الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية

الغذاء والسلوك

معروفٌ بالطّبع أنّ خياراتنا الغذائيّة تؤثر في صحتنا الجسديّة، ولكن؛ لتلك الخيارات تأثيرٌ في حالتنا النّفسيّة أيضًا، فمن الممكن أن يُشعرنا الغذاء بالهدوء أو اليقظة أو زيادة الطّاقة، والعكس صحيح أيضًا؛ فمن الممكن أن تؤثر مشاعرنا في خياراتنا وعاداتنا الغذائية، ومن هنا نرى الصلة الوثيقة بين علم النفس والغذاء (1).

اختيار غذائنا على نحوٍ صحيح وتناوله بكمّيات صحيحة أمرٌ ضروري للحفاظ على صحةٍ ونمط حياة جيّدين، وعمومًا؛ هناك فوائد عدة نحصل عليها عند تحسين عاداتنا الغذائية مثل زيادة مستوى الطاقة، وتحسّن الصحة العامة، وسهولة الحركة، وتناسق شكل الجسم، ولكن؛ قد يكون هذا التحسين مهمّة صعبةً في كثيرٍ من الأحيان (1).

 ما العوامل التي تؤثر في سلوكيّات تناول الطّعام لدينا؟

 سنتعرف بداية إلى السبب الرئيس الذي يدفعنا إلى تناول الطعام: عندما يعاني الشخص نقصَ الطاقة، فإن تفاعلًا معقدًا للعمليات الفيزيولوجية سيشير إلى الدماغ بضرورة تناول الطعام، وهنا يشعر الشخص بالجوع، وتشير هذه العمليات إلى أنه يجب إنهاء الاستهلاك عندما يُستهلك ما يكفي من الغذاء؛ أي سيشعر الشخص بالشبع، ومع ذلك؛ قد لا يكون هذا التنظيم هو ما قد حدث فعلًا، بل قد يكون حدث تجاوز لهذا التنظيم؛ ونحن نتكلم هنا عن حالة تناول الشخص الطعام دون الشعور بالجوع أو استمراره في تناول الطعام بعد الشعور بالشبع (2)، ولكن لِمَ قد يحدث ذلك؟ يعتقد الخبراء أنّ هناك عوامل عدة يمكن أن تؤثّر في شعورنا تجاه الطّعام وسلوكنا عند تناوله، ويمكن أن تكون تلك العوامل ثقافيّة أو اجتماعيّة أو عائليّة، أو ربمّا تكون ذات صلة بالحالة الاقتصاديّة أو النّفسيّة (1,2).

من الناحية النفسية؛ يستخدم كثيرٌ من الناس الطّعام وسيلةً للتعامل مع بعض المشاعر كالإجهاد أو الملل أو القلق أو حتى مشاعر الفرح، وعلى الرغم من أنّ استخدام الطّعام بتلك الطّريقة قد يساعد على المدى القصير؛ فإنّه غالبًا ما يؤدي إلى الشّعور بالذّنب لاحقًا، بل يمكن أن يزيد من المشاعر السّلبية، فنحن لا نتعامل عند تناول الطّعام مع العوامل التي تسبّبت لنا بتلك المشاعر، بل قد لا نكون سعداء بالوزن المكتسب والنّاتج عن تناول الطعام بتلك الصّورة (1).

 ويتمثل الاضطراب في العادات الغذائية المؤدية إلى زيادة الوزن والمرتبطة بالحالة النفسية بسلوكيات عدة؛ ففي حالات كثيرة تكون زيادة الوزن تلك نتيجةَ العادات الغذائية السيئة أكثر من كونها نتيجة الإفراط القهري في تناول الطعام، وفي حالاتٍ أخرى؛ يُظهر بعض الأفراد نَهَمًا منتظمًا في تناول الطعام، أي يتناولون كمياتٍ كبيرةً من الطعام على فترات زمنية متعددة مع إحساس بعدم السيطرة على الطعام. ومن الجدير بالذكر أن حدوث العكس وارد أيضًا؛ أي من الممكن وجود ردود أفعال نفسية تتمثل في نقص كمية الطعام المتناول، والتي قد تؤدي إلى سوء التغذية ونقص الوزن، وهناك سلوكيات عدّة قيد البحث؛ مثل تناول الطعام في الليل وإدمان الطعام، علمًا بأنه ليس كل سلوك مرتبط بالطعام هو بالضرورة سلوكٌ ناتج عن وجود اضطراب نفسي (2).

 ويُعدّ الفهم الأفضل للجوانب السلوكية في تناول الطعام أمرًا مهمًّا، ومن المفيد البحث عن المحفزات ومعرفة أساليب العلاج للحد من الإفراط في تناول الطعام بهدف زيادة نجاح النظام الغذائي أو الحث على اختيارات غذائية صحية للأشخاص الذين يعانون زيادةَ الوزن (2).

تتأثّر عمليّة فقدان الوزن إيجابًا عند تغيير طريقة التّفكير بالغذاء، لأنّها تعتمد على نحوٍ أساس على تغيير نمط الحياة، وبذلك قد لا تنجح محاولات فقدان الوزن عند اتّباع نظامٍ غذائيٍّ قصير الأجل. ولذلك، ولأجل نجاحنا في ذلك؛ من المهم الوعي بالدّور الّذي يؤدّيه تناول الطّعام في حياتنا، وتعلّم كيفيّة استخدام التّفكير الإيجابي وإستراتيجيات المواجهة السّلوكية (1).

لنرَ معًا ما يمكننا فعله بهدف تغيير سلوكنا الغذائي لتحقيق هدفنا في إنقاص الوزن (3):

- حدد أهدافك على نحوٍ صحيح: بدلًا من تركيزك على فقدان الوزن، حاول أن يكون هدفك متمثلًا في الحفاظ على التغييرات الغذائية والنشاط البدني اللذين سيؤديان إلى خسارة الوزن مع الوقت.

لتكن أهدافك محددة، وقابلة للتحقيق، ومتسامحة (أي من دون التفكير بشكلها المثالي)، فمثلًا لو كان هدفك "المشي مدة 30 دقيقة يوميًّا" فأنت بذلك قد حققت تلك الشروط في هدفك هذا.

- اتبع أسلوب التشكيل: أي اختر سلسلةً من الأهداف القصيرة المدى التي تقترب بواسطتها من الهدف النهائي أكثر فأكثر (كأن تخفض نسبة استهلاك الغذاء تدريجيًّا للوصول إلى النسبة المطلوبة)، ويمكن إلحاق كل خطوة مُنجزة بمكافأة بسيطة.

- كافئ نفسك بمكافأة فعالة: حاول أن تختار لنفسك مكافأةً ماديةً أو معنويةً بشيء تحبه في الوقت المناسب عندما تنجز أهدافك؛ فالمكافآت الصغيرة المتكررة ذات فعالية أكثر من المكافآت الأكبر، والتي تتطلب جهدًا طويلًا وشاقًّا.

- راقب سلوكك الغذائي ونشاطك البدني: يمكنك تسجيل النتائج التي تحققها لتعرف مدى التزامك، ومراجعتها لتقييم أدائك مع الوقت ولتستمر بتحسين تلك النتائج وعدم تراجعها.

- ابحث عن العوامل المحفزة على تناول مزيدٍ من الطعام واعمل على إبقائها تحت السيطرة: ما عليك إلا أن تغيّر من تلك العوامل لتخدم بها هدفك في تجنب الطعام الزائد، فمثلًا؛ إذا كنت تميل للزيادة في تناول الطعام في أثناء مشاهدة التلفاز، أو إذا عَرض أحدهم عليك الخروج لتناول الطعام في مكان ما؛ فيمكنك هنا التحكم بتلك العوامل المحفزة، كأن تتجنب تناول الطعام في أثناء مشاهدة التلفاز، أو أن تلتقي بالأشخاص في أماكن لا يُقدم الطعام فيها.

يمكن أن يؤدي تغيير الطريقة التي تتبعها في تناول الطعام إلى تسهيل تناول كميات أقل من الطعام دون الشعور بالحرمان؛ مثل تناول الطعام ببطء وتناول كميات جيدة من الخضار والفواكه؛ طريقتان لتشعر بالشبع.

الآن وقد عرفت كيف تغيّر سلوكك الغذائي؛ إليك بعض النّصائح لما يجب فعله (1):

• لا تتجاوز وجبات الطعام.

• حافظ على عاداتك الغذائية المتّبعة.

• قلّل من تناول الطّعام ليلًا.

• اشرب الماء بكميات كثيرة.

• اصرف انتباهك عن الطّعام.

• مارس التّمارين بدلًا من أن تتناول الطّعام عندما تشعر بالملل.

• كن يقظًا عند تناول الطعام، ولا تتناوله في أثناء مشاهدة التّلفاز أو العمل أو القيادة.

• تناول الطعام في أماكن معينة فقط (طاولة المطبخ مثلًا).

• انتبه لحجم حصّتك من الغذاء.

• اسمح لنفسك بتناول كميّةٍ من بعض الأطعمة، ولا تمنع نفسك من تناول طعام معين.

• شجّع نفسك وكن لطيفًا معها.

• فكر في تناول الطعام بوصفه تغييرًا لنمط حياتك.

• استخدم الميزان بعقلانية، ولا تزن نفسك أكثر من مرة في الأسبوع.

• اجعل خياراتك الغذائيّة صحيّة.

كذلك، يمكن أن تستعمل المفكرة لتسجيل تفاصيل غذائك؛ بحيث تتضمّن الطعام المتناول وأوقات تناوله وماذا يمكن أن تفعل في أثناء تناوله، مما قد يساعدك ويساعد الطّبيب أو اختصاصي التّغذية على إجراء التغييرات اللازمة للتحكّم بالوزن بنجاح (1).

المصادر:

1. Food Psychology: Understanding Eating Behavior & Habits [Internet]. Cleveland Clinic. 2020 [cited 26 August 2020]. Available from: هنا

2. Meule A, Vögele C. The Psychology of Eating. Frontiers in Psychology. 2013;4. Available from: هنا

3. Best Way To Lose Weight [Internet]. Nhlbi.nih.gov. 2020 [cited 1 September 2020]. Available from: هنا