الطب > مقالات طبية
اعتلال الكلى السكري الصامت
تُصفِّي الكلى كل 30 دقيقة دم الجسم كله لإزالة الفضلات والسموم والسوائل الزائدة، فهي تساعد في التحكم في ضغط الدم وتحفيز إنتاج خلايا الدم الحمراء والحفاظ على صحة العظام وتنظيم المواد الكيميائية في الدم التي تحتاج إليها للعيش، وتتكون كل كلية من ملايين المرشحات الصغيرة التي تسمى النيفرون(1).
يعاني 1 من كل 3 بالغين مصابين بداء السكري مرضَ الكلى المزمن، إذ يمكن أن يتسبب داء السكري من النوع 1 والنوع 2 في الإصابة بأمراض الكلى(1)، ويُعدُّ اعتلال الكلية السكري السبب الأكثر شيوعًا لمرض الكلى المزمن في جميع أنحاء العالم، ويتميز اعتلال الكلية السكري بفترة طويلة من الصمت السريري دون ظهور علامات أو أعراض المرض، ويُطوِّر ربع مرضى الداء السكري من النمط الأول قصورًا كلويًّا انتهائيًّا(2)، وتُعدُّ عوامل خطر الإصابة باعتلال الكلى السكري كلًّا من الاستعداد الوراثي وضعف التحكم في نسبة السكر في الدم، إضافة إلى العمر الأكبر، والجنس الذكري، ومدة مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، والتدخين(3).
وقد عُثِر على تغييرات في وظائف الكلى وهيكلها حتى في بداية مرض السكري، وتسمح الدراسات التي أجريت على مدى العقد الماضي الآن بتحديد سلسلة من المراحل في تطور التغيرات الكلوية في مرض السكري، تبدأ بالمرحلة الأولى التي تتميز بفرط وظيفي وتضخم مبكران(4)، إذ إن أول آفة كبيبية يمكن اكتشافها هي سماكة الغشاء القاعدي الكبيبي؛ التي يمكن ملاحظتها في وقت مبكر بعد عامين من ظهور داء السكري من النوع الأول، وكذلك ظهور هذه الآفات في مرضى السكري من النوع الثاني أكثر تنوعًا، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أن وقت البداية البيولوجية لمرضى السكري من النوع الثاني غير معروف في كثير من الأحيان(5).
أما المرحلة الثانية فتتطور بصمت على مدى سنوات عديدة وتتميز بآفات مرضية دون ظهور علامات المرض السريري، ومع ذلك، فإن اختبارات وظائف الكلى وخزعة الكلية تكشف عن تغييرات مرضية (4) عن طريق المرحلة الصامتة سريريًّا، تظهر نسبة كبيرة من المرضى فرط رشح كلوي ثانوي لارتفاع الضغط داخل الكبيبة (2)، وتتطور بيلة الألبومين الدقيقة(Microalbuminuria) (5)، التي تعرف بمعدل إفراز ألبومين قرابة 20 ميكروغرام/ دقيقة، وقد ثبت أنه مرتبط بتوسع الغشاء القاعدي الكبيبي، نتيجة لذلك توصي جمعية السكري الأمريكية والجمعية الدولية لأمراض الكلى بإجراء فحص سنوي لبيلة الألبومين وكذلك قياس معدل الرشح الكبيبي المقدر (eGFR) لتحديد ومراقبة اعتلال الكلى (2).
أما المرحلة الثالثة التي تعرف باعتلال الكلية السكري الأولي، هي مقدمة لاعتلال الكلية السكري الصريح، وتتمثل مظاهره الرئيسية في زيادة إفراز الألبومين البولي إفرازًا غير طبيعي، الذي يبدو أنه يتراوح بين 15 و 300 ميكروغرام / دقيقة.
المرحلة الرابعة هي اعتلال الكلية الصريح السكري، وهو الكيان الكلاسيكي الذي يتميز بالبيلة البروتينية المستمرة (> 0.5 غرام / 24 ساعة)، عندما يُترك ارتفاع ضغط الدم المصاحب دون علاج.
وأخيرًا ما نطرأ المرحلة الخامسة هي المرحلة النهائية من الفشل الكلوي (end-stage renal failure) أو ESRD مع ارتفاع البولة في الدم بسبب اعتلال الكلية السكري).
بعد تطور البيلة البروتينية، سيُطوِّر نصف المرضى فشلًا كلويًّا انتهائيًّا ESRD خلال 7-10 سنوات(3)، لذلك هناك حاجة ملحة إلى طرائق محسنة للكشف المبكر عن أسباب الإصابة الكلوية ومعالجتها، فينصح بعدد من التوصيات عن طريق عديد من الدراسات مثل الحفاظ على ضغط الدم أقل من 140/90 ملم زئبقي.
وكذلك المحافظة على تحديد السكر والوصول إلى نطاق آمن من السكر في الدم قدر الإمكان، إضافةً إلى كل من المحافظة على النشاط البدني الذي يسهم في التحكم بضغط الدم ومستويات السكر فيه، وتخفيض الوزن في حال زيادته، وإجراء الفحص الكلوي سنويًّا(1).
وربطت دراسات متعددة تطور اعتلال الكلية السكري مع مستويات حمض البول في الدم ب، واقترحت البيانات المتراكمة أن خفض حمض البول يمنع الفشل الكلوي عند المصابين بالسكري النمط الثاني، لذلك تستخدم مثبطات الناقل المشترك للغلوكوز والصوديوم (PMS) هدفًا علاجيًّا لمنع تطور اعتلال الكلى السكري في مرضى السكري من النمط الأول، إذ يخفف من نسبة الخضاب السكري ويقلل من فرط الرشح الكلوي ليجعله قريبًا من الطبيعي(2).
المصادر:
3- López-Revuelta K, Galdo PP, Stanescu R, Parejo L, Guerrero C, Pérez-Fernández E. Silent diabetic nephropathy. World J Nephrol. 2014 Feb 6;3(1):6–15.Available from: هنا