جُزيئات معدلة من سُم الدبابير للقضاء على البكتيريا المُقاوِمة للمضادات الحيوية

صمَّم فريقٌ بقيادة علماء بجامعة بنسلفانيا جزيئاتٍ قويةً جديدةً مُضادةً للميكروبات من البروتينات السامة الموجودة في سم الدبابير؛ يأمل الفريق في تطوير الجزيئات إلى أدوية جديدة قاتلةٍ للبكتيريا، وهو تقدم مهم بالنظر إلى زيادة أعداد البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية التي يمكن أن تسبب أمراضًا مثل تعفن الدم (Sepsis) والسل (Tuberculosis).

عدل الباحثون بروتينًا صغيرًا شديدَ السمية من نوع شائع من الدبابير الآسيوية Vespula lewisii. عززت التعديلاتُ قدرةَ الجزيء على قتل الخلايا البكتيرية مع الحد الكبيرِ من قدرتها على إيذاء الخلايا البشرية. وفي النماذج الحيوانية؛ أظهر العلماء أن هذه العائلة من الجزيئات الجديدة المضادة للميكروبات المصنوعة بهذه التعديلات يمكن أن تحمي الفئران من العدوى البكتيرية المميتة.

بالطبع؛ مع تطور البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية أصبحنا في حاجة ماسة إلى طرائق علاج جديدة للقضاء على هذه الأنواع البكتيرية وفقٍا إلى المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن ما يقرب من ثلاثة ملايين أمريكي يصابون كل عام بالميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية ويموت أكثر من 35000 منهم؛ إن المشكلة على الصعيد العالمي أسوأ، يُظَنُّ أن تعفن الدم  Sepsis يتسبب في وفاة واحدة من كل خمس حالات وفاة في أنحاء العالم حتى عام 2017 (1). 

بدأ De la Fuente وفريقه ببروتين صغير، يُدعى mastoparan-L، وهو مكون رئيسٌ في سم دبابير Vespula lewisii، عادة ما لا يكون السم الذي يحتوي على Mastoparan-L خطيرًا على البشر في الجرعات الصغيرة التي تنقلها لسعات الدبابير.

يُعرف (Mastoparan-L (mast-L أيضًا بسميته المعتدلة للأنواع البكتيرية؛ مما يجعله نقطة انطلاق محتملة لهندسة مضادات حيوية جديدة؛ ولكن لا تزال بعضُ الأمورِ المجهولةً، بما في ذلك كيفية تعزيز خصائصه المضادة للبكتيريا، وكيفية جعله آمنًا للبشر. 

بحث الفريق في قاعدة بيانات لمئات من الببتيدات المضادة للميكروبات المعروفة، ووجدوا منطقة صغيرة، تسمى شكل خماسي الببتيد، مرتبطة بنشاط قوي ضد البكتيريا؛ استخدم الباحثون هذا الشكل لاستبدال قسم في أحد طرفي Mast-L والذي يُظَن أنه المصدر الرئيس للسمية للخلايا البشرية (1).

في مجموعة من التجارب؛ عالج الباحثون الفئران باستخدام  Mast-MO، وهو الشكل المعدل من البروتين، بعد عدة ساعات من إصابتها بسلالات مميتة ومسببة لتعفن الدم مثل بكتيريا E.coli أو Staphylococcus aureus. في كل اختبار، أبقى الببتيد المضاد للميكروبات ما نسبته 80% من الفئران المعالجة على قيد الحياة، وعلى النقيض من ذلك؛ كانت الفئران التي عولجت بـ mast-L أقل احتمالًا للبقاء على قيد الحياة.

آليةُ عمل البروتين ببساطة هي قتل الخلايا البكتيرية عن طريق جعل أغشيتها الخارجية أكثر مسامية، مما يزيد فرص أختراق الخلية.

قورنت فاعلية البروتين المُعدل أيضًا بالمضادات الحيوية الموجودة مثل الجنتاميسين Gentamicin والإيميينيم Imipenem، ووجد تفوق ملحوظ في فاعلية البروتين المُعدل.

في الوقت الراهن يرسخ العُلماء العديد من المحاولات للقضاء على هذه الأنواع من البكتيريا، فقد عاملَ باحثون في جامعة كاليفورنيا البكتيريا المقاومة المضادات الحيوية باستخدام نهج مختلف: وهو إعادة تصميم المضادات الحيوية الموجودة لتفادي آليات مقاومة البكتيريا، من خلال ابتكار مجموعة من القطع الجزيئية التي يمكن تغييرها وضمها معًا لتشكيل جزيئات أكبر (2).

بالتأكيد يمكن تطبيق المبادئ والأساليب التي أستُخدمت في هذه الدراسات على نطاق أوسع من أجل فهم أفضل لخصائص مضادات الميكروبات والخصائص المناعية لجزيئات الببتيد، وتسخير هذا الفهم لتقديم علاجات جديدة ذات قيمة (1).

والآن؛ التحدي الأكبر الذي يواجه قطاع الرعاية الصحية هو تثقيف الناس فيما يخصُّ المضادات الحيوية وآثارها الجانبية وتشجيعهم على وقف إساءة استخدام المضادات الحيوية؛  يعد نقص المعرفة هو السبب الرئيس لمأساة مقاومة المضادات الحيوية على نطاق واسع، وللحد من ظهورها أزمةً عالميةً أكبر، من المهم تثقيف الناس عن ظهور مقاومة المضادات الحيوية في مسببات الأمراض البكتيرية وخيارات العلاج المحدودة المتاحة للعدوى المتعلقة بمقاومة الأدوية (3).

المصادر: