الفنون البصرية > فنانون عالميّون
أبوستولوس جورجيو (Apostolos Georgiou )
ولد أبوستولوس جورجيو (Apostolos Georgiou) في مدينة سالونيكا (Salonika) في اليونان عام 1952. درس الهندسة المعمارية في جامعة الفنون التطبيقية في فيينا من 1971 إلى 1973، ثم حصل على شهادة في الرسم من أكاديمية الفنون الجميلة في فلورنسا حيث درس من 1973 إلى 1975. بعد السفر نضج في عزلة بعيدة عن الحشد الصاخب في جزيرة سكوبيلوس (Skopelos)، يعيش أبوستولوس جورجيو ويعمل الآن في أثينا.
يكشف عمل الفنان عن وجوديّة الإنسان مركّزًا على حالته الإنسانية، متأثرًا بخمسينات القرن الماضي في اليونان حيث كانت الأفلام والرسم والمسرح اليوناني.
يسلّط جورجيو الضوء على المشاعر العميقة من الاغتراب والوحدة بحس فكاهي، يرسم قصصًا قصيرة عن أساطير الحياة اليومية، ويكشف عن لحظات وجوديّة من الضعف والفشل والانهيار العاطفي، في حين أنّ البشرَ هم الموضوع الرئيس لأعماله، ولكن غالبًا ما يُصوّرهم على أنّهم شخصيّات مجهولة دون أي خصائص فردية، وفي خلال العمل يُكشف عن الأنا البديلة ويُصوّرها بالسخرية والجفاف وأيضًا بالحنان والتعاطف في الوقت نفسه، مع أنّ جورجيو يحافظ على الشكل الأساسي لشخصيّاته، إلّا أنّ ملامحها محدودة للغاية، ولوحاته غير مثقّلة بأيِّ تفاصيلٍ قد تشتت الانتباه، مع تركيز كلّ الاهتمام على الموقف، مهما كان بسيطًا.(1)
لوحات جورجيو مختصرة، يستخدم فيها الألوان الداكنة لتصوير المواضيع على نحوٍ مثير للسخرية؛ هذه الألوان تذكّرنا بالأفلام القديمة أو الروايات المصوّرة التي ولّت منذ زمنٍ طويل، عادةً ما يكون هناك عدد قليل من الأشخاص، اثنان أو في بعض الأحيان ثلاثة؛ إذ تتطوّر الشخصيات في مساحةٍ محددة، حيث لا زمانٍ ولا مكان، مثل، رواية الشخص الثالث التي تستند إلى تجربته الخاصة.
إنّ التوازنَ المشبوه في لوحات جورجيو خُلق ليسلّط الضوء على الأسئلة الأساسية للعلاقات الإنسانية. يرسم أبوستولوس جورجيو لينسى الحدود، والحكم، والرغبة، والهُويات... مثل هذه العبثية التي لا مخرج منها يمكن قراءتها في شخصياته.(1)
إنَّ السجنَ العقلي والجسدي في شخصيات جورجيو ليس ثقيلًا، فلا يوجد إزعاج في التفكير في هذه اللوحات، ففي الظروف التي يعيشها شخصيات جورجيو الشبيهة بالسجن، تؤدي مواقفها وأفعالها إلى أسئلة أكثر من إجابات، وتشعر بأنّ هذه الشخصيات تقيم في مكان آخر محبوسة داخل عالمها الهندسي .(1)
تقدّم أعمال جورجيو أكثر من مجرّد متعة جمالية، فهو يسرد لنا وجهًا لوجه مشكلات لم تُتناول من قبل في الرسم اليوناني التقليدي، فيسمح الفنان لخيال المشاهد بإكمال السرد، تاركًا إياه مفتوحًا لتفسير واسع. (1)
هناك متعةٌ في أنْ تضيع في اللوحات، كَرِهانٍ وجوديٍّ أو تحدٍّ ميتافيزيقيٍّ مغمورًا بين النشوة والشك، يتخيّل الفنان أنّه محبوسٌ في تلك المساحة، فعليه أن يتخيّل نفسه هناك على نحوٍ متناقض كلا الممثل والجمهور تبرز المسرحية.(1)
تسود الشخصيّة البشريّة في أعمال جورجيو، والتي غالبًا تكون على هيئة سيرة ذاتية عن طريق مراقبة الفنان للواقع المحيط به، فإنّه يوثّق الموضوعات اليوميّة، ويركّز اهتمامه خصوصًا على القضايا المرتبطة بالجنس والهُوية والعلاقات الشخصية. إنّه يجسّد على قماش، الوحدة، والانعزال والارتباك للإنسان المعاصر مع لمسة من السخرية وروح الدعابة.(2)
هل يوجد تجريد في لوحات جورجيو؟
كانت أعماله تحمل طابع الإيماءات التصويرية وغالبًا تكون بلا عنوان مثل العديد من اللوحات التجريدية، لكن أعمال جورجيو ليست تجريدية، يقول الفنان: "في الواقع، أردتُ أن أصبح رسامًا تجريديًّا، مثل، جاكسون بولوك، أو مارك روثكو، أو بريس ماردين، أو كريستوفر وول، لأذهب مباشرة إلى خلاصة الشيء الحقيقي، لكن شخصيتي لم تسمح لي بذلك، فلا يمكننا اختيار ما نكون، علينا أن نقبل من نحن، وبما أنني أستخدم الأشخاص في أعمالي، يمكنني على الأقل أن أتركهم يرسمون تراكيبهم التجريدية".(1)
ففي مسيرة طويلة وناجحة لجورجيو، صرّح في مقابلة أجريت معه مؤخرًا: "يجب أن يكون هناك توتّر في اللوحة حتى تستفزنا للنظر إليها؛ لإيقاظنا من حالة اللامبالاة". من المؤكّد أنّ لوحاته تحفّز الرغبة في النظر إليها، والحاجة إلى الفهم واهتياج المشاعر.(3)
المصادر: