الكيمياء والصيدلة > لقاحات
اللقاح الأول لداء لايم .. الأمل الأول!
يعد داء لايم (Lyme Disease) -المعروف أيضاً باسم (Lyme borreliosis) (المرض المحمول بالنواقل* vector-borne)- الداء الأكثر شيوعاً وانتشاراً في النصف الشمالي من الكرة الأرضية (1)، وتسببه بكتيريا البوريليا (Borrelia) التي تنتقل إلى الإنسان عن طريق عضة القراد الأسود المصاب (3-1).
تتظاهر الأعراض المبكرة للمرض على هيئة طفح جلدي حمامي مميز تتِّسع رقعته تدريجيَّاً، وقد يكون فاتح اللون في المركز (شكل عين الثور) (2)، ويدعى هذا الطفح بالحمامة الهاجرة (erythema migrans). وقد تظهر أعراض غير نوعية أيضاً؛ مثل الحمى والصداع والشعور بالوهن، بالإضافة إلى تصلب خفيف في النقرة وآلام عضلية ومفصلية (5-2)، وغالباً ما تُهمَل هذه الأعراض أو تُفسَّر تفسيراً خاطئاً (4,5)؛ فيكون العلاج متأخراً أو غير كاف بالنتيجة، الأمر الذي يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على مستوى المفاصل (التهاب مفاصل) أو القلب (التهاب عضلة قلبية) أو الجهاز العصبي (5).
يُشخَّص عدد كبير من المرضى (قرابة 300,000 مواطن أمريكي و200,000 شخص في أوروبا) بداء لايم سنويَّاً (1,5)، وهذه الأعداد في تزايدٍ دائم، ويعيش أغلب هؤلاء المصابين مع مضاعفات طويلة الأمد من الصعب جداً علاجها، فضلاً عن أنَّ هذه الإصابات تشكل عبئاً اقتصاديَّاً وصحيَّاً كبيراً (4)، وهذا ما دفع الباحثين إلى السعي وراء تطوير لقاح نوعي يحد من انتشار هذا المرض؛ إذ يعد VLA 15 برنامج تطوير اللقاح الوحيد القيد التطوير السريري للوقاية من داء لايم (1).
ما هو VLA 15؟
هو لقاح من أنماط اللقاحات المتعددة التكافؤ** التي تعتمد تحت وحدات البروتين protein subunit-based vaccine، ويستهدف هذا اللقاح البروتين السطحي الخارجي A لبكتيريا البوريليا، وهو البروتين المسيطر الذي تُعبِّر عنه هذه البكتيريا عندما تتواجد داخل القراد (1,4,5). لذلك؛ فإنّ هذا اللقاح يمتلك القدرة على وقاية الإنسان من العدوى بالبوريليا عن طريق استهداف الأنماط المصلية*** الأكثر انتشاراً، ومنع انتقال هذه البكتيريا المسبِّبة للمرض من القراد إلى المضيف (الإنسان) (4).
وأبدى اللقاح مأمونية وقدرة تمنيعية (إنتاج أضداد) جيدة في الدراسات قبل السريرية ودراسات المرحلة الأولى (5)، وحصل برنامج تطوير اللقاح في تموز (يوليو) عام 2017 على دلالة التتبع السريع (Fast Track) من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (1,4,5)، وتُمنَح هذه الدلالة للمنتجات القيد التطوير لعلاج الحالات الخطرة ولتلبية الحاجة الطبية غير المُلبَّاة، وهي تهدف -أساساً- إلى تسهيل عملية التطوير السريري وتعجيل مراجعة الأدوية واللقاحات الجديدة بقصد تسريع توفر المنتجات ذات النتائج الواعدة في السوق الدوائي (4).
وأعلنت شركة Valenva أن اللقاح المرشح للوقاية من داء لايم VLA 15 أبدى نتائج إيجابية في القسم الأول VLA15-201 والثاني VLA15-202 من دراسات المرحلة السريرية الثانية؛ إذ كانت البيانات التي تخص القدرة التمنيعية (immunogenicity) للقاح مشجعة؛ حتى لدى الكبار بالسن (من 50 إلى 65 عام) الذين يشكلون إحدى أهم المجموعات العمرية التي يستهدفها اللقاح. وقد أبدى مأمونية جيدة بالجرعات المعطاة جميعها، وللمراحل العمرية التي أُجريَت عليها الدراسة كافة، ولم يترافق إعطاؤه مع ظهور أي آثار جانبية خطيرة (6,5).
لكن لوحظ أن القدرة التمنيعية للقاح كانت أفضل في القسم الثاني من دراسات المرحلة الثانية؛ إذ كانت الفواصل الجرعية فيها (ثلاث حقن عضلية تعطى في الشهر 0 و 2 و 6) أكبر منها في القسم الأول (ثلاث حقن تعطى في الشهر 0 و 1 و 2)، وبناء على ذلك سيُتَّبع نظام التلقيح (0-2-6) في المراحل المقبلة (6).
ومن المُخطَّط أن تبدأ دراسة VLA15-221 من دراسات المرحلة السريرية الثانية في الربع الأول من العام الحالي 2021، وهي أول دراسة سريرية للقاح VLA15 تضم الأطفال بعمر 5 إلى 17 عام، وستتضمن هذه الدراسة الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 5 - 65 عاماً، وسيقارن جدول التجريع (0-2-6) مع جدول التجريع المُخفَّض إلى جرعتين (0-6). وفيما يخص دراسات المرحلة السريرية الثالثة التي تهدف -أساساً- إلى التحقق من فعالية اللقاح؛ فمن المتوقع أن تبدأ عام 2022 (7).
وأخيراً؛ نقول أنه على الرغم من أن تجنب القراد الناقل للمرض واستخدام المبيدات الحشرية قد يكونا من الطرائق الفعالة في الوقاية؛ فإن اللقاح يبقى الطريقة الأمثل والأكثر ضماناً للحد من انتشار هذا المرض، وبناء على هذه النتائج الواعدة؛ نتطلع إلى معرفة نتائج الدراسات السريرية القادمة على أمل أن تحمل المزيد من الأخبار المُبشِّرة والسارَّة.
الهوامش:
* الأمراض المنقولة بالنواقل: هي أمراض مسببة بالطفيليات أو الجراثيم أو الفيروسات، تنتقل إلى الإنسان عن طريق نواقل، وغالباً ما تكون هذه النواقل حشرية (8).
**لقاح متعدد التكافؤ: هو لقاح فعال على سلالات مختلفة عائدة للعامل الممرض نفسه (9).
***الأنماط المصلية: مجموعات ضمن فصيلة واحدة من العضيات الدقيقة (بكتيريا أو فيروسات)، تمتلك كل من هذه المجموعات بنية سطحية مختلفة تميز كل نمط مصلي (10).
المصادر:
2- Lyme disease - Symptoms and causes [Internet]. Mayo Clinic. 2020 [cited 31 July 2020]. Available from: هنا
3- Lyme disease home | CDC [Internet]. Centers for Disease Control and Prevention. 2020 [cited 1 August 2020]. Available from: هنا
4- Valneva Receives FDA Fast Track Designation for its Lyme Disease Vaccine Candidate VLA15 – Valneva [Internet]. Valneva.com. 2017 [cited 1 August 2020]. Available from: هنا
5- Valneva Announces Positive Initial Results for Phase 2 Study of Lyme Disease Vaccine Candidate – Valneva [Internet]. Valneva.com. 2020 [cited 1 August 2020]. Available from: هنا
6- Valneva Announces Positive Initial Results for Second Phase 2 Study of Lyme Disease Vaccine Candidate VLA15 – Valneva [Internet]. Valneva.com. 2020 [cited 28 January 2021]. Available from: هنا
7- Valneva Announces Acceleration of Pediatric Development for Lyme Disease Vaccine Candidate – Valneva [Internet]. Valneva.com. 2020 [cited 28 January 2021]. Available from: هنا
8- Vector-borne diseases [Internet]. Who.int. 2020 [cited 1 August 2020]. Available from: هنا
9- Lauer K, Borrow R, Blanchard T. Multivalent and Multipathogen Viral Vector Vaccines. Clinical and Vaccine Immunology [Internet]. 2017 [cited 3 February 2021];24(1). Available from: هنا
10- Serotypes and the Importance of Serotyping Salmonella | Salmonella Atlas | Reports and Publications | Salmonella | CDC [Internet]. Cdc.gov. 2020 [cited 1 August 2020]. Available from: هنا