المكتب الإعلامي > حملة تنمية الطفولة المبكِّرة
تنمية الطفولة المبكرة؛ استثمار مُستدام
كثيرًا ما تتردد أقاويل عن أهمية التعلُّم والتنشئة في مرحلة الطفولة للحصول على أشخاص فاعلين في المستقبل وقادرين على بناء مجتمع أفضل وعالم أكثر استدامة، فما أدلتها العلمية؟ وكيف تؤثر تنمية الطفولة المبكرة في التنمية المستدامة؟
إنَّ صحة الطفل وتعليمه وسلوكه في سنواته المبكرة ليست أساسية فقط من أجل نجاحه الدراسي؛ بل من أجل أن يكون له القدرة على المشاركة الفعالة في المجتمع (1)، ويشير إدراجُ تنمية الطفولة المبكرة (ECD) ضمن أهداف التنمية المستدامة إلى وجود اعتراف متزايد بأن تنمية الطفولة المبكرة تُشكِّل أساسًا للصحة والتعليم والرفاهية المستقبليَّين (2).
فقد أظهرت الأدلة عبر العقود الماضية أن الطفولة المبكرة هي مرحلة حرجة من نمو الإنسان؛ إذ تسهم التجارب المبكّرة في المنزل والمجتمع -بالتفاعل مع الجينات- في دعم نمو المهارات المبكرة؛ مثل المهارات المعرفية والاجتماعية والتنظيم الذاتي وغيرها من المهارات، وفي تشكيل طبيعة الدماغ وجودته (1)؛ إذ أثبتت أبحاث علم الأعصاب أنّ الطفولة المبكرة -خاصةً في خلال السنوات الثلاث الأولى- هي الأساس في نمو الدماغ (3)، إضافةً إلى بَدء حدوث تكيّفات جينية ومناعية وفسيولوجية ونفسية مع البيئة في خلال فترة الحمل؛ وهي التي تؤثر في نمو الإنسان طوال حياته؛ الأمر الذي يستدعي اتباع منهج يستهدف مقدمي الرعاية والأطفال (4)؛ فتكون برامج تنمية الطفولة المبكرة (ECD) التي تشمل خدماتها: صحة الطفل وتعليمه وحمايته ورعايته؛ وهي تدخلات من أجل الحصول على نتائج إيجابية بعيدة المدى (1). وتتضمن هذه النتائج الحدَّ من عدم المساواة في الحالة الصحية لمختلف المجموعات السكانية، والحد من الجريمة والعنف، وتحسين المستوى الصحي للبالغين، ويزيد من الإنتاجية الاقتصادية ويُحسِّن التعليم والتحصيل الأكاديمي أيضًا (3).
وبذلك فإنّ هذه المخرجات -تأثيرات تنمية الطفولة المبكرة- بطبيعتها تتقاطع مع أهداف التنمية المستدامة. وقد أُثبِت ذلك في عديد من النواحي؛ نذكر منها:
- القضاء على الفقر: عندما يكتسب الدماغ أعلى قدرة لإتمام نموّه في وقت مبكر؛ فإن أداءه ينعكس على شكل مهاراتٍ تُساعد الطفل على النهوض بالاقتصاد مستقبلًا (5).
- القضاء على الجوع وتحسين التغذية: إن نقص التغذية في المرحلة المبكرة يُؤدي إلى إعاقة النمو وعدم إحراز تقدم في المدرسة (6).
- ضمان حياة صحية: تضع تدخلات تنمية الطفولة المبكرة (ECD) مسارًا لصحة جيدة مدى الحياة، يمكن أن يؤدي انخفاض معدل الإصابة بأمراض القلب والأمراض المعدية (5).
- ضمان التعلم: إذ إنَّ التعليم ما قبل الابتدائي الجيّد يُساهم في زيادة مُعدّلات إتمام المرحلتين الابتدائية والثانوية (1).
- الحد من عدم المساواة بين البلدان وفيما بينها: تسد برامج تنمية الطفولة المبكرة عبر خدماتها فجوةَ اللامساواة بين الأطفال الذين يولدون في بيئات صعبة وبين الأطفال الذين يولدون في بيئاتٍ أفضل نسبيًّا مع عديد من الامتيازات (5).
- تعزيز المجتمعات السلمية: تعزز تنمية الطفولة المبكرة المرونةَ لدى الأطفال وتغرس القيم والسلوكيات التي تقلل من العنف وتشجع على السِّلم (5).
إضافةً إلى ما سبق؛ فإنَّ برامج الطفولة المبكرة تتكامل فيما بينها لصنع إنسان أفضل، ومن ثم مجتمع أكثر ازدهارًا في المستقبل؛ ومثال على ذلك: أدَّت التغذية ورعاية الوالدين -ضمن المعايير الموصى بها- إلى تأثيرات بعد 20 عامًا؛ وهي: ارتفاع معدل الذكاء، وتقليل الاكتئاب والقلق والعنف و50% مدخول مادي أعلى؛ وبذلك فإنّ عدم العمل على هذه الحلول ذات النتائج المُوثّقة والمضمونة سيكلّف المجتمعات ثمنًا باهظًا (1). ولنتذكر دائمًا أن السنوات الأولى من حياة الطفل تمهِّد الطريق للازدهار في المستقبل.
المصادر: