شيخ الفنّ الإيطالي؛ جيوتو دي بوندوني

الممهد للنهضة الإيطالية؛ جيوتو:

جيوتو دي بوندوني (Giotto di Bondone)؛ فنَّانٌ أدّى دورًا حاسمًا في تطويرِ الرسم الإيطالي في عهده وما بعده. وُلِدَ عام 1266/67 في فيسبينيانو (Vespignano) بالقرب من فلورنسا (إيطاليا) (1). 

في الوقتِ الذي هيمن فيه النمط البيزنطي بتكويناته المسطّحة والمليئة بالتنميق المنمّط على إيطاليا، بنى (Giotto) فنَّه على الحياة. وضعت لوحاته حجر الأساس لخلفائه، مثل، مايكل أنجلو، لدرجة أنَّ (Giotto) غالبًا ما يُنظر إليه على أنّه والدُ عصر النهضة الإيطاليّة، وحتى والدُ الرسم الأوروبي (3).

تتلمذَ على يدِ سيمابوي (Cimabue)، أقدمُ أعمالِه الصليب المرسوم في سانتا ماريا نوفيلا (Santa Maria Novella) في سان جورجيو ألا كوستا (San Giorgio alla Costa)، أمضى فترة من التدريب والتلمذة المهنيّة في روما (2).

ظل (Giotto) يرسم العديد من الأعمال الإبداعية في مختلف الكنائس، وعمل في روما بين عامي 1297 و1300. وعلى الأرجح أنّه في تلك الفترة أيضًا رسم بعض الأعمال لدور العبادة بفلورنسا، مثل، لوحة صلب المسيح؛ تلك التحفة الفنية المرسومة لكنيسة سانتا ماريا نوفيلا، ويبلغ طول اللوحة خمسة أمتارتقريبًا. وتقول بعض المصادر أنّ تلك التحفة الفنية رُسمت في عام 1290؛ أي قبل ذهابه إلى روما، وكانت من أوائل أعماله بحسب رواية المؤرّخ فاساري (Vasari) (4).

بعض من أعماله وأهم ما يميزها:

بين عامي 1303 و 1310، أنتج (Giotto) أشهر أعماله داخل كنيسة (Scrovegni) في بادوفا. قُسّمت لوحاته الجدارية إلى 37 مشهدًا سرديًّا، ركَّزَ على موضوع الخلاص، وشدَّد على مريم العذراء. رتَّب هذا العمل في 3 طبقات على الجدران، ووضع لوحة الحكم الأخير على الواجهة المقابلة. وُحّدت الزخرفة الكاملة في (Scrovegni Chapel) من خلال الاستخدام المكثّف لـ (Giotto) للون الأزرق الذي كان باهظ الثمن مع أنّ معظمه قد تدهور مع مرور الوقت (3).

على عكس مُدرّسه (Cimabue)، لم يتبع (Giotto) الأسلوب البيزنطي، بدلاً من ذلك ابتعد عن التنميق؛ إذ غمر شخصياته بالعاطفة والواقعية. استخدم (Giotto) منظورًا متشددًا وواضحًا في العديدِ من تكويناته، ممَّا يمنحُ شعورًا بالعُمق لرسوماته (3).

انتشرت شُهرة (Giotto) بكونه رسامًا، استُدعي للعمل في بادوا، وأيضاً في ريميني، حيث بقي اليوم فقط صليبًا في كنيسة القديس فرنسيس، رُسم قبل عام 1309. وأثّر هذا العمل على صعود مدرسة ريميني في جيوفاني وبيترو دا ريميني. وفقًا لوثائق 1301 و 1304، كان (Giotto) في ذلك الوقت يمتلك عقارات كبيرة في فلورنسا، ومن المحتمل أنّه كان يقود بالفعل ورشة كبيرة ويتلقى عمولات من جميع أنحاء إيطاليا (4).

في منتصف العقد الثاني، يُمكن ملاحظة تغيير في رؤية الفنان، مع عدم التخلّي عن مُثل الجدية والعظمة الكلاسيكية، فقد طوّر الآن اهتمامًا بالتفاصيل الواقعية وبدأ بإثراء مشاهده مع التركيز على أناقة الموقف وتعابير إيماءة شخصياته.

 عند عودته إلى فلورنسا في عام 1334، كُلّف الفنان بتصميم معسكر دومو، ورسم كنيسة باردي في سانتا كروتش (Santa Croce)، وبدأ في رسم لوحة كنيسة قصر ديل بارجيلو، وبحلول عام 1335 - 1336، كان يجسّد كنيسة كاستيلو دي جاليرا في بولونيا وقصر فيسكونتي في ميلانو.

 كان (Giotto) يعاني بالفعل من مرض خطير عندما عاد إلى فلورنسا، توفّي هناك في كانون الثاني (يناير) 1337 (2).

لم تكن عظمة جيوتو مشهورة فقط بين أوساط الفنانين خلال حياته، وقد خلّده أيضًا الشاعر دانتي في الكوميديا ​​الإلهية، كانت العاطفة والطبيعة في لوحات (Giotto) شائعة للغاية وحفَّزت الاهتمام المتزايد بمفاهيم الواقعية التي كانت خامدة منذ العصور القديمة.

 في نهاية المطاف، بلغت هذه المصالح الإنسانية ذروتها في عصر النهضة؛ إذ أصبح اسم جيوتو أسطورة (3).

المصادر: