الطب > السرطان

وداعًا للخوف من استئصال الثدي بعد الآن

يُشكِّل استئصالُ الثدي خطوةً وقائيةً تارةً وطوقَ نجاةٍ تارةً آخرى فيما يتعلق بمواجهة السرطان؛ فهي خطوة مقلقة عند السيِّدات لما تحمل من خوفِ فقدان ركن أساسيٍّ من أنوثتهن، إلا أنَّ الحلَّ أصبح ممكنًا وفي متناول الأيدي.

إن عملية إعادة بناء الثدي (breast reconstruction) هي إجراء جراحي يُعاد من خلاله هيكلة شكل الثديين بعد الاستئصال (1)، ويمكن أن يُعادَ بناء الثديين تزامنًا مع الاستئصال فيما يُسمى إعادة البناء الفورية (immediate reconstruction)، أو تجرى بعد أن تلتئم جروح الاستئصال وإتمام علاج سرطان الثّدي وتُسمَّى حينها إعادة البناء المؤجَّلة (Delayed reconstruction)، إذ يمكن أن تستغرق عمليّة إعادة البناء أشهر أو حتى سنوات (2)، وعادةً ما تتطلَّب عمليتين أو أكثر (1).

ترنو عملية إعادة بناء الثديين إلى أمرين أساسيَّين هما تحقيق نتيجة مُرضية علاجيًّا فيما يتعلق بالسرطان، وتحقيق نتيجة جماليَّة مُرضية أيضًا على المدى الطويل، وهناك عدة طرائق لتحقيق ذلك إما بطرائق غَيريّة باستخدام الطعوم Heterologous, i.e., implant-based, breast reconstruction (IBR) (3) (غرسات ملحية أو غرسات السيليكون) (2)، وإما بإعادة بناء الثدي الذاتيّة autologous breast reconstruction (ABR) (3) (أنسجة من مكانٍ آخر من الجسم) (2). وفي المرحلة الأخيرة من إعادة بناء الثدي؛ يمكن إعادة تكوين الحلمة والهالة على الثدي المعاد بناؤه إذا لم يُحافَظ عليهما في أثناء الاستئصال، كذلك يمكن إجراء جراحة على الثدي المقابل ليتطابق الثديان في الشكل والحجم (2).

هناك نوعان من جراحة إعادة البناء؛ وهما: الغرسات والشّرائح. وتكون إعادة البناء باستخدام الغرسات عمليةً سهلةً جراحيًّا وأسهل للتعافي مقارنة باستخدام الشرائح؛ فعادةً ما تكون أكثر صعوبة في الجراحة وتستغرق وقتًا أطول للتعافي، ولكن مع مرور الوقت؛ تُصبح الغرسات أكثر عُرضة للمشكلات لاحقًا على عكس الشرائح التي تبدي أداءً أفضل مع مرور الوقت. ويعود الاختيار إلى ما يناسب كلَّ امرأة على حِدة (4).

أولًا: إعادة البناء باستخدام غرسات الثدي:

تكون الغرسات مكوّنة من غلاف سيليكون بشكل مستدير أو بشكل قطرة الدمع، وتكون إما مملوءة بسائل ملحي وإما بهلام السيليكون. وقد كان استخدامهما مقيّدًا لأسباب تتعلق بالسلامة، في حين أصبح يعدُّ هلام السيليكون حاليًّا آمنًا (1)، كذلك يحتاج جرَّاح التجميل إلى كمية مناسبة من الجلد المحيط بالثدي ليتمكّن من وضع الغرسة وإعادة البناء (5).

يمكن البَدء بإعادة البناء الفورية بعد الاستئصال إذا توفر ما يكفي من الجلد ومساحة كافية تحت جلد عضلات الصدر(5)، إذ يضع الجراحُ الغرسة إما أمام العضلة الصدرية وإما خلفها، وعادة ما تُستخدم مِسنَدة جلدية خلوية دعامةً للزرع أمام العضلة، إلا أن الجسم يستبدل بها الكولاجين لاحقًا (5+1).

من ناحية أخرى، هناك عملية شائعة ذات خطوتين تدعى عملية تمديد الأنسجة، يضع فيها الجرَّاح في الخطوة الأولى جهازًا موسعًا للأنسجة، يعمل على مدار عدة أشهر للتمديد، لتُستبدل الغرسةُ الدائمة به بعد تضخمه بالكامل، كذلك يمكن إعادة بناء الحلمة والهالة في الوقت نفسه أو من خلال جراحة منفصلة لاحقًا (5).

الزرع أمام العضلة الصدرية

الزرع خلف العضلة الصدرية

إعادة بناء حلمة الثدي وهالته

ثانيًا: إعادة البناء باستخدام شرائح نسيجية:

تُستَخدم أنسجةٌ من جزء آخر من الجسم لإعادة بناء الثدي، إذ تحتوي الشريحة على الجلد والنسيج الشحمي والأوعية الدموية التي تمدُّ النسيجَ بالدم والمغذيات، ويمكن الاستعانة أحيانًا بنسيج عضلي لضمان التروية الجيدة، وعادةً ما يلجأ الأطباء إلى نسيج من جدار البطن المروّى بالأوعية الشرسوفية أو الفخذين أو الأرداف (5)، إلا أنَّ عمليات كهذه تتطلب مهارات جراحيّة قد لا تكون متوفرة في جميع المراكز الطبيّة أو المناطق الجغرافيّة (4). ولكنَّ إعادة البناء باستخدام شرائح نسيجية قد تؤدي إلى بعض الاختلاطات كتنخُّر (تموُّت) الأنسجة المنقولة، كذلك قد تكون الجلطات الدموية أكثر حدوثًا في بعض أنواع الشرائح، إضافةً إلى الألم في الموقع الذي أُخِذَ النسيج المانح منه، وأيضًا تؤدي السمنة والتدخين والداء السكّري إلى زيادة حدوث الاختلاطات (3).

أخيرًا يبقى هناك سؤال يراودنا: هل تؤثر عملية إعادة ترميم الثدي في معدل نكس السرطان؟

أظهرت الدراسات أنّ إعادة بناء الثدي لا تزيد فرص نكس السّرطان، كذلك يمكن إجراء صورة شعاعية للثدي الآخر في حال الاستئصال الأحادي الجانب بانتظام (2).

وختامًا تجدر الإشارة إلى أنَّ جراحة الترميم تُشكِّل بارقة أمل لمحو هاجس الخوف تجاه استئصال الثدي، ولكن من المهم الحفاظ على صورة واقعيّة لما بعد الجراحة والتمسّك بالتفاؤل والعزيمة لقهر المرض واستعادة الصحة..

المصادر:

1. Breast reconstruction with implants. [Internet]. Mayo Clinic. 2019. (cited 27 jun 2020). Available from: هنا

2. Breast Reconstruction After Mastectomy. [Internet]. National Cancer Institute. 2017. (cited 27 jun 2020). Available from: هنا

3. Bernd Gerber,  Mario Marx,  Michael Untch. 2015. Breast Reconstruction Following Cancer Treatment. Deutsches Ärzteblatt International. Available from: هنا

4. Types of Breast Reconstruction. [Internet]. BreastCancer.org. 2020. (cited 27 jun 2020). Available from: هنا

5. Breast Reconstruction for Breast Cancer. [Internet]. NYU Langone Health. (cited 27 jun 2020). Available from: هنا