الهندسة والآليات > الطاقة
البيروفسكايت أكثر من مجرد خلية شمسيَّة
لم يعد استخدام الخلايا الشَّمسيَّة حكرًا على توليد الطَّاقة على المستوى الحكومي والخدمي مثل استخدامها في توليد الكهرباء عبر الخلايا الكهروضوئيَّة أو تسخين المياه من خلال اللواقط الشَّمسيَّة كما هو شائع ومعروف؛ بل أصبحنا نجدها تدخل في قطاعات جديدة على مستوى وسائل النقل، والأجهزة المتنقلة من الحجم المتوسط أو الصغير، وفي أي تطبيق هندسي بسيط يحمل فكرة مبتكرة وإبداعيَّة.
اليوم واحدة من هذه التقنيات هي تقنية البيروفسكايت، التي تعدُّ نسبيًا تقنية حديثة العهد، إلّا أنَّ لها تطبيقات واسعة الاستخدام.
في هذا المقال سوف نتطرق إلى تطبيقاتها الأكثر شيوعًا وانتشارًا.
بدايةً لنتحدث عن خلايا البيروفسكايت على المستوى التجاري:
أولًا- حتى تكون الخلية الشَّمسيَّة قادرةً على المنافسة في السوق لابدّ لها من أن تتمتع بمزيات جيدة من ناحية المردود والاستقراريَّة في الأداء، وخصوصًا مع وجود منافسة من تقنيات سالفة العهد تتمتع بأداء جيد وموثوقية عالية؛ مما يصعب المهمة على أي تقنية جديدة تدخل في السوق(1).
وقد طرأت تطوّرات عديدة على مستوى مردود خلايا البيروفسكايت؛ إذ لم تكن بدايةً خلايا جذابة للاستثمار؛ إذ بلغ المردود أقل من 4% قبل عام 2009 كما ذكرنا في مقال سابق، حتى أنها لم تكن مستقرة الأداء، وفي عام 2012 وصل المردود إلى 10% ومنه إلى 20% في عام 2014، وتجاوزت نسبة 25% في عام 2020 من خلال إدخال مواد وعمليات تصنيع محسّنة على الخلايا، إلّا أنَّها لم تصل إلى قدرة الخلايا الرائدة في السّوق لأنَّها غير قادرة على تحمل الحرارة العالية والرطوبة وفترات الإضاءة الطويلة، الأمر الذي يعمل الباحثون على تطويره، إضافةً إلى اعتماد خلايا البيروفسكايت الخالية من الرصاص، حيث يحول الرصاص في خلايا البيروفسكايت التقليديَّة دون القدرة على التسويق لها على المستوى التجاري بسبب تأثيرات الرصاص البيئيَّة، لذلك تركز الأبحاث الحالية على هياكل البيروفسكايت الخالية من الرصاص، التي سنتطرق إليها لاحقًا(1).
استخدامات البيروفسكايت:
لعلّ أحد أهم تطبيقات البيروفسكايت هو الخلايا الشَّمسيَّة، التي تتكون من مركبات عضوية وأخرى غير عضوية، مثل: هاليدات الرصاص أو القصدير CH3NH3PbX3؛ إذ تكون X إمّا كلور وإمّا يود وإمّا بروم (+CH3NH3) عبارة عن أيون ميثيل أمونيوم (2).
يُستخدم البيروفسكايت أيضًا في تصنيع المدخرات (البطاريات)؛ إذ يمكن لخلايا البيروفسكايت تخزين الشحنات الكهربائيَّة من الإشعاع الشمسي بعد امتصاصها، وهو ما يعرف بالبطارية الضوئيَّة(2).
واكتُشِف من خلال الأبحاث أيضًا أن بعض مواد البيروفسكايت يُمكن أن تعمل بتقنية الليزر مثل مجموعة مركبات LaAlO3 (النيوديميوم النشط)؛ إذ يُمكن لهاليدات الرصاص وهاليدات الكلور تحويلَ الضوء المرئي إلى أشعة تحت الحمراء(2).
لا تقتصر تطبيقات البيروفسكايت على هذا وحسب؛ بل تتعداه إلى الاستفادة منها في تجميد النفايات المشعة، حيث خُلِطت مادة الزيركونوليت CaZrTi2O7 مع هولانديت (معدن أكسيد المنغنيز) مع البيروفسكايت في عام 1978 من أجل الحصول على مادة خاملة، وتُصهر النفايات المشعة معها لتجميد حركتها لمليارات السنين، وأظهرت هذه المادة كفاءة أفضل من الزجاج المستخدم عادةً، والذي لم يكن مستقرًا كفاية، واستخدمت هذه المادة التي يطلق عليها اسم Synroc بصورة مطوّرة في عام 2005 لتجميد 5 طن من نفايات البلوتونيوم(2).
وبالعودة إلى استخدام البيروفسكايت في التطبيقات الشَّمسيَّة، يُمكن لخلايا البيروفسكايت أن تستخدم أيضًا في الإضاءة المنزليَّة، ومن المتوقع ازدياد الطلب على الخلايا الكهروضوئيَّة الداخلية ( Indoor Photovoltaik) والمرموز لها بالاختصار IPV انعكاسًا لارتفاع القيمة التسويقية للأجهزة التي تعدُّ جزءًا من إنترنت الأشياء (IoT)، وهذا ينطبق على الأجهزة ذاتية التحكم عمومًا(3).
يشترط في المواد المستخدمة في الإضاءة المنزليَّة أن تكون قادرةً على العمل في الأماكن المغلقة، وليست تحت تأثير الإشعاع الشمسي، أي يجب أن تكون قادرة على التقاط الضوء المدثر، وفي هذا المجال كان لمواد مشتقة من بيروفسكايت هاليدات الرصاص Perovskite Inspired Materials النصيب الأكبر، كما أنَّها تتمتع بمواصفات أقل ضررًا على البيئة، لأنَّها خالية من الرصاص، والمرموز لها بـ (PIMs)، وبعد أن أُجريت مجموعة اختبارات على مواد BiOl و Cs3Sb2ClxI9-x (هي مركبات تستخدم في تصنيع الخلايا الشَّمسيَّة) تبيّن أنَّها تمتلك مواصفات جيدة جدًّا لالتقاط الضوء في الأماكن المغلقة، تتفوق على مستوى أدائها تحت أشعة الشمس(3).
السؤال المطروح هنا: إلى أي حدٍّ يمكن لتقنية البيروفسكايت أن تنافس التقنيات التَّقليديَّة كخلايا السيليكون، وتقنية الخلايا ذات الأغشية الرقيقة ( thin film)، والخلايا المترادفة (tandem cells)، وغيرها من الخلايا الكهروضوئيَّة؟ وما تقنيات الخلايا الشَّمسيَّة الأفضل المكتشفة إلى الآن؟
حتى نستطيع الحكم على نقاط قوة وضعف كل تقنية نحن بحاجة إلى مقارنتها من جوانب عديدة، وهذا ما سنتعرف إليه في العمل القادم من هذه السلسلة.
المصادر:
1- Perovskite Solar Cells [Internet]. Energy.gov. 2020 [cited 18 December 2020]. Available from: هنا
2- Brooks K. Perovskite [Internet]. Wiley online library. 2020 [cited 15 December 2020]. Available from: هنا
3- Peng Y، N. Huq T، Mei J، Portilla L، A. Jagt R، G. Occhipinti L et al. Lead‐Free Perovskite‐Inspired Absorbers for Indoor Photovoltaics [Internet]. Wiley Online Library. 2020 [cited 27 December 2020]. Available from: هنا