التوعية الجنسية > الصحة الجنسية والإنجابية
الولادة القيصرية أم المهبلية؟ أيهما أفضل؟
الولادة المهبلية أم القيصرية، أيهما يفضل العلم الحديث؟
لوحظ في سوريا في الأعوام الأخيرة تزايدٌ في نسبة الولادات القيصرية، وهو ما تماشى مع نزعةٍ مماثلةٍ في عددٍ كبيرٍ من الدول. وفيما تظل القيصرية ضرورةً في حالاتٍ طبيةٍ معينة، توصي منظمة الصحة العالمية بتجنب القيصرية غير الضرورية التي تعرض الأم والطفل لعواقب فورية، أو على المدى الطويل.
إضافةً إلى ذلك، تُحمِّل العمليات القيصرية غير الضرورية عبئًا اقتصاديًا على المجتمع في حين تعجز مجتمعاتٌ أخرى عن تغطية تكاليف توفير القيصرية للأمهات اللاتي يحتجنها. إذ وُجد أن النسبة المثالية للولادات القيصرية هي نحو 10% من جميع الولادات، لكن تصل هذه النسبة في بعض الدول إلى 50%. لذا أعددنا لكم هذه المقارنة بين طريقتي الولادة والنتائج المحتملة في كلٍّ منها (1,2).
طريقا الدخول إلى الحياة:
لنوضح بدايةً بعض الفروقات الأساسية بين طريقتي الولادة: في الولادة المهبلية تختبر الأم «المخاض» الذي يبدأ باشتداد التقلصات الرحمية المؤلمة وازدياد تواترها، من ثمَّ يتوسّع عنق الرحم، ويُدفَع الجنين نحو مخرج المهبل ليخرج، ويمكن للأم أن تمسكَه على الفور (3).
قد تحدث الولادة دون أي تدخلٍ طبي باستثناء بعض الدعم، ويمكن أن تحتاج الأم إلى تدخلٍ طبي مثل استخدام مُحرّضات المخاض لحثِّ التقلصات الرحمية، أو/و بَضْع السَّلَى (تمزيق الغشاء الأمينوسي) أو/و استخدام الملقط أو المِحْجم لسحب الوليد، أو/و خَزْع العجان (بضع العجان: شق جراحي في المنطقة حول المهبل وفتحة الشرج، لتوسيع مخرج القناة الولادية والسماح بخروج الوليد دون أن تحدث تمزقات عجانية)، أو حتى إلى القيصرية عند تَعذُّر الولادة المهبلية أو وجود خطرٍ على الجنين (3,4).
تكون الولادة في البيت أو في مراكز التوليد أو في المستشفيات، ويمكن أن تستفيد الأم من التخدير فوق الجافية لتجنب الشعور بالألم. تستمر الولادة المهبلية من اثنتي عشرة إلى أربع عشرة ساعة عند الأمهات الخروسات (في الولادة الأولى) وأقل من ذلك في الولادات التالية (3,4).
يمكن أن تكون القيصرية مُجدوَلةً في موعدٍ مُحددٍ مسبقًا أو أن يلجأ إليها الطبيب بعد بدء المخاض. تُوجب استطبابات كثيرة إجراء القيصرية منها وجود خطورةٍ على الوليد (الضائقة الجنينية)، وعرطلة الجنين (الجنين كبير الحجم)، والمَجيئات المعيبة (يأخذ الجنين في الرحم وضعيةً لا تُلائم الولادة الطبيعية)، ووجود حالاتٍ طبيةٍ عند الأم مثل السكري أو ارتفاع الضغط الدموي أو غيرها، ووجود عدوى عند الأم يُخشى انتقالها إلى الوليد، وعسر المخاض (عدم تقدم الولادة واستعصائها)، وعدم التناسب الحوضي الجنيني (عدم تناسب حوض الأم مع رأس الجنين)، وبعض المشكلات المتعلقة بالمشيمة، والحمل المتعدد (في بعض حالات الحمل التوأمي وكلِّ حالات الحمل بأكثر من جنينين). وتعد القيصرية استطبابًا أيضًا عندما يَسبِق للأم إجراءُ أكثر من قيصريةٍ واحدة، أما عندما تُجري قيصرية واحدة فيمكنها بعد ذلك اختيار الولادة المهبلية أو القيصرية بعد استشارة الطبيب الذي يًحدد إمكانية ذلك. تُجرى القيصرية تحت التخدير العام أو تكون الأم صاحية وتتلقى التخدير فوق الجافية، من أجل تخدير النصف السفلي من جسمها. وعندها يمكن أن تشعر الأم ببعض الضغط في أثناء شق الأنسجة و السحب عند إخراج الجنين. تستغرق العملية نحو خمسٍ وأربعين دقيقة من البداية حتى الانتهاء. إذا كانت الأم صاحية في أثناء الجراحة لن تتمكن من رؤية العمل الجراحي، إذ يوضع ساتر يُخفي ساحة العمل. وبعد الولادة، يتولى الفريق الطبي مهمة التحقق من سلامة الوليد على الفور قبل أن يُعطى للأم (5,6).
التعافي:
من الصعب التنبؤ بالفترة اللازمة للتعافي، فلكلّ أمٍ تجربتها الخاصة. تبقى معظم الأمهات نحو 24 ساعة في المستشفى بعد الولادة المهبلية، ويمكن أن تغادر الأم المستشفى قبل ذلك إذا شعرت أنها بخير وسمح طبيبها بالأمر(7).
تشمل تأثيرات الولادة النزف المهبلي والتقلصات المؤلمة والتورم والألم وغيرها. ويجب أن تعتني الأم بنفسها جيدًا بضعة أسابيع بعد الولادة. أما في حال حدوث تمزقٍ في العجان أو إجراء الخزع الواقي تطول مدة التعافي (4,7).
تبقى النساء اللواتي خضعن للقيصرية مدةً أطول في المستشفى عمومًا، وتكون التأثيرات التالية للولادة أشد، إذ قد تشعر الأم بالإعياء والضعف في اليوم الأول بعد الولادة. تعاني الأم التي خضعت للقيصرية بعض الألم عند السعال أو الضحك أو الحركة في اليوم الأول أيضاً (8,5).
تُشجَّع الأم بعد اليوم الأول على الحركة، ولهذا الأمر أهمية كبيرة، فالحركة المبكرة بعد الولادة تقي من تجمع السوائل في الرئتين وتدعم الدوران والجهاز الهضمي، كذلك يُطلب من الأم في الفترة اللاحقة العناية بعقامة وسلامة مكان الشق الجراحي. سيستمر الألم بعض الوقت لكن في معظم الحالات تعود الأم إلى الحياة الطبيعية بعد شهر إلى ستة أسابيع (5).
بالنتيجة، هل التعافي أسرع في الولادة المهبلية؟
في معظم الحالات يكون التعافي في الولادة المهبلية أسرع، إلا أن بعض الأمهات تختبرن العكس (8).
المضاعفات:
قد تحتاج الأم في الولادة المهبلية إلى خزع العجان الواقي، ويوحي اسمه بهدفه فالغاية منه هي الوقاية من تمزقات الأنسجة في أثناءَ خروج الجنين. يمكن أن تحدث تلك التمزقات بالفعل في حال لم يُجرَ الخزع الواقي وبالحالتين تُخاط الجروح، وتعاني الأم الألم المصاحب لذلك. كذلك فإنها تحتاج إلى فترة من التعافي قد تلجأ خلالها إلى بعض المساعدة. تظهر بعد الولادة المهبلية مشكلات في ضبط المثانة أو الأمعاء عند بعض الأمهات، ويمكن أن يحدث أيضًا هبوط أحد الأعضاء الحوضية (المستقيم أو المهبل أو الرحم أو المثانة). ويستمر الألم العجاني مدةً أطول في الولادة المهبلية (3,9).
من المشكلات التي يمكن أن يتعرض لها الوليد في أثناء الولادة المهبلية هي الرضوض وخاصة في الرأس والوجه، ويمكن أيضًا أن يتعرض لخلع الكتف أو كسر الترقوة وغيرها (10).
تشمل المضاعفات في القيصرية إنتانات بطانة الرحم، و إنتان الجرح والنزف. يمكن أن تتعرض المثانة أو الأمعاء للأذى خلال الجراحة. تعدَّ الارتكاسات المتعلقة بمواد التخدير وخطر حدوث الأمراض الناتجة عن التجلط الدموي مثل التهاب الوريد الخثري والصمة الرئوية محتملة أيضًا (6).
يكون ولدان القيصرية معرضين لخطر حدوث المشكلات التنفسية على نحوٍ أعلى بنسبةٍ طفيفة، خاصًة إذا وُلِدوا قبل الأسبوع التاسع والثلاثين من الحمل، والسبب هو أن تقلصات الرحم في أثناء المخاض تساعد على طرح سوائل الرئتين عند الوليد. ويمكن أن يتعرض الطفل للأذية الجراحية المباشرة خلال القيصرية (10).
في الحمول الآتية يمكن أن يتعرَّض الرحم الخاضع مسبقًا للقيصرية إلى التمزق في مكان الشق القديم ويمكن أن تحدث الانغراسات المشيمية الشاذة لاحقًا بسبب ندبة العمل الجراحي السابق (11).
إيجابيات أخرى للولادة المهبلية:
من محاسن الولادة المهبلية أن مرور الجنين في قناة الولادة يعرضه للجراثيم الموجودة في مهبل الأم مما يعزز مناعته ويحمي جهازه الهضمي من الإنتانات، ومن الإيجابيات المهمة أيضًا تقوية الرابطة بين الأم والطفل إذ تحتضن الأم طفلها على الفور وتُرضعه (12).
كلمة أخيرة:
اختلاطات القيصرية نادرة والعملية آمنة عمومًا. من الطبيعي الشعور بالقلق إزاء الولادة وخاصة في المرة الأولى، لكن تضمن الثقة برأي العلم الحديث ورأي الأطباء المتخصصين أفضل النتائج للأم والطفل والعائلة والمجتمع.
المصادر:
2.Births by caesarean section - Data by country [Internet].who.int. 2020 [cited 5 February 2021]. Available from: هنا
3.Dresang L, Yonke N. Management of Spontaneous Vaginal Delivery. Am Fam Physician [Internet]. 2015 [cited 5 February 2021];1.92(3):202-208. Available from: هنا
4.What happens in labour and birth [Internet]. nhs.uk. [cited 5 February 2021]. Available from: هنا
5.Cesarean Birth [Internet]. Acog.org. 2018 [cited 5 February 2021]. Available from:هنا
6.C-Section (Cesarean Birth): Procedure & Risks [Internet]. Cleveland Clinic. [cited 17 February 2021].Available from: هنا
7.After vaginal delivery - in the hospital [Internet]. Medlineplus.gov. [cited 17 February 2021]. Available from: هنا
8. Kealy, M. A., Small, R. E., & Liamputtong, P. (2010). Recovery after caesarean birth: a qualitative study of women's accounts in Victoria, Australia. BMC pregnancy and childbirth, 10, 47. هنا NLM
9. de Araujo, C.C., Coelho, S.A., Stahlschmidt, P. et al. Does vaginal delivery cause more damage to the pelvic floor than cesarean section as determined by 3D ultrasound evaluation? A systematic review. Int Urogynecol J 29, 639–645 (2018). هنا
10. Planned cesarean versus planned vaginal delivery at term: Comparison of newborn infant outcomes [Internet]. Ajog.org. 2006 [cited 15 February 2021]. Available from:
11.VBAC: Know the pros and cons [Internet]. Mayo Clinic. 2020 [cited 17 February 2021]. Available from: هنا
12. Redirecting [Internet]. Doi.org. 2019 [cited 15 February 2021]. Available from: هنا