الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض
التسمم الغذائي؛ عدو يتربص بك!
يحدث التسمم الغذائي Food poisoning عندما يستهلك الناس مياه الشرب أو الطعام الملوث بالبكتيريا أو الطفيليات أو الفيروسات أو السموم الضارة، ويسبب أعراضًا مزعجة تشمل تشنّج المعدة والإسهال والإقياء والغثيان وفقدان الشهية. ويندرج هذا المسمّى تحت فئة الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء Foodborne illness.
ومن المرجح أن تكون بعض الأطعمة سببًا للتسمم الغذائي أكثر من غيرها، خاصةً إن خُزّنت أو حُضّرت أو طُهيت على نحوٍ خاطئ. وإليكم أهم تلك الأغذية مع العوامل المُسببة لهذا التسمم (1):
- الدواجن واللحوم:
تتسبب الدواجن واللحوم النيئة وغير المطبوخة جيدًا بالتسمم الغذائي بسبب عدة أنواعٍ من البكتيريا التي تتخذها مرتعًا لها مثل السالمونيلا Salmonella والعَطيفة Campylobacter، لكن لحُسن الحظ فإن حرارة الطهي تقضي تمامًا على البكتيريا الضارة الموجودة شريطة أن تكون مدة الطهي كافية لبلوغ مركز القطعة المطهية الدرجةَ المطلوبة (1).
- الخضار الورقية والفواكه:
تعد الفواكه مثل التوتيّات والبطيخ والشمّام، والخضار الورقية مثل الخس والملفوف والسبانخ إضافةً إلى البندورة مصادر شائعة للتسمم الغذائي لأنها غالبًا ما تُستهلك طازجةً دون طهي، وتتلوّث هذه المنتجات بالبكتيريا الضارة مثل الليستريا والسالمونيلا والإشريكية القولونية E.coli عبر مراحل مختلفة، بدءًا من الزراعة وحتى وصولها إلى المائدة، ويكون ذلك غالبًا بسبب تسرُّب المياه غير النظيفة المُستخدمة في السقاية إلى التربة التي تنمو فيها تلك الفواكه والخضار، بالإضافة إلى عدم اتخاذ تدابير النظافة المناسبة عند تحضير الطعام (1).
- الأسماك:
تتعرض لحوم الأسماك للتلوث بالهيستامين الذي تنتجه البكتيريا الموجودة فيها في حال عدم تخزين تلك اللحوم بدرجة الحرارة الصحيحة. والجدير بالذكر أن الهيستامين لا يتلف في درجات حرارة الطهي العادية، بل ينتج عنه نوع من التسمم يُعرف باسم تسمم الإسقمري Scombroid poisoning الذي يسبب مجموعةً من الأعراض مثل الغثيان وصعوبة التنفس وتورم الوجه واللسان (1).
- الأرُز:
تُلوِث أبواغ بكتيريا العصيّة الشمعية Bacillus cereus الأرز غير المطبوخ على نحو خاص، فهي تعيش في الظروف الجافة وتبقى نشطةً في أثناء عملية الطهي. وفي حال تُرك الأرز المطبوخ في درجة حرارة الغرفة، فإن أبواغ هذه البكتيريا تنمو وتتابع التكاثر في بيئة دافئة ورطبة، وكلما تُرك الأرز فترةً أطول في درجة حرارة الغرفة، زاد احتمال كونه غير آمن للأكل. ولتجنُّب ذلك يجب تناول الأرز بعد طهيه وحفظ الكمية المتبقيّة في الثلاجة مباشرةً (1).
- منتجات الألبان غير المبسترة:
البسترة هي تسخين الأطعمة والسوائل لقتل الكائنات الحية الدقيقة الضارة، ومن أمثلتها البكتيريا التي تزيد خطر الإصابة بالتسمم الغذائي عند استهلاك المنتجات غير المبسترة مثل الحليب والجبن. ونذكر من هذه البكتيريا السالمونيلا والليستيريا والإشريكية القولونية والعطيفة والبروسيلا وغيرها. ولتقليل خطر الإصابة بالتسمم الغذائي، من الضروري تناول منتجات الحليب المبسترة حصرًا وحفظها في درجة حرارة 5 مْ على الأقل (1).
- البيض:
على الرغم من كون البيض غذاءً مفيدًا ومتعدد الاستعمالات في وصفات الطعام، لكنه قد يحتوي على بكتيريا السالمونيلا إن كان نيّئًا أو غير مطبوخ جيدًا، إذ يلوث هذا النوع من البكتيريا قشر البيض ويصل إلى داخل البيضة عند كسرها، وتسجّل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية FDA قرابة 79.000 حالة تسمم غذائي و30 حالة وفاة سنويًا بسبب تناول البيض المُلوث بالسالمونيلا (1).
قد تتداخل عدة أمراضٍ مع بعضها نتيجة تشابه أعراضها، خاصةً أن شدة أعراض التسمم الغذائي وبداية ظهورها تختلفان حسب نوع التسمم، كذلك نجد أن أعراض التسمم متوافقةٌ إلى حدٍّ ما مع أعراض التهاب الأمعاء الفيروسي، لذلك سوف يُراودك حتمًا السؤال الآتي:
هل أعاني من التهاب الأمعاء أم التسمم الغذائي؟
لا تقلق لأن إزالة إشارات الاستفهام لديك تتطلب معرفة المقارنة البسيطة الآتية (2,3):
يُتوقع بعد تلك المقارنة أنك قد أصبحت قادرًا على التمييز بين الحالتين، وفي حال تأكدك من الإصابة بتسممٍ غذائي، يجب عليك القيام ببعض الإجراءات:
بدايةً دَع معدتك ترتاح، هذا يعني تجنب الطعام والشراب على نحو كاملٍ بضعة ساعات، واتباع الخطوات الآتية (4):
- الحفاظُ على رطوبة الجسم بتناول السوائل الكافية، وهذا يعد أمرًا ضروريًا لمساعدة جسمك على مقاومة آثار التسمم الغذائي، فالتقيؤ والإسهال قد يؤديان إلى الجفاف، لذا عليك شرب الماء والمشروبات الخالية من الكافيين مثل الزنجبيل أو حساء الخضار، وعندما تشعر أن الإسهال أصبح قليلًا وأصبحت قادر على الاحتفاظ بالطعام فترةً أطول يمكنك البدء بتناول الأطعمة الخفيفة على المعدة مثل الموز، والعسل، وبياض البيض، والشوفان، والبطاطا المسلوقة، والأرز المسلوق.
- تناوُلُ الأغذية الغنية بالبروبيوتيك مثل اللبن (الزبادي).
- الاسترخاء بأخذ حمام دافئ.
- الحرص على أخذ قسطٍ كافٍ من النوم والراحة.
- الامتناعُ عن تناول الأغذية التي تزيد الوضع سوءًا، مثل الكحول والمشروبات الغنية بالكافيين والأغذية الحرّيفة والمقلية والمرتفعة المحتوى بالألياف أو الدهون إضافةً إلى منتجات الحليب وعصائر الفاكهة.
- تجنُبُ تناول الأدوية الفموية المضادة للإسهال دون وصفة طبية.
لا بدَّ من مراجعة الطبيب عند ظهور أحد الأعراض الآتية:
- وجود دم أو قيح في البراز.
- استمرار الإسهال أكثر من ثلاثة أيام.
- تجاوز درجة حرارة الجسم 38 مْ عند البالغين، و38.3 مْ عند الأطفال.
- ظهور أعراض التجفاف مثل التعب والعطش الشديد.
- الإصابة بتشنجاتٍ بطنيةٍ شديدة.
- تشوش الرؤية.
- الدوار والضعف العضلي.
ننتقل أخيرًا إلى الفقرة الأهم: ماذا نفعل كي نقلل خطر الإصابة بالتسمم الغذائي أو نمنعه بنجاح؟
- اتباع عادات صحية جيدة، مثل غسل اليدين بالصابون والماء الساخن قبل تحضير الطعام، وبعد لمس اللحوم النيئة والدواجن دائمًا.
- تجنب غسل اللحوم والدواجن النيئة، فهذا لا يقتل البكتيريا، بل ينشرها فقط إلى الأطعمة الأخرى وأواني الطبخ.
- تجنُبُ التلوث المتبادل cross- contamination من خلال استخدام ألواح تقطيعٍ وسكاكينَ منفصلة لكلٍّ من اللّحوم النيئة والأغذية الطازجة كالخضار مثلًا.
- التحقق من تاريخ انتهاء صلاحية المنتجات الغذائية بانتظام، والتخلص منها بمجرد مضي تلك المدة حتى وإن كانت رائحة الطعام جيدة.
- غسل المنتجات الطازجة كالخضار الورقية والخضار الأخرى والفواكه قبل تناولها، حتى لو كانت مُعبّأة ومُنظّفة مسبقًا.
- حفظ الطعام في درجة حرارة آمنة وعدم ترك الأطعمة خارجًا فترةً طويلة، إذ تتراوح درجة الحرارة المثالية لنمو البكتيريا بين 40-140 درجة فهرنهايت (5-60 سْ).
- عدم ترك بقايا الطعام في درجة حرارة الغرفة وحفظها سريعًا في الثلاجة (1).
التسمم الغذائي ليس حكرًا على فئةٍ عمريةٍ معينة، بل يمكن لأي شخص أن يُصاب به، لكن بعض الفئات تتأثر على نحو أسرع من غيرها، مما يستوجب اهتمامًا أكبر، مثل الرضع والأطفال والنساء الحوامل وكبار السن والأشخاص الذين يعانون أمراضًا مزمنة مثل نقص المناعة المكتسب، وأمراض الكبد والسكري ومن يتناولون أدويةً مثبطةً للمناعة مثل العلاج الكيماوي (4).
ونذكر أخيرًا بضرورة التأكد من مصدر الطعام ونظافته، فالصحة أمانة يجب أن نعيرها الاهتمام الكامل، ولا بدَّ من دعم صحة الجسم بممارسة النشاط البدني بانتظام.
المصادر:
2-10 Signs and Symptoms of Food Poisoning [Internet]. Healthline. 2020 [cited 30 August 2020]. Available from: هنا
3-Is It a Stomach Bug or Food Poisoning? [Internet]. Healthline. 2020 [cited 30 August 2020]. Available from: هنا
4-What to Eat and Drink After Food Poisoning to Treat Symptoms [Internet]. Healthline. 2020 [cited 30 August 2020]. Available from: هنا