الفلسفة وعلم الاجتماع > علم المنطق والأبستمولوجيا
يوم المنطق العالمي المنطق لغة العقل
غالباً ما يُستخدم مُصطلح (المنطق) (Logic) في حياتنا اليوميّة بعدة طرائقٍ مختلفة، عموماً نستخدمه للتعبير عن التفكير السليم ونعدُّ التفكير المنطقي شيئاً إيجابيّاً لتجرّده من العواطف والانحيازات الشخصية.
جاء مصطلح (المنطق) من الكلمة اليونانية (Logos)، التي تُترجم أحياناً إلى جملة أو خطاب أو استقراء. ولكن هذه الترجمات ليست كافيةً لمساعدتنا على فهم المعنى الأكثر تخصصاً لـ (المنطق)؛ وذلك لأنّ مصطلح المنطق في المجال المعرفي يبدو أكثر تعقيداً من ذاك الذي نستعمله في أحاديثنا اليومية (1).
باختصار، يمكننا تعريف المنطق على أنّه دراسةُ مبادئ التفكير السليم. ولكن هذا تعريفٌ عام، لأن كيفية تعريف المنطق على نحو صحيح هي في الواقع مسألةٌ مثيرةٌ للجدل. لهذا السبب سوف نستعرض مبادئ المنطق بتوّسع في هذا المقال (1).
يمكن تعريف المنطق بوصفه مجالاً معرفيّاً على أنّه الجسم المنظم للمعرفة، أي إنّه يُنظّم العملية التي تُقيّم من خلالها الحجج. من خلال تطوير نظام من الأساليب والمناهج والمبادئ التي نستخدمها معاييرَ لتقييم حجج الآخرين وتحليلها وتعريفها، وبالطّبع استخدامها بكونها أدلّةً إرشاديّةً في بناء الحجج الخاصّة بنا، ويُعرّف بأنّه محاولةٌ لوضع قواعد التفكير العقلاني أيضاً، ويستكشف علماء المنطق من خلال هذه القواعد بُنية أنواع الحجج التي تدلّ على الحقيقة وتسمح بالاستخراج الأمثل للمعرفة من الأدلة (2).
وإذا نظرتم إلى التعريفاتِ المختلفة السابقة للمنطق، ستجدون بالتأكيد شيئاً واحداً مشتركاً بينها ألا وهو (الحجة) (Argument)؛ وتُعرّف الحُجة من وجهة نظر المنطق بأنّها واحدةٌ أو مجموعةٌ القضايا المنطقيّة، و(القضية المنطقية) (Statement) هي جملةٌ تصريحيّةٌ تحمل قيمةً حقيقيةً إما صحيحة أو خاطئة. فعلى سبيل المثال فإن الجملتين الآتيتين هما بيانان يحويان قيمةً حقيقيّةً من الصحة:
- دمشق هي عاصمة سوريّة (قضية منطقية صحيحة)
- يتكاثر الدجاج بالولادة (قضية منطقية خاطئة) (2).
ولكن لتشكيل حجةٍ ما، فإنه يجب أن تحوي مقدمةً واحدةً على الأقل (Premise) ونتيجةً واحدةً (Conclusion) لا أكثر، ومن ثَمَّ فإنّ حقيقة أنّ المقطع يحتوي على قضيتين منطقيتين أو أكثر لا يمكن أن يضمن وجود حجة فيه. ولكن يمكن أن يكون هناك أكثر من مقدمةٍ للوصول إلى نتيجة (التي هي واحدة في كل الأحوال) كما في المثال الآتي:
- يبدأ الطفل التعلم في المدرسة في عمر السادسة (مقدمة 1)
- أحمد في الثامنة من العمر (مقدمة 2)
- إذاً أحمد يدرسُ في المدرسة (نتيجة)
- لا يحق لمن هو دون الثامنة عشر التصويت في الانتخابات (مقدمة 1)
- نور في الخامسة عشرة من العمر (مقدمة 2)
- إذاً، لا يحق لنور التصويت في الانتخابات (نتيجة)
كيف نستفيد من المنطق ودراسته في حياتنا اليومية؟!
- يساعدُنا المنطق على تطوير المهارة اللازمة لبناء حجج سليمة (صحيحة) وخالية من المغالطات* إضافةً إلى مساعدتنا في تقييم حجج الآخرين واختبار صحتها.
- يُشكّل المنطق حجر الأساس في الدفاع ضد المواقف المتحيزة وغير المتحضرة التي تهدد أسس المجتمع المتحضر والديمقراطي.
- يساعدنا على التمييز بين الحجج الجيدة والحجج السيئة.
- يساعدنا على فهم الأخطاء المنطقية الشائعة في عملية التفكير وتحديدها.
- يساعدنا على فهم الالتباس الشائع الناتج عن سوء استخدام اللغة وتحديده.
- يمكّننا من تمييز العقلاني عن اللاعقلاني وتمييز الحكمة عن الجنون (2).
وأدى البحث في طرائق تقييم الحجج إلى ظهور العديد من أساليب ومبادئ التفكير المنطقي السليم، ومن أهمّها التفكير النقدي (Critical Thinking)، وهو مصطلحٌ عامٌ يُطلق على مجموعةٍ واسعةٍ من المهارات المعرفية لتحليل وتقييم الحجج والادعاءات بصورة مستقلة وفعّالة. علاوةً على ذلك، فإنّ التفكير النقدي يساعدنا على اكتشاف الأفكار والتحيزات الشخصية المسبقة والتغلب عليها في أثناء صياغة أسبابٍ مقنعةٍ لدعم الاستنتاجات وتقديمها؛ ولاتخاذ قراراتٍ معقولةٍ وذكيةٍ عمّا يجبُ تصديقه وما يجبُ فعله (2).
ويرى الفيلسوف الأمريكي جون ديوي (John Dewey 1859-1952) أنّ التفكير النقدي هو عملية (نشطة) مستمرةٌ عن طريق إلقاء الأسئلة ومحاولة استجماع المعلومات عنها بالاعتماد على النفس، على عكس عملية التعلُّم (السلبية) التي يستقي فيها الأفراد معلوماتهم من الآخرين (2).
تنقسم مهارات التفكير النقدي إلى ستة عناصر:
- تحديد المشكلة أو القضية والعوامل التي تؤثر فيها
- البحث المستقل والمضمون من مصادر موثوقة
- تحديد التحيزات والأفكار المسبقة الموجودة لدينا
- القدرة على استنتاج واستخلاص النتائج بناءً على المعلومات المقدمة لنا
- معرفة المعلومات الأكثر أهمية بالنسبة لنا والمتعلقة بالمشكلة الأساسية مباشرةً
- أن نستمر بإلقاء الأسئلة وألا نتردد في إظهار فضولنا (3).
علاوةً على ذلك، يجبُ أن يشكَّ المفكر النقدي في كل شيءٍ بما في ذلك الأعراف والتقاليد الاجتماعية القائمة وأن يُفكّر على نحو منهجيّ مع الأخذ بالحسبان جميع جوانب المشكلة والنظر إلى كل عنصر في سياقه الأوسع. ويجبُ أن يفحص الأفكار والمعلومات بعنايةٍ وأن يستخدم الأدلة لدعم نظرياته، إضافةً إلى ذلك، فإنّ تعلُّم المغالطات المنطقية* وتجنّبها مهمٌ جداً ليكون فعلاً مستخدماً المنطق في محاججته (4).
*للاطّلاع على سلسلة المغالطات المنطقية لتجنّب ارتكابها:
هنا;
وللاطّلاع على المزيد عن المنطق التقليدي وأسُسه:
المصادر:
2. MESKEL TEKLAY, TEKLAY ADANE, MAMO ZELALEM. LOGIC AND CRITICAL THINKING [Internet]. Wachemo University; [cited 2021Jan6]. Available from: هنا
3. Erstad W. Sıx Critical Thinking Skills You Need to Master Now [Internet]. 6 Critical Thinking Skills You Need to Master Now | Rasmussen College. 2018. Available from: هنا
4. Critical thinking [Internet]. Research & Learning Online. Monash University; 2020. Available from: هنا