الرياضيات > ألـبـومـات
تاريخ التكامل: التقنية والنظرية
إنَّ عدم امتلاك الإنسان للأدوات التي تُمكنه من إجراء التجارب والحصول على بيانات دقيقة لإثبات فرضيِّاته تدفعه إلى البحث عن أدوات بديلة؛ هذا ما حدث معه في مسألة قياس الأطوال وحساب المساحة والحجم، ولاحقًا وصف كميات هائلةٍ من البيانات الصغيرة الحجم كتدفق الجسيمات، كانت التقنية البديلة هي التكامل.. فمتى كانت بداياته؟ ومن أسهم في وضع تعريف دقيقٍ للتكامل؟ وكيف حُلَّت مشكلة التكامل؟ نقدم لكم في ألبوم الصورهذا سردًا تاريخيًّا سريعًا.
تُعدُّ طريقة الاستنفاذ (method of exhaustion) المقترحة من قبل عالم الفلك اليوناني Eudoxus of Cnidus أول تقنيةٍ لحساب المساحات والحجوم عن طريق تقسيمها إلى عدد غير منتهٍ من الأجزاء (1).
لاحقًا، نَقَّح أرخميدس تلك الطريقة لتُصبح أداة قويةً لتحديد مساحة سطح المناطق المنحنية وحجمها؛ كمساحة الدائرة ومساحة سطح الكرة وحجمها ومساحة القطع الناقص ومساحة الحلزون وغيرها (2).
حسب الحسن بن الهيثم تقريبًا لحجم السطح المكافئ فعبَّرعنه كتقريب لمجموع قوى من المرتبتين الثانية والرابعة، ثم استخدم صيغة "مجموع قوى من المرتبة الرابعة"؛ إذ اشتقها سابقًا ليحصلَ على تكامل ذلك التقريب (3).
مع بداية القرن السابع، استطاع كافالييري (Cavalieri) إيجاد تكامل xn علمًا أن n=9؛ إذ عمَّمها لاحقًا جون واليس (Wallis) من أجل أي قيمة لـ n (4).
أول إشارات الاتصال بين التفاضل والتكامل حدثت بواسطة تقديم إسحاق بارو (Barrow) لأول برهان للنظرية الأساسية للتفاضل والتكامل (3).
في النصف الأخير من القرن السابع عشر طوَّر اثنان من أعظم عباقرة الرياضيات في كلِّ العصور -هما إسحق نيوتن وغوتفريد ليبنتز- وبصورة مستقلة مفاهيم عامةً كانت مرتبطة بالمشكلتين الأساسيتين في التفاضل والتكامل: القيم القصوى والمساحة (3).
شكَّل حل المشكلات الفيزيائية التي صيغت رياضيًّا بواسطة معادلات تفاضلية دافعًا لتطور تقنيات التكامل في القرن الثامن عشر؛ إذ انتقل أويلر وغيره من حساب التكامل لتراكيب تحليلية بمتغير واحدٍ إلى تراكيب بعدة متغيرات بواسطة (3).
افتقر النهج الذي قدمه نيوتن وليبنتز في حساب التفاضل والتكامل إلى درجة من الدقة؛ ما دفع الأسقف الهولندي جورج بيركلي إلى انتقاد اللامتناهيات في الصغر عن طريق رسالة بعنوان "المحلل" (3).
وامتد السؤال عن متى تكون القيمة صفرًا ومتى لا تكون إلى عمل فيرما، ودفع عجز نيوتن وليبنتز عن الإجابة كثيرًا من علماء الرياضيات -أبرزهم ماكلورين و دالمبرت ولاغرانج- إلى إيجاد تبرير، لكنَّه غالبًا ما افتقد الدقة (3).
أوغاستين كوشي أول من أسس حساب التفاضل والتكامل على أساس النهاية كما هي معروفة اليوم، وحثَّت أعمال كوشي وفورييه في السلاسل غير المنتهية لدوال مستمرة برنارد ريمان إلى تطوير مفهوم التكامل بالصورة المعروفة اليوم (3).
مجموعة الدوال التي تُحسب وفق تكامل ريمان صغيرة كالدوال الظاهرة في تحليل فورييه هو ما دفع هنري ليبيغ لصياغة تعريف جديد للتكامل اعتمادا على قياس المجموعات التي طورها بوريل وكانتور سابقا؛ إذ عُرف بتكامل ليبيغ وهذا ما حل مشكلة التكامل (4).
المصادر:
1.Burton D. The history of mathematics. New York: McGraw-Hill; 2011, p.117
2. Heath T. The works of Archimedes. Mineola, N.Y.: Dover Publications, Inc.; 2018
3. Katz V. A History of mathematics. Boston, Mass.: Pearson Education; 2009, p.305, 516, 523, 536, 543-580, 594, 601, 628, 630-633, 765.
4. Rudin W. Real and complex analysis. New York, NY: McGraw-Hill; 2013, p.5