتير (Emmanuelle Charpentier) وجينيفير أ. دودنا Jennifer A. Dounda)) جائزةَ نوبل في الكيمياء صباح اليوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2020؛ وذلك عن اكتشافهما إحدى ألمع تقنيات التعديل الجينية (CRISPR/Cas9) القاصّة للجينات؛ وهي التي مكَّنت الباحثين من تعديل (DNA) الحيوانات والنباتات والأحياء الدقيقة أيضًا، وبدقة عالية جدًّا.
وقد كان لهذه التقنية تأثير كبير في العلوم؛ إذ دخلت في علاجات جديدة للسرطانات، وربما قد تكون الأمل الجديد في علاج الأمراض الموروثة (1).
ماذا يُقصد بتعديل الجينات؟ وما تقنية الـ (CRISPR/Cas9)؟
التقنيات المُعدِّلة للجينات؛ هي مجموعة من التقنيات التي تسمح للعلماء بتغيير الحمض النووي لكائنٍ ما؛ وذلك بإضافة مادة نووية أو إزالتها أو تعديلها في مناطق متعددة من الجينات (2).
وتُعدُّ (CRISPR/Cas9) من أحدث هذه التقنيات، وهي أداة مخبرية تُستخدم لتعديل أجزاء من (DNA) الخلية عن طريق استخدام جزيء (RNA).
إذ يُؤخذ جزيء (RNA) ذو تسلسل قصير ومصمم -خصيصًا- لإرشاد الأنزيم المدعو (Cas9) إلى تتالٍ مُعيَّن من الـ DNA؛ ليؤدي هذا الأنزيم دورَه في اقتطاع سلاسل الـ (DNA) عند نقطة معينة، فيُزيل جزءًا صغيرًا من الـ (DNA) مُنتِجًا فراغًا فيه يمكن ملؤه بجزء (DNA) آخَر (2,3).
وبإثباتٍ مستمرٍ بأن العلم كلٌّ واحد لا يتجزأ؛ تجدر الإشارة إلى أن هذه التقنية استُلهمت من عملية تعديل للجينات تحدث عند البكتيريا على نحو طبيعي!
إذ وُجد أن البكتيريا تحتجز أجزاء من (DNA) الفيروس الذي يهاجمها، وتستخدمها منأجل اصطناع أجزاء (DNA) تدعى مصفوفات الـ (CRISPR)**؛ وهي التي بدورها تسمح بتذكُّر الفيروس والفيروسات المشابهة عند قدومها مرة أخرى. وعندما تهاجم الفيروسات في المرة التالية؛ تُنتج البكتيريا أجزاء (RNA) من مصفوفات الـ (CRISPR) لاستهداف (DNA) الفيروس، ثم تستخدم أنزيمَ (Cas9) (أو أنزيمًا آخرَ مشابهًا له) لاقتطاع (DNA) الفيروس؛ فيتوقف عمله (2).
وتحديدًا؛ كانت إمانويل تدرس جراثيم العُقديّات المقيحة (Streptococcus pyogenes) عندما اكتشفت الآلية السابقة، ونشرت بحثَها عام 2011، لتبدأ تعاونًا مع جينفير؛ اختصاصية الكيمياء الحيوية وخبيرة مجال الـ (RNA) في السنة ذاتها.
وقد نجحتا معًا في إعادة اصطناع القاصات الجينية المشاهَدة لدى البكتيريا في أنابيب الاختبار، وفي تبسيط محتويات القاصات الجزيئية ليصبح استخدامُها أسهل (1).
تمتاز هذه الطريقة بأنها أسرع من طرائق تعديل الجينات الأخرى وأرخص ثمنًا منها، فضلًا عن كونها أكثر دقة وكفاءة؛ ما جعلها ثورة في المجتمع العلمي (2).
وتجدر الإشارة إلى أن الاختبارات مقتصرة على الخلايا -في المختبر- والحيوانات حتى الآن، ولا تزال الأبحاث قائمةً فيما يتعلق بمأمونية هذه الطريقة وفعاليتها لاستخدامها لدى البشر(2).
وتفتح هذه التقنية أبوابًا واسعة من الأمل؛ بَدءًا بعلاج الأمراض المُسبَّبة بخلل في مورثة واحدة (كالناعور والتليف الكيسي والخلايا المنجلية)، وصولًا إلى علاجات أمراض أكثر تعقيدًا كالسرطانات وأمراض القلب وغيرها (2).
**Clustered Regularly Interspaced Short Palindromic Repeats.
المصادر :