ما تأثير النشاط البدني في نمو الأطفال؟

تتسم فترة الطفولة الباكرة (أصغر من 5 سنوات) بالتطور الجسدي والإدراكي السريع، وأيضًا بأنها الفترة المفتاحية لتكوين العادات لدى الطفل؛ إذ قد تؤثر السلوكيات التي تتطور في المراحل المبكرة من الحياة على مستوى النشاط البدني ونمطه لاحقًا، فيمكن لإتاحة الفرصة للطفل بأن يمارس ألعابًا ونشاطات تسمح له بالحركة أن يسهم في تطور المهارات والقدرات الحركية إضافة إلى مساعدته في استكشاف البيئة المحيطة به. 

لوحظ وجود تأثيرات إيجابية لممارسة الأطفال الصغار للنشاط البدني، تَطال هذه التأثيرات مؤشرات مختلفة للصحة كالسمنة، وصحة العظام والعضلات الهيكلية، وصحة القلب والاستقلاب، وتطور المهارات الحركية والإدراكية. ومنه فقد وُجِد أن لقلَّة النشاط والجلوس فترات طويلة في الطفولة تأثيرات ضارة في الصحة؛ كزيادة الوزن والإصابة بأمراض القلب والأوعية وأمراض العظام (1,2). 

من الواضح أن للتقدُّم الذي يحدث في مجالات التكنولوجيا دورًا في نمط الحياة الذي نعيشه ويعيشه الأطفال الآن، وهو الذي يتصف بالسكون وقلة الحركة؛ إذ يختلف الأطفال الذين نراهم حاليًّا عن الأطفال منذ 20 عامًا؛ فالأطفال اليوم وزنهم أكثر ومشعر كتلة الجسم (*BMI) لديهم أعلى مقارنة بأقرانهم من الجيل السابق. علاوةً على ذلك، فقد تبين أن تطور الأمراض المزمنة يبدأ منذ الطفولة والمراهقة -على الرغم من أنها تتظاهر عمومًا عند البالغين-؛ وبذلك فإن الترويج للسلوكيات الصحية لا بد من أن يبدأ في المراحل الباكرة من الحياة؛ إذ تتزايد الأدلة التي تسلط الضوء على التأثيرات الطويلة الأمد للنشاط البدني عند الطفل في المراضة والوفيات في سن الرشد، فضلًا عن تأثيراته الآنية في الصحة (3).

كذلك تعدُّ المراحل الباكرة من الطفولة أكثر المراحل حساسيةً من حيث التطور الدماغي، وقد أشارت العديد من الدراسات إلى الدور الذي يؤديه النشاط البدني في تطوير القدرات الإدراكية كالانتباه، والذاكرة، والسلوك في الصف، والإنجاز الأكاديمي (4). 

لتحقيق أكبر فائدة لا بد من جعل النشاط البدني جزءًا من نمط الحياة من خلال المشي مع الطفل بدلًا من ركوب وسائل النقل، ومكافأته بأخذه إلى الحديقة بدلًا من مشاهدة التلفاز، وإشراك كامل الأسرة بالأنشطة المختلفة (5). 

أما الرضع؛ فيمكن تحقيق أكبر قدر من النشاط من خلال اللعب التفاعلي على الأرض، ويشمل ذلك 30 دقيقة على الأقل (على نحو متفرق في خلال النهار في أثناء الاستيقاظ) في وضعية الاستلقاء على البطن، كذلك يجب الامتناع عن تقييد الرضيع (في العربات أو الكراسي..) مدة تزيد على الساعة على نحو متواصل (1). 

في الختام؛ نعود لنذكر أهمية النشاط البدني في الأعمار الصغيرة؛ إذ تتجاوز فوائدُه النواحي الجسدية، لتطال النواحي النفسية والاجتماعية والعاطفية (2). 

*مشعر كتلة الجسم (Body Mass Index): يُستخدَم مقياسًا لتحديد إذا ما كان وزن الفرد صحيًّا ومناسبًا لطوله. يُحسَب بتقسيم الوزن (بالكيلوغرام) على مربع الطول (بالمتر)، ويتراوح المجال الطبيعي له من 18.5 إلى 24.9 (6).

المصادر: