الطب > طب الأطفال
تضيق برزخ الأبهر coarctation of the aorta
هو عيب خلقي يكون فيه جزء من الشريان الأبهري (المسؤول عن نقل الدم الغني بالأكسجين إلى الجسم) أضيق من الطبيعي، وإذا كان التضيق شديدًا ولم يُشخص، فقد يعاني الطفل من مشكلات خطيرة وقد يحتاج إلى جراحة بعد الولادة مباشرة، ولهذا السبب يُعد تضيق الأبهر عيبًا خلقيًا خطيرًا في القلب.
ويحدث التضيق في الأبهرعادةً بعد أن تتفرع منه الشرايين المسؤولة عن نقل الدم إلى الرأس والذراعين بالقرب من مكان القناة الشريانية، ونظرًا لمكان توضع التضيق فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم و النبض في الرأس والذراعين وانخفاض ضغط الدم وضعف النبض في الساقين والجزء السفلي من الجسم. ويؤدي التضيق أيضًا ضمن الأبهر إلى منع تدفق الدم إلى الجسم، ويسبب ذلك عودة الدم المتدفق إلى البطين الأيسر، مما يجعل عضلات هذا البطين تعمل بجهد أكبر لإخراج الدم من القلب، وإذا كانت الحالة شديدة جدًا، قد لا يتمكن الدم الكافي من الوصول إلى الجزء السفلي من الجسم، ويمكن أن يؤدي الجهد الإضافي على القلب إلى تضخم جدران القلب من أجل ضخ الدم بقوة أكبر، وهذا في النهاية يُضعف عضلة القلب، وإذا لم يُوسع الأبهر، فقد يضعف القلب كثيرًا مسببًا قصورًا في القلب (1)
توضح الصورة مكان حدوث التضيق الذي يعقب تفرع الشرايين المسؤولة عن تروية الطرف العلوي من الجسم.
يُعد تضيق الأبهر أحد أكثر عيوب القلب الخلقية شيوعًا عند الولادة، ويمثل حوالي 5٪ من جميع عيوب القلب الخلقية، وغالبًا ما يُشخَّص عند الأطفال أو البالغين الذين تقل أعمارهم عن 40 عامًا (2).
إن السبب الدقيق لتضيق الأبهر غير معروف تمامًا، وقد ينتج عن تشوهات في تشكل الأبهر في أثناء الحمل، (2) ويُعتقد أن السبب الأكثر شيوعًا للتضيق هو انقباض الأبهر في منطقة القناة الشريانية السالكة، إذ من الممكن أن يسبب نسيج القناة الشريانية انقباضًا في المنطقة المجاورة للشريان الأبهر، وهذا بدوره يؤدي إلى تضيق لمعة الأبهر (3).
وتعتمد الأعراض على كمية الدم التي يمكن أن تتدفق عبر الشريان، فحوالي نصف حديثي الولادة الذين لديهم تضيق سيعانون من الأعراض في الأيام الأولى من الحياة، وتشمل هذه الأعراض تسرّع التنفس ومشاكل في التغذية وزيادة الهياج والنعاس أو ضعف استجابة الرضيع، وفي الحالات الشديدة، قد يصاب الرضيع بقصور القلب والصدمة، وفي حالات التضيق الأقل شدة، قد لا تظهر الأعراض حتى سن المراهقة، وتشمل هذه الأعراض: ألم في الصدر، وضيق في التنفس، وفشل أو ضعف في النمو، وقد يحدث دوار أو إغماء، والشعور بالبرودة في القدمين أو الساقين، وانخفاض القدرة على ممارسة الرياضة مع حدوث تشنجات في الساقين عند ممارسة الرياضة، بالإضافة لحدوث رعاف وصداع (2).
ويترافق تضيق الأبهر مع عوامل أكثر خطورة، وغالباً ما تكون على شكل عيوب أخرى في القلب، كما في الحالات التالية:
- الصمام الأبهري ثنائي الشرف: إذ يحتوي الصمام الأبهري على اثنين من الشرف بدلًا من ثلاث شرف كما هو في الحالات الطبيعية.
- تضيق تحت الأبهر: إذ يكون هناك تضيق في المنطقة الواقعة أسفل الصمام الأبهري مما يعيق تدفق الدم من البطين الأيسر إلى الأبهر.
- القناة الشريانية السالكة PDA: إذ تبقى هذه القناة مفتوحة بدلًا من أن تنغلق طبيعيًا بعد الولادة بفترة قصيرة، للمزيد هنا.
- وجود عيوب في الجدار بين البطينين الأيمن والأيسر، مثل عيب الحاجز البطيني VSD، أو عيب الحاجز الأذيني ASD.
- وأخيرًا تضيق الصمام التاجي الخلقي: الذي قد يؤدي إلى ظهور أعراض احتقان رئة، للمزيد: هنا .
ويُعد تضيق الأبهر أكثر شيوعًا عند الذكور منه عند الإناث، وأيضًا عند المصابين بحالات وراثية معينة، مثل متلازمة تورنر (4).
ويمكن أن تتطور بعض المضاعفات في حال عدم معالجة التضيق نتيجة لارتفاع ضغط الدم طويل الأمد الناجم عن التضيق، وتشمل بعض المضاعفات الخطيرة حدوث السكتة الدماغية وأمهات الدم الدماغية، وتطور داء الشريان التاجي المبكر، وأم الدم الأبهرية أو حدوث تمزق الأبهر، وقد يحدث في النهاية فشل كلوي وكبدي (5).
التشخيص:
عادة ما يُشخص تضيق الأبهر بعد ولادة الطفل، ويعتمد التشخيص في وقت مبكر عادةً على شدة الأعراض، وقد يفيد فحص حديثي الولادة باستخدام مقياس الأكسجة النبضي خلال الأيام الأولى من الحياة إلى اكتشاف التضيق.
وغالبًا يُشتبه بالتضيق من خلال الفحص عند الرضع والأكبر سنًا، إذ يكون النبض أضعف على نحوٍ ملحوظ في الساقين مما هو عليه في الذراعين، ويمكن سماع نفخة قلبية (صوت صفير غير طبيعي ناجم عن اضطراب تدفق الدم) بواسطة السماعة.
وبمجرد الاشتباه بالتضيق يلجأ الطبيب إلى إجراء إيكو القلب، فهو الاختبار الأكثر استخدامًا لتأكيد التشخيص، إذ يكشف الاختبار المشاكل الموجودة في بنية القلب وآلية تدفق الدم من خلاله، ومدى جودة عمله، ويُظهر موقع التضيق وشدته، وما إذا كان هناك أي عيوب قلبية أخرى، ويمكن استخدام اختبارات أخرى بما في ذلك تصوير الصدر بالأشعة السينية، وتخطيط القلب الكهربائي (EKG)، والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، والقثطرة القلبية (1).
العلاج:
ويعتمد علاج التضيق على العمر وشدة الحالة، ويكون العلاج جراحيًّا بصورة أساسية، ولا يمكن اللجوء إلى الدواء لإصلاح تضيق الأبهر، ومع ذلك قد يُنصح باستخدام الأدوية من أجل ضبط ضغط الدم قبل الجراحة وبعدها. وعلى الرغم من أن إصلاح تضيق الأبهر يُحسن ضغط الدم، إلا أن العديد من الأشخاص قد يكونون بحاجة إلى تناول أدوية لخفض ضغط الدم بعد الجراحة الناجحة.
وثمة العديد من العمليات الجراحية لإصلاح تضيق الأبهر، وتشمل الخيارات مايلي:
A. الاستئصال مع المفاغرة من طرف إلى طرف Resection with end-to-end anastomosis: تتضمن هذه الطريقة استئصال الجزء المتضيق من الأبهر، ومن ثم إعادة ربط طرفي الشريان الطبيعيين معًا، وهذا ما يدعى بالمفاغرة.
B. إصلاح الأبهر بواسطة رقعة Patch aortoplasty: تُقطع المنطقة المتضيقة من الأبهر ثم تربط قطعة من مادة اصطناعية لتوسيع الوعاء الدموي. وهذا الإجراء مفيدٌ إذا كان التضيق يتضمن جزءاًا طويلًا من الأبهر.
C. الإصلاح باستخدام طعم المجازة Bypass graft repair: ويتضمن هذا الأسلوب تجاوز المنطقة المتضيّقة عن طريق إدخال أنبوب يُدعى الطُعم بين أجزاء الشريان الأبهر.
D. رأب الأبهر بسديلة من الشريان تحت الترقوة Subclavian flap aortoplasty: يمكن استخدام جزء من الشريان تحت الترقوة الأيسر(left subclavian artery) لتوسيع المنطقة المتضيقة من الشريان الأبهري.
توضح الصورة جميع الإجراءات المذكورة سابقًا بالترتيب.
E. رأب الأوعية بالبالون ووضع الدعامات:
يمكن استخدام هذا الإجراء كعلاج أولي لتضيق الأبهر بدلًا من الجراحة، أو قد يُجرى إذا نكس التضيق مرة أخرى بعد الجراحة.
وفي أثناء عملية الرأب الوعائي بالبالون، تُدخل قثطرة في الشريان الفخذي ثم تُمرر عبر الأوعية الدموية وصولًا إلى القلب باستخدام التصوير بالأشعة السينية، وثم يوضع بالون غير منفوخ من خلال فتحة الأبهر المتضيق، وعندما ينفخ البالون يتوسع الشريان الأبهر ويتدفق الدم بسهولة أكبر. وفي بعض الأحيان، تُوضع شبكة (دعامة) في الشريان الأبهري لإبقاء الجزء الضيق من الشريان مفتوحًا (4).
توضح الصورة السابقة عملية الرأب الوعائي بالبالون ووضع الدعامة.
ينخفض معدل البقاء على قيد الحياة لدى الأشخاص المصابين بالتضيق مقارنة بالأشخاص العاديين، أما بالنسبة للأفراد الذين يفشل إصلاح التضيق لديهم فعادة ما يموتون بحلول سن الخمسين.
وفي النهاية، يُعد تضيق الأبهر مرضًا يستمر مدى الحياة، ويجب متابعته باستمرار. كما يحتاج هؤلاء الأفراد أيضًا إلى الوقاية من التهاب الشغاف إذا خضعوا لأي إجراء جراحي، وعلى المدى القصير فإن الذين يفشلون في تدبير ضغط الدم المرتفع يميلون إلى الحصول على نتائج أسوأ مقارنة بالأفراد العاديين (3).
المصادر:
2. Coarctation of the aorta [Internet]. Medlineplus.gov. 2019 [cited 31 December 2020]. Available from: هنا
3. A. Law M, S. Tivakaran V. Coarctation of the Aorta. 2020. StatPearls Publishing, Treasure Island (FL). Available from: هنا
4. Coarctation of the aorta [Internet]. Mayo Clinic. 2020 [cited 31 December 2020]. Available from: هنا
5. Aortic Coarctation [Internet]. Cleveland Clinic. 2019 [cited 31 December 2020]. Available from: هنا