الاقتصاد والعلوم الإدارية > الأسواق المالية
الاستحواذ والاندماج - الجزء الثالث
لا تجري عمليات الاستحواذ والاندماج بالبساطة التي تحدث الجزء الأول عنها؛ إنما يتخللها بعض الصعوبات، ومن تلك الصعوبات هو إيجاد مصادر التمويل الاستحواذ والاندماج، نظرًا لأحجامها الكبيرة أحيانًا، فقد لا يكون التمويل النقدي لتلك العمليات متوفرًا أو خيارًا جيدًا حتى في حال وجوده بسبب التأثير الكبير المُحتمل في السيولة النقدية وكذلك في الانشطة المستقبلية والربحية على المدى القصير، أو بسبب حجم الادخار الذي قد يتطلب احتجاز أرباح عدة سنوات سابقة.
وعليه؛ فقد يلجأ الراغب في الاستحواذ والاندماج إلى عدة خيارات للتمويل سواء عن طريق أسواق الأسهم أو أسواق النقد، وهو ما سيتطرق إليه الجزء الثالث.
1- التمويل عن طريق حقوق المُلكية – Equity Financing
أي تمويل الاستحواذ والاندماج عن طريق أسهم الشركة –أو أصولٌ مُقيمة بواسطتها-، وقد يأخذ هذا التمويل إحدى الأشكال الآتية:
- طرح أسهم جديدة في السوق لتمويل العملية، أي إشراك مُساهمين جُدد في الشركة للحصول على التمويل منهم.
- مبادلة الأسهم “stocks swap”: وهي من الطرائق الشائعة في التمويل في سياق الاستحواذ والاندماج؛ إذ تبادل مثلًا الشركة الراغبة بالاستحواذ مع مُساهمي الشركة المُستهدفة بجزءٍ من أسهمها مُقابل الجزء المطلوب الاستحواذ عليه من الشركة المُستهدفة. وعليه، يُصبح مُساهمو الشركة المُستهدفة مُساهمين في الشركة المُستَحوِذة، أو الشركة الجديد الناشئة عن الاندماج. ولكي تجري المُبادلة تُقيّم الشركات الأسهم على نحوٍ عادلٍ في كِلا الشركتين عن طريق التنبؤ بالمنافع المستقبلية الناتجة عن اقتناء الأسهم، وبعد التقييم يُحسب ما يُسمى بنسبة المُبادلة “swap ratio”؛ أي ما هو عدد الأسهم المطلوبة من أسهم الشركة المُستَحوِذة مُقابل الحصول على سهم من الشركة المُستهدفة، فمثلًا نسبة 2:1 تُشير إلى أن كُل سهم من أسهم الشركة المُستهدفة يُعادل سهمين من أسهم الشركة المُستحوِذة – أي على نحوٍ مُشابهٍ لحساب أسعار صرف العملات (1–3).
- المشاركة في التمويل عن طريق برنامج تمليك الموظفين للأسهم “employee stock ownership plan (ESOP)”. وهي من الآليات الأكثر تعقيدًا؛ وتعتمد هذه الآلية بأبسط أشكالها على إنشاء برنامج – قد يكون البرنامج شركة مُنفصلة أو مُدار عبر شركة متخصصة – يُساهم فيها رب العمل والموظفون بشراء أسهم الشركة ذاتها أو شركة تابعة لها من السوق؛ إما لمبادلتها مع مساهمي الشركة المستهدفة وإما لإعادة شراء أسهم الشركة التي بُدِّلت مع مساهمي الشركة المستهدفة. وهناك العديد من الدوافع وراء اللجوء إلى هذه الآلية، ومنها: المنافع التي تعود على الموظفين والمتقاعدين نتيجة عوائد استثماراتهم وكذلك رفع إنتاجيتهم؛ إذ يُصبح الموظفون مساهمين في الشركة ذاتها التي يعملون فيها. والوفورات الضريبية؛ إذ أنَّ المساهمات في البرنامج من الموظفين ورب العمل تكون معفاةً من الضريبة إلى حدود معينة. وأيضًا عدم الحاجة إلى إصدار أسهم جديدة وتكبُّدِ تكاليف إصدارها (4،5).
2- التمويل عن طريق الرفع المالي – (Leveraged Buyout (LBO
أي التمويل عن طريق الاستدانة ببساطة لتمويل الاستحواذ والاندماج بجزء كبير منها؛ والتي قد تتخذ عدة أشكال، ومنها:
- تمويل العملية عن طريق تقسيط الدفعات النقدية لمُساهمي الشركة المُستهدفة “seller leverage” – وهو ما يُصنف أحيانًا مصدرًا داخليًا للتمويل وخارج عن سياق LBO. وعادة ما ترتبط هذه العمليات مع الاستحواذ الودي على الشركات وبأحجام صغيرة نسبيًا؛ كما في حالة أنَّ المالك الحالي لشركة ما يرغب بالتقاعد وبيع شركته لطرف آخر (6).
- الاقتراض المُباشر من البنوك، أو الحصول على التمويل من شركات أو صناديق استثمار متخصصة في تمويل هذه الأنواع من العمليات (LBOs firms/funds)، والتي تُقدم خدماتٍ استشارية كاختيار الأهداف المناسبة للاستحواذ عليها وتعيين الإدارات لها والاشراف على أدائها، وذلك لضمان تسديد الدين وتحقيق أفضل عوائد للمستثمرين، أو قد تستحوذ على الشركات لصالحها والحصول على أرباحها لتوزيعها على المستثمرين في هذه الصناديق أو الشركات (1،6).
- طرح سندات الدين خصوصًا في الصفقات الضخمة من الاستحواذ والاندماج، والتي يصعب على طرف واحد تمويلها. ولكن عادةً ما تُصنَّفُ السندات التي تُطرح لهذا الغرض ضمن خانة السندات الرديئة “junk bonds”، والسبب في ذلك يعود إلى المخاطر المُرتفعة المرتبطة بفعالية الاستحواذ والاندماج، إضافة إلى أن هذه السندات قد تكون بدون ضمانات مما يرفع من مخاطرها(6) .
وقد يجري اللجوء إلى الاستحواذ عن طريق الدين من قبل إدارة الشركة ذاتها أو مؤسسيها “management buyout”، وذلك في حالات الرغبة في سحب إدراج أسهم الشركة في السوق، أو في حال أرادت شركة ما بيع إحدى قطاعاتها (أو شركة تابعة)، لأسباب قد تتعلق بعدم كفاءة هذا القطاع، فتعمل إدارة ذلك القطاع على شرائه؛ إذ أنها قد ترى أُفقا واعدا لهذا القطاع – عكس نظرة الشركة الأم - كونها المشرف المباشر عليه. مثال ذلك حين قدَّم “Michael Dell” مؤسس شركة Dell لصناعة الحواسيب، في العام 2013 مبلغ 25 مليار دولار لقاء شراء أسهم الشركة في السوق وسحب إدراجها (7،8 pp299).
المصادر:
2- Scott G. Stock Swap [Internet]. investopedia.com. 2019 [cited 2020 Nov 11]. Available from: هنا
3- Kenton W. Swap Ratio [Internet]. investopedia.com. 2020. Available from: هنا
4- Ganti A. Employee Stock Ownership Plan (ESOP) [Internet]. investopedia.com. 2020. Available from: هنا
5- The Use of ESOPs to Finance Mergers and Acquisitions [Internet]. 2020. Available from: هنا
6- Hungate S. The Leveraged Buyout [Internet]. 2020. Available from: هنا
7- Hargrave M. Management Buyout (MBO). investopedia.com. 2020. Available from: هنا
8- Gaughan PA. Mergers، Acquisitions، and Corporate Restructurings [Internet]. 3nd ed. Wiley; 2002. Available from: هنا