الكيمياء والصيدلة > صيدلة
أشيع السموم في حياتنا اليومية! كيف نتعامل معها؟
علم السموم Toxicology
يُعرَف علم السموم تقليدياً بأنه علم دراسة المواد الغريبة خارجية المنشأ والمحرّضة لتأثيرات غير مرغوبة عند تعرّض أجسام الثدييات لها، ويتضمّن علم السموم التعرض الداخلي والخارجي لهذه السموم وتفاعلها مع حجرات الجسم المختلفة (1).
السميّة Toxicity:
تُعرَف السميّة بأنها قدرة المادة على إحداث التأثيرات الضارة؛ هذه التأثيرات قد تؤثر على خلية واحدة أو على مجموعة من الخلايا أو على نظام عضو أو حتى على كامل الجسم. قد تكون هذه التأثيرات ظاهرة ومرئية كأذيات أو قد تكون على شكل انخفاض في الأداء أو الوظيفة لا يمكن قياسه إلا عن طريق إجراء اختبار مناسب (2).
ومن الجدير بالذكر أن جميع المواد الكيميائية قد تسبب الضرر ولكن؛ تُعدُّ المادة غير سامّة من الناحية العملية عندما يمكن لكمية كبيرة جداً منها أن تُحدِث ضرراً، وتُعدُّ شديدة السميّة عندما تكون الكميات الضئيلة منها مسببة للضرر (2).
كيف يمكن أن تسبب المواد السامّة الضرر؟
نظراً لإمكانية أن تكون المواد الكيميائية سامّة، من المهم أن نفهم كيفية تأثيرها على الصحة. وحتى نحدد مخاطر الآثار الصحية الضارة التي قد تسببها مادة ما، يجب أن نعلم أوَّلاً سمية المادة وإلى أي مدى وبأي وسيلة يتعرَّض لها الشخص، ومدى حساسية هذا الشخص للمادة (3).
تؤثِّر المواد الكيميائية على أجهزة الجسم المختلفة؛ إذ تؤثِّر بعض المواد تأثيراً خاصاً على الجهاز التنفسي كالأميانت والرادون والكادميوم، وتؤثِّر بعضها على جهاز الإطراح كالكادميوم والرصاص والزئبق، وكذلك الأمر على الجهاز القلبي الوعائي (أحادي أوكسيد الكربون والنيترات) والجهاز التناسلي (ميثيل الزئبق والرصاص) والجهاز العصبي (الزرنيخ والكادميوم والسيانيد) والجهاز المناعي (الزئبق والرصاص والمبيدات الحشرية) وعلى الجلد (النيكل والزئبق والزرنيخ) والكبد وأوردته أيضاً (رباعي كلوريد الكربون). وغيرها من المواد الكيميائية التي تؤثِّر على جهاز واحد خاصةً أو على عدّة حجرات بالجسم الحيّ (4).
تختلف المواد من ناحية طريق التعرّض لها؛ فمن الممكن أن تدخل المواد السامة عن طريق استنشاقها أو ابتلاعها أو بالتماس المباشر معها على الجلد أو العينين، كما تسمح مناطق الجلد المخدوشة لهذه المواد أن تدخل الجسم بسهولة أكبر. ويمكن لطريق التعرض أن يحدد حدوث التأثير الضار من عدمه؛ فعلى سبيل المثال: قد يسبب استنشاق أو ابتلاع الرصاص آثاراً صحية ولكن لا يُعدُّ لمسه ضاراً؛ لأن الرصاص لا يُمتص من الجلد (3).
كما تحدِّد الجرعة التي يتعرض لها الجسم من المادة السامة شدّة السمية فعلى سبيل المثال: أخذ حبتين من الأسبيرين قد يساعد على تخفيف الصداع ولكن؛ أخذ كامل كمية العبوة قد يؤدي إلى ألم في المعدة، غثيان، إقياء، صداع، اختلاجات أو الموت. ويجب أخذ وزن الشخص المُعرّض بعين النظر؛ إذ إنَّ جرعة ما من مادة سامة ستسبب آثاراً ضارة عند الأطفال أشد منها عند البالغين. (3).
الحساسية:
لا يتساوى جميع الأشخاص في الحساسية تجاه المواد الكيميائية ولا يتأثرون بها بنفس الطريقة. ويوجد أسباب كثيرة لهذا الأمر:
- تختلف أجسام الناس في قدرتها على تحطيم بعض المواد الكيميائية أو التخلص منها؛ وذلك بسبب الاختلافات الجينية فيما بينهم.
- قد يصاب الناس بالحساسية تجاه مادة كيميائية ما بعد التعرض لها؛ فتتفاعل أجسامهم مع مستويات منخفضة جداً من المادة وتظهر لديهم تأثيرات صحية مختلفة أو أكثر خطورة من الأشخاص غير المصابين بحساسية والمعرضين لنفس الكمية من تلك المادة. ومن الأمثلة على ذلك: الاختلاف بردِّ فعل الجسم تجاه لسعات النحل باختلاف الأشخاص.
- يمكن أن تؤثِّر عوامل أخرى مثل: العمر والمرض والنظام الغذائي وتعاطي الكحول والحمل وتعاطي الأدوية الطبية أو غير الطبية أيضاً على حساسية الشخص لمادة كيميائية.
- غالباً ما يكون الأطفال الصغار أكثر حساسية تجاه المواد الكيميائية لعدد من الأسباب؛ إذ لا تزال أجسامهم تتطور ولا يمكنهم التخلص من بعض المواد الكيميائية كالبالغين. وإضافةً إلى ذلك، يمتصُّ الأطفال أكثر من البالغين كميات أكبر من بعض المواد الكيميائية في دمائهم مثل الرصاص (3).
أشيع المواد السامة عند الأطفال:
- مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية.
- مواد التنظيف ومنتجات غسيل الثياب.
- مسكنات الألم.
- الأجسام الغريبة مثل: الألعاب والعملات المعدنية وموازين الحرارة.
- مستحضرات موضعية topical preparations.
- الفيتامينات.
- مضادات الهيستامين.
- المبيدات الحشرية.
- النباتات.
- مضادات المكروبات (5).
أشيع المواد السامة عند البالغين:
- مسكنات الألم.
- المهدئات والمنومات ومضادات الذهان.
- مضادات الاكتئاب.
- أدوية القلب والأوعية الدموية.
- مواد التنظيف المنزلية.
- الكحول.
- المبيدات الحشرية.
- سموم القرّاد والعناكب والنحل والثعابين.
- مضادات الاختلاج.
- مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية (5).
أخطر المواد السامة على الأطفال:
وتشمل المواد الخطرة التي نجدها في المنزل. ويجب الحرص على شراء كميات قليلة منها والاستغناء عن أي إضافات غير ضرورية منها، كما يجب التأكد من أن تكون بعيدة دائماً عن متناول الأطفال؛ ومن أشيع السموم الخطيرة على الأطفال:
- الأدوية.
- غاز أحادي أوكسيد الكربون.
- البطاريات.
- حبوب الحديد.
- مواد التنظيف.
- مزيل غراء الأظافر ومبطن الأظافر nail primer.
- مركبات الهيدروكربون.
- المبيدات الحشرية.
- محلول غسيل الزجاج الأمامي ومضادات التجمد antifreeze.
- الفطور البرية.
- الكحول.
- منظفات الصرف الصحي ومنظفات المراحيض.
- المخدرات الموضعية (5).
الوقاية والتدبير العلاجي:
يمكن تقليل التعرض للمواد الكيميائية الضارة عن طريق ما يأتي:
- المعرفة بالمواد الكيميائية في المنتجات المستخدمة يومياً.
- العلم بأي منطقة تحتوي على كمية من المواد الملوثة حول المنزل أو مناطق العمل.
- غسل اليدين.
- غسل الفواكه والخضراوات.
- قراءة الملصقات المحذرة من التعرض للمواد الكيميائية.
- عدم حرق الأخشاب المُعالجة بمواد كيميائية حافظة.
- الحفاظ على تهوية المنزل.
- اتباع الإرشادات الصحية للتخلص من الأجهزة الإلكترونية والبطاريات والطلاء وباقي المنتجات التي تحتوي على مواد كيميائية ضارة.
- الحد من تناول الأسماك التي تحتوي على نسبة عالية من الزئبق.
- تجنب تدخين السجائر (4).
- ارتداء قفازات واقية مناسبة عند التعامل مع المواد الكيميائية.
- ارتداء قناع مناسب عند التعامل مع المواد الضارّة عند استنشاقها.
- تخزين المواد الكيميائية تخزيناً آمناً وبعيداً عن متناول الأطفال، وعدم تخزينها في أوعية زجاجية شائعة الاستخدام كزجاجات الصودا أو علب الطعام.
- وضع ملصقات على جميع العلب التي تحتوي على مواد كيميائية عند تخزينها.
- تجنب استخدام المواد السامة قدر الإمكان؛ وذلك باختيار منتجات بديلة تحتوي على مكونات أقل سمية. فعلى سبيل المثال: تُعدُّ الدهانات ذات الأساس المائي عموماً أقل سمية من الدهانات الزيتية (3).
من الممكن أن يكون التسمم مهدِداً للحياة؛ فإذ ابتلع شخصٌ ما مادة سامّة، فمن الضروري أن يحصل على المساعدة الطبية على الفور. تُجرَى على الأشخاص الذين ابتلعوا مادة سامّة أو تناولوا جرعة زائدة من الأدوية عدّة تحريات، مثل الفحوص الدموية لمعرفة مستويات المواد الكيميائية في الدم واختبار وظيفة الكبد لمعرفة مدى تضرّر الكبد وطلب مخطط كهربيّة القلب ECG للتحقق من أنه يعمل عملاً صحيحاً. ومن ثم تُطبَّق بعض التدابير العلاجية الآتية:
- إعطاء الفحم المُنشِّط، الذي يرتبط بالسم ويمنع امتصاصه في الدم.
- إعطاء الترياق المناسب، الذي إمّا أن يمنع السّم من العمل أو أن يعكس تأثيراته.
- إعطاء المهدئات، ويمكن إعطاؤها في حال كان الشخص في حالة من الهيجان.
- وضع الشخص على جهاز التنفس الاصطناعي، وذلك في حال توقف الشخص عن التنفس.
- الأدوية المضادة للصرع، ويمكن استخدامها في حال كان الشخص يعاني من نوبات (6).
وفي النهاية، لا بد من التذكير بأنه على الرغم من أن المواد الكيميائية التي نستخدمها يوميَّاً قد تكون سامة، فإنه لا داعٍ للخوف؛ إذ من الممكن حماية أنفسنا وعائلاتنا باتباع الإرشادات الصحية المناسبة والمهمة لتقليل التعرّض لهذه المواد.
المصادر:
2- [Internet]. Purdue.edu. 2020 [cited 15 October 2020]. Available from: هنا
3- What You Know Can Help You - An Introduction to Toxic Substances [Internet]. Health.ny.gov. 2020 [cited 15 October 2020]. Available from: هنا
4- [Internet]. Atsdr.cdc.gov. 2020 [cited 15 October 2020]. Available from: هنا
5- Common and Dangerous Poisons [Internet]. Poison.org. 2020 [cited 15 October 2020]. Available from: هنا
6- Introduction - HSE.ie [Internet]. HSE.ie. 2020 [cited 15 October 2020]. Available from: هنا,(as%20with%20snake%20bites).