الفلسفة وعلم الاجتماع > ألـبـــومـات
هل تجتمع الفلسفة مع الحب؟
الحب؛ تلك العاطفة القوية المتمردة على جميع أشكال العقلنة المقترنة بالرواسب النفسية، هل تجتمع مع الفلسفة؟ وبين العزلة التي يناشدها محتكمي العقل وبين دفء الحياة المشتركة الذي تمنحه تلك العاطفة الجامحة هل بإمكان الثانية إغواء الفلاسفة وسلبهم من الأولى؟
ما الحب؟
"فعل الحب حدث أنطولوجي يمزق الوجود ليوجِد كائنًا جديدًا" وفق سبينوزا فقط. لقد تعددت تعريفات الحب؛ لأنه ظاهرة متعددة الأوجه ديناميكية غامضة شاملة في آنٍ معًا لم يجد لها الفلاسفة أي تعريف مطلق نهائي (1).
الحب بين إيروس وفيليا
وفق محاورة المائدة لأفلاطون؛ فإن إيروس ولد من الفقر (Penia) ومن الوفرة (Poros)؛ لذلك فهو يمثّل الرغبة في المفقود وحب ما ليس لديه، وهو الإله المغرم بالجميل (2)؛ لذا فالحب انعكاسٌ لذلك الجزء من الشيء أو الفكرة أو الشخص الذي يشارك في الجمال المثالي. بعيدًا عن أفلاطون فإن مصطلح إيروس يشير إلى الرغبة الجنسية والعاطفية القوية (3).
الحب بين إيروس وفيليا
على عكس الرغبة والتوق العاطفي لدى إيروس، فإن فيليا تتمثل بتقدير الآخر والإخلاص له، وحسب أرسطو يتمثل الحب في: فائدة الصداقة مع الآخر أو شخصيته المجردة أو القيم التي يتمتع بها. والأشياء التي تسبب الصداقة هي: المبادرة بلطف، وتأديتها دون طلب من الطرف الآخر. لكن الأساس الصحيح لفيليا هو أولئك الأشخاص الذين يشاركوننا تصرفاتنا ويعجبون بنا كما نعجب بهم تمامًا ويتطلعون إلى ما نفعله (3).
يقع الفلاسفة في الحب أيضًا!
بين تعقّل الفلاسفة وانشغالهم الدؤوب في تحرير الإنسان من القيود العقلية من جهة، وتناقض الحب في كونه شعورًا مبهجًا وقدرته على قتل الإنسان كمدًا من جهة أخرى، يوّجه إيروس قوسه بمكرٍ تجاه قلوبهم؛ فهل يتمكَّن منهم؟!
مارتن هايدغر، وحنا أرندت في علاقة سرية
فقد عصف بهما ما يمكن أن نصفه بالعاطفة، كان ذلك في أروقة جامعة ماربورغ في أثناء دراستهما للفلسفة. ففي عام 1925 نشأت رابطة عاطفية بين مارتن هايدغر وتلميذته حنا أرندت، لكنها لم تكد تكمل عامها الأول حتى دخلت هذه العلاقة في متاهات الابتعاد والغربة نتيجةً للظروف السياسية والعسكرية في ألمانيا آنذاك، فانتقلت حنا إلى هايدلبرغ للدراسة مع كارل ياسبرز لتستقر معه، على الرغم من ذلك بقيت حنا وفية لأثر هايدغر في حياتها وأعمالها أيضًا (4).
سيمون دو بوفوار، وجان بول سارتر في علاقة مفتوحة
أرادا أن يكونا الأساس في علاقات الحب التي عاشاها مع الآخرين، فمررا لبعضهما ولنفسيهما تجارب الحب العارض، فهما متفقان على أن حبهما الضروري علاقة ثابتة بينهما. لم يتزوجا على الرغم من اقتراح سارتر ذلك عام 1931، ولم يعيشا معًا أو ينجبا أطفالًا. وعلى الرغم من فوضى العلاقات التي عاشاها إلا أنهما ظلا شريكين فكريين وعاطفيين حتى وفاة سارتر عام 1980 (5).
لو سالومي رافضةً حب فريدريك نيتشه
في ثمانينات القرن التاسع عشر عاش نيتشه مشاعر الحب تجاه الكاتبة الروسية لو سالومي، لكنها كانت تجربة مؤلمة له لأن مشاعره غالباً قوبلت بالرفض من سالومي، والتنافس من صديقه بول ري Paul Rée على محبة لو سالومي. في البداية عاش هؤلاء الثلاثة تقاربًا فكريًا مميزًا إلا أن كلًّا من نيتشه وري انجذبا عاطفيًّا لسالومي، فعرض نيتشه الزواج على سالومي، لكنها قابلت عرضه بالرفض، وغادرت مع صديقه ري إلى برلين تاركين نتيشه وراءهما، ومع ذلك لم تنكر سالومي أثر نيتشه فلسفيًّا فيها (6).
تعديل الصور: مهند خالد
المصادر: