سلسلة التعريف بالمنظمات والهيئات العالمية؛ منظمة الصحة العالمية

أنشئت منظمة الصحة العالمية بوصفها منظمة تعنى بتنسيق الشؤون الصحية داخل منظومة الأمم المتحدة؛ وذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لمكافحة الأمراض المنتشرة حينذاك مثل الكوليرا والحمى الصفراء، والطاعون الدبلي. وقد دخل دستور منظمة الصحة العالمية حيز التنفيذ في 7 نيسان (أبريل) 1948 - وهو التاريخ الذي نحتفل به كل عام بوصفه يوم الصحة العالمي (5-1).

واعتمدت المنظمة عام 2003م من مدينة جنيف Geneva مقرًا لها، كما تفرعت إلى ستة مكاتب إقليمية متضمنة 141 مكتبًا قطريًّا، وبعضوية 192 دولة في العالم، كما وظفت 8000 شخص بين طبيب وعالم واختصاصي أوبئة ومديرين في جميع أنحاء العالم (2).

أولت المنظمة اهتمامها بصحة النساء والأطفال وتغذيتهم، وعلاج الأمراض المعدية مثل الملاريا والسل والأمراض التناسلية وغيرها من الأمراض التي تعدُّ بعضها جديدة نسبيًّا مثل فيروس نقص المناعة المكتسب HIV/AIDS وداء السكري والسرطان والأمراض الناشئة مثل السارس والإيبولا، أما اليوم فتتصدر منظمة الصحة العالمية في استجابتها لوباء فيروس كورونا المستجد (2,4).

ومنذ البداية عملت المنظمة مع البلدان الأعضاء لتحديد قضايا الصحة العامة ومعالجتها ودعم البحوث الصحية وإصدار التوجيهات الصحية وتصنيف الأمراض، إضافةً إلى تعاونها مع  الحكومات؛ فقد نسقت منظمة الصحة العالمية مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، ولا تزال العديد من القضايا المذكورة أعلاه على جدول أعمال المنظمة حاليًّا (5-2).

تمويل المنظمة:

يأتي تمويل منظمة الصحة العالمية عمومًا من عدة مصادر، ذلك أن ما يقارب 51% من الواردات يُتبرع به من قبل الدول الأعضاء، في حين تقدم الأمم المتحدة والمنظمات الحكومية الدولية وبنوك التنمية نحو 16% وقرابة 15% من المؤسسات الخيرية، والباقي من المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية (5). وقد بلغت ميزانية المنظمة في عامي 2002-2003 نحو 2.3 مليار دولار، إذ كان معظمها من التبرعات المقدَّمة من البلدان الأعضاء (2).

كما كانت الولايات المتحدة الدولة ذات النصيب الأكبر من المساهمة عام 2019م، إذ قدمت 416 مليون دولار، أي نحو 16% من إجمالي عائدات المنظمة، أما ثاني أكبر مساهمة فقدِّمت من مؤسسة بيل وميليندا غيتس Bill & Melinda Gates Foundation بنسبة 9.8% من إجمالي العائدات (5).

أهم إنجازات المنظمة في مجال الصحة العامة عالميًّا على مر التاريخ:

- بدأ عصر جديد في الصناعة الدوائية عام 1950م بعد اكتشاف المضادات الحيوية، وقدمت منظمة الصحة العالمية المشورة للبلدان بشأن تنظيم وترشيد استخدامها (4). 

- أطلقت المنظمة مبادرتها العالمية ضد مرض الجدري عام 1958م، إذ كان معدل الوفيات سنويًّا بسبب مرض الجدري حينذاك مليوني شخص، ولكن بحلول عام 1979م أعلنت المنظمة قدرتها بالتغلب على مرض الجدري؛ وهو المرض الأول الذي تمكنت البشرية من القضاء عليه بالكامل عن طريق جهود منظمة الصحة العالمية (3,5).

- أنشأت منظمة الصحة العالمية عام 1988م مبادرة للقضاء على شلل الأطفال في وقت أصاب فيه شلل الأطفال أكثر من 350000 شخص سنويًّا، ومنذ ذلك الحين؛ انخفضت حالات شلل الأطفال إلى أكثر من 99% نتيجة التلقيح ضد المرض في جميع أنحاء العالم ​(3,4).

- بدأت استراتيجية الحد من عدد المصابين بالسل عام 1995م عن طريق تشخيص مرض السل وعلاجه، وفي نهاية عام 2013، أُنقذ أكثر من 37 مليون إنسان مصاب بمرض السل (4). 

- كان الوعي المتزايد بتهديد أمراض "نمط الحياة" مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان، والسكري، سببًا في دفع منظمة الصحة العالمية إلى إطلاق برامج لتعزيز الحياة الصحية والمجتمعات الخالية من التبغ في تسعينيات القرن العشرين (3,4).

إضافةً إلى كل ما سبق؛ تغطي منظمة الصحة العالمية جميع مجالات وجوانب الرعاية الصحية العالمية والصحة العامة، إذ تتدخل المنظمة في أثناء الأزمات وتستجيب لحالات الطوارئ الإنسانية، كما تعمل على إنشاء أنظمة صحية دولية والتي يتعين على البلدان أن تتبعها لتحديد حالات تفشي الأمراض ومنعها من الانتشار، كما أن عمل منظمة الصحة يساعد على الوقاية من الأمراض المزمنة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة (4).

المصادر: