الهندسة والآليات > الروبوتات
استخدام الجليد لتصنيع الروبوتات
ما يزال أمام البشر العديد من الأماكن غير المكتشفة، سواءً في الكرة الأرضية أو خارجها في أعماق المحيطات أو المناطق القطبيّة المتجمدّة إلى الكواكب والمجرات البعيدة، ويعتمد في أغلب هذه المناطق -وبسبب طبيعتها القاسية- على الروبوتات؛ لاكتشافها ومنحنا معلومات أوليّة عنها.
عند العمل في بيئات بعيدة أو على كواكب أخرى، فإنَّ تكلفة نقل الروبوتات والمواد إلى تلك المنطقة تكون مرتفعة جدًّا (1)، وفي حالات حدوث مشكلات أو أعطال في هذه الروبوتات، فعمليات نقل القطع البديلة لهذه الروبوتات تكون مُكلفة، لنأخذ الـ preserverance robot مثالًا، وهو الروبوت الذي أرسلته NASA في 20 تموز (يوليو) لعام 2020 إلى المريخ (2)، وصُنع هيكل هذا الروبوت من الألياف الزجاجيَّة وبعض الأجزاء صُنعت من ألياف الغرافيت، الّتي جُمعت على شكل نسيج مُشكلًّا مادة أخف من الألمنيوم وأقسى من الفولاذ، إضافًة إلى بعض الأجزاء المُصنعّة من التيتانيوم (3)، في حين تُصنع عجلاته الأربع من الألمنيوم، إضافةً إلى بعض الأوتاد؛ لزيادة الاحتكاك وبعض الأربطة الموزعة محوريًّا والمصنعة من التيتانيوم لإكسابه دعمًا نابضيًّا (4)، في حال حدوث أي عطل في جسم هذا الروبوت سيكون من المُكلف إعادة إصلاحه، بسبب تكلفة المواد العالية، وتكلفة إرسال هذه الأجزاء إلى المريخ (1).
إنَّ عملية تصنيع الروبوت من مواد موجودة في المنطقة المُرسل إليها، هي إحدى الطرائق المتبعة لتقليل التكاليف، بناءً على هذه الفكرة اقترح علماء من مختبر GRASP التابع لـ University of Pennsylvania إمكانيةَ استخدام الجليد لتصنيع الروبوتات الموجودة في مناطق تتمتع بحرارة منخفضة جدًّا، وكمية كبيرة من الجليد، مثل المريخ أو القطبين المتجمدين (1).
مع وجود كميات ضخمة من الجليد جاهزة للاستخدام في تلك المناطق، يمكن إعادة تشكيل الروبوتات أو إعادة تصميمها بسرعةٍ -حتى في أثناء التنقل ضمن المناطق- باستخدام عمليات تصنيع تعتمد على إضافة أو إزالة أجزاء من الروبوت؛ مما يجعل الروبوتات المعيارية التي تعتمد على هذه المواد مثاليةً لمهام إعادة التشكيل والإصلاح الذاتي، إضافةً إلى القدرة على تصنيع نسخ مطابقة للأصل.
وتكمن قوة هذه الروبوتات في قدرتها على العمل على هيئة وحدة متماسكة، قادرة على استخدام روابط ميكانيكية أو مغناطيسية بين بعضها بعضًا؛ لتشكيل روبوت أكبر قادر على القيام بوظائف مختلفة (1).
تُقدم الورقة البحثيَّة اعتبارات تصميم روبوت بعجلتين IceBot عناصره الهيكلية من الجليد، وتعتمد عملية التصميم التي طُرِحت على افتراضين أساسيين:
1- الروبوت يعمل في درجات حرارة دون الصفر.
2- وجود كتل من الجليد جاهزة لعملية بناء الروبوت (1).
تُنتج معظم المُشغّلات ذات الطاقة العالية والبطاريات وبعض التجهيزات الإلكترونية كميةً إضافيةً من الحرارة التي ستسبب العديد من المشكلات للهيكل الجليدي، لذلك يجب عزل هذه الأجهزة عن الجليد، وتصميم النظام الثيرموديناميكي للروبوت بهدف التخلص من هذه الحرارة بعيدًا عن أجزاء الهيكل الجليديّ الحسّاس، إضافةً إلى تصنيع الروبوت على شكل وحدات (وحدة تحكم، ووحدة عجلات،…)؛ مما يسهل عملية العزل لكل وحدة، وعملية تبديل الوحدات التي تتعرض لحرارة زائدة، كما يجب استخدام مواد لعزل الماء الناتج عن ذوبان الجليد عن الأجهزة الإلكترونيَّة الموجودة ضمن الروبوت؛ لمنع حدوث قصر في الدارة أو حدوث أي ضرر لهذه الأجهزة (1).
تُقسم عملية التصنيع إلى قسمين: القسم الأول هو تصنيع مكونات الهيكل، أمَّا الثاني فهو دمج المشغلات والأجهزة.
وضمن عملية تصنيع الهيكل توجد ثلاثة أجزاء أساسية:
1- التشكيل، 2- الوصل أو الربط، 3- تسوية السطوح (1).
أفضل الطرائق العملية للتشكيل من ناحية السرعة واستهلاك الطاقة هي عملية القطع، وأسهل الطرائق لعملية الدمج هي وضع القطعتين المراد دمجهما على تماس مع بعضهما بعضًا، واستخدام محقنة syringe لتبليل منطقة التماس، ومنه الماء المحقون يملأ الفراغات بين هذين السطحين، وعند تجمد هذه المياه نحصل على ارتباط وثيق بين القطعتين (1).
أمَّا عملية دمج المشغلات والأجهزة، فتعتمد على عملية القص لخلق فراغ ضمن الجليد متناسب وشكل هذه المشغلات والأجهزة، وبعد وضعِها ضمن الهيكل تُحاط هذه المكونات بالمياه، وبعد تجمّد المياه تصبح هذه الأجهزة ثابتةً في مكانها (1).
بنى العلماء نموذجًا مُصغّرًا لروبوت متنقل بأبعاد (140، 200، 130) mm، ووزن يبلغ 6.3 kg، تُرسل إليه الأوامر بواسطة هاتف يعمل بنظام Android عن طريق اتصال Bluetooth، وتُستَقبل هذه الأوامر من قِبل متحكم صغري (في هذه التجربة استُخدِم Adruino Micro)، وتُظهِر الصورة الروبوت الذي صُنِع (1).
برأيكم؛ هل ستكون الروبوتات الجليدية هي من يقودنا نحو اكتشافات جديدة ضمن المناطق المتجمدة؟ وما الاستخدامات الأخرى الممكنة لهذه الروبوتات؟
المصادر:
2. Launch [Internet]. Mars.nasa.gov. 2021 [cited 20 January 2021]. Available from: هنا
3. The Lander Structure [Internet]. Mars.nasa.gov. 2021 [cited 20 January 2021]. Available from: هنا
4. Rover Wheels [Internet]. Mars.nasa.gov. 2021 [cited 20 January 2021]. Available from: هنا