العمارة والتشييد > التشييد
ماذا تحتاج تقنية (BIM) لتنجح في سورية؟
يُعدُّ التأخير والتكلفة الزائدة من أهم مشكلات صناعة البناء في سورية، ويعود ذلك إلى أسباب عديدة تتعلَّق بضعف التصميم وانعدام التنسيق والتكامل بين فريق التصميم من جهة، وبينه وبين فريق التنفيذ من جهة أخرى، فضلًا عن تعدُّد أطراف المشروع التي لم تعد تقتصر على الأطراف الأساسية كالمالك والمقاول، بل دخلت أطراف جديدة تتضمَّن المورِّدين وشركات التأمين والمقاولين من الباطن والمستخدم النهائي والجمعيات المهنية والإدارات المحلية والحكومية الأخرى، إضافةً إلى الانتشار الواسع لنظام المناقصات على أساس السعر المنخفض والعديد من أوامر التغيير التي تشكِّل مصدر فشل للعديد من المشاريع (1).
وقد جعلت الحاجة الماسة للتطور في مجال الهندسة المعمارية وصناعة البناء استخدام الطرق التقليدية في المشاريع أمرًا غير مجدٍ لإنجازها بالكفاءة والإنتاجية المطلوبة؛ إذ تتعامل الطرق التقليدية مع كلِّ مرحلةٍ من مراحل المشروع على حدة، في حين تتميَّز تقنية نمذجة معلومات البناء (BIM) بتكامل كافة مراحل العمل وتعزيز التعاون والتنسيق بين جميع الأطراف والتخصُّصات في أثناء دورة حياة المشروع؛ ابتداءً من مراحل العمل الأولى للتصميم مرورًا بمراحل البناء والتشغيل والصيانة؛ إذ يتيح الوصول مباشرةً إلى قاعدة البيانات المشتركة للمشروع وتعديل الوثائق اللازمة وإعادة دمجها في قاعدة البيانات وجعلها في متناول الجميع (1).
ويساعد في تسريع العمليات التي تُنفَّذ عادةً بالتتابع، وأداء بعض الأعمال في وقتٍ واحد أو بصورةٍ موازية؛ كتزامن عمليات التصميم مع التنفيذ والتنفيذ مع التشغيل، ممَّا يساهم في إدارة المرفق بفعالية وتقليل الوقت والتكاليف (1).
قُدِّمت تقنية نمذجة معلومات البناء (BIM) منذ أكثر من عقد من الزمن للتمييز بين النمذجة المعمارية ثلاثية الأبعاد الغنية بالمعلومات والرسم التقليدي ثنائي الأبعاد، وتُعدُّ إحدى أكثر التطورات الواعدة في مجالات الهندسة المعمارية والبناء، إذ تغيِّر طريقة عمل المقاولين والمهندسين، لكنَّ تطبيقها ما يزال جديدًا نسبيًّا وهناك الكثير لنتعلمه، وتتمثَّل إحدى أهم طرائق التعلم في مراقبة كيفية استخدام الشركات الأخرى لنماذج (BIM) وتجاربها والصعوبات التي تواجهها (2).
وترتبط معوقات استخدام (BIM) في سورية بمجموعة من العوامل الفنية المتعلقة بالتخطيط والتصميم ونظام المراجعة (1)، وضرورة الوصول إلى اتصال قوي بالإنترنت وتوفر تيار كهربائي مستمر دون انقطاع، وعوامل الاقتصادية؛ كعدم وجود طلب على استخدام (BIM) من قبل الأطراف المشاركة في المشاريع، إضافةً إلى عوامل تنظيمية متعلقة بالحاجة إلى إدارة البيانات المعقَّدة والمتطورة بمستوى تطور نماذج تقنية نمذجة معلومات البناء (3)، وعوامل أخرى تتعلق بنظام هذه التقنية، إضافةً إلى مجموعة العوامل الإدارية والمالية، وتتدرج جميع هذه العوامل تبعًا للأهمية كما يأتي:
1_العوامل الحديَّة أو شديدة الأهمية:
تتعلق العوامل ذات الأهمية الكبيرة على نحو أساسي بتطبيق نظام (BIM) والتغييرات التي يجب إجراؤها في قوانين وأنظمة صناعة البناء في سورية في مختلف مراحل المشروع من تصميمٍ وتعاقدٍ وتنفيذٍ ومتابعة، إضافةً إلى التحديات المتعلقة بتدريب الكوادر (1).
- الحاجة إلى تعديل كود التصميم وملحقاته وتعديل نظام التعاقد بما يتناسب مع متطلبات تقنية نمذجة معلومات البناء (1).
- عدم توفر المعرفة والثقافة الكافية حول (BIM) وأهمية تطبيقه بين العاملين في البناء (3)؛ إذ تقتصر هذه الثقافة على طلاب الجامعات والخريجين الجدد (1).
- عدم توفر الخبرة الكافية لاستخدام نظام (BIM) والتدريب المحدود للكوادر.
- قضية الملكية الفكرية؛ فالتصميم باستخدام (BIM) إلكترونيٌّ بالكامل ويتيح لجميع الأطراف الوصول إلى التصميم والرسومات المتعلقة به، ممَّا يؤدي إلى سهولة نسخه.
- صعوبة تطبيق نظام (BIM) في مرحلة التنفيذ بسبب عدم وجود المقاولين المؤهلين، إضافةً إلى أنَّ نظام التعاقد الحالي لا يسمح للمقاول بالتدخل وتغيير التصميم أو الوصول إلى قاعدة بيانات المشروع (1).
2- العوامل المهمة:
- الطابع الفردي للتصميم وقلة التعاون والتنسيق بين المختصين، إضافةً إلى عدم وجود نظام واضح وموحد يحدد المالك عن طريق متطلبات المشروع، وخاصةً في حال لم يكن لديه خبرة هندسية، ممَّا سيؤدي إلى إصدار العديد من أوامر التغيير في مرحلة التنفيذ، وتأخير وزيادة التكلفة ونشوب الخلافات بين أطراف المشروع.
- تكاليف البرامج والمعدات المطلوبة.
- صعوبة التغيير أو الانتقال من نظام (CAD) إلى نظام (BIM).
- مشكلة التوافق بين مختلف منصَّات البرامج المستخدمة وعدم وجود إمكانية لاستخدام البرامج المرخصة قانونيًّا، والتي تُعَدُّ عالية التكلفة مقارنةً مع دخل المهندس أو المكتب الاستشاري.
- ضعف نظام العقود في سوريا.
- انعدام الشفافية في العمل والفساد الإداري والمالي المرتبط بعقود المشاريع، وعدم تطبيق منهجيات واضحة لإدارة ومتابعة المشاريع (1).
3- العوامل المتوسطة الأهمية:
- عدم تحديد المؤهلات اللازمة لمدير التصميم.
- عدم وجود نظام موحَّد للتكلفة بين المصمِّمين، وغياب التقنيات اللازمة لإدارة المشروع في مراحل التصميم والتنفيذ (1).
متطلَّبات تطبيق نمذجة معلومات البناء في صناعة البناء في سورية:
يتطلَّب التطبيق الناجح لنظام (BIM) في سورية إعادة النظر في أنظمة صناعة البناء وخصوصًا في الجوانب الأساسية الآتية:
أولاً: المتطلبات القانونية والتشريعية:
تطوير العقود والمواد القانونية التي تحكم استخدام تقنية نمذجة معلومات البناء (1,2)؛ كتطوير عقدٍ لمرحلة التصميم أو الاستشارات الهندسية من تصميم وإشراف، وتعديل نظام الملكية الفكرية لحيازة التصميم، وتطوير قانون العقود بما يتيح للمقاول أن يشارك في مرحلة التصميم (1)، إضافةً إلى إحداث قوانين ملزمة تُطبَّق في جميع مراحل المشروع (3,1).
ثانيًا: العوامل الإدارية والثقافية:
- الحاجة إلى نشر ثقافة وفوائد استخدام تقنية (BIM) في صناعة البناء بين جميع المشاركين في المشروع، وضرورة وعيهم للفوائد الفعلية لتطبيق هذه التقنية (1,3).
- تشجيع التعاون الفعال ضمن فريق التصميم.
- التعامل مع المتخصصين الدوليين من ذوي الخبرة في تكنولوجيا نمذجة معلومات البناء (2)، والحاجة إلى تدريب الكوادر على نطاق واسع لاستخدام هذه التقنية (1).
- إدخال منهجية (BIM) في مناهج كليات الهندسة (1,3)، وضرورة وضع إطار زمني لتطبيقه في المستقبل (1).
ثالثًا:العوامل الفنية والمالية:
- تعديل التصميم الخرساني السوري بما يتناسب مع متطلبات (BIM)، إضافةً إلى الاستثمار في صناعة البرمجيات الهندسية وتطبيقاتها وفق نظام (BIM)، وتزويد برامج (BIM) بما يتناسب مع تلك المطورة محليًّا، وتشجيع الاستخدام الواسع لهذه التكنولوجيا لتقليل تكلفة الحصول على البرامج الخاصة بها (1)، وتخصيص التمويل المالي لدعم تكاليف تكنولوجيا نماذج معلومات البناء (3).
المصادر:
2. Kubba S. Chapter 5 - Building Information Modeling. In: kubba s, ed. by. Handbook of Green Building Design and Construction [Internet]. 2nd ed. UK:Butterworth-Heinemann, Elsevier; 2012 [cited 30 January 2021]. p. 201-226. Available from: هنا
3. Ahmed S, Dlask P, Shaban M, Sleim O. POSSIBILITY OF APPLYING BIM IN SYRIAN BUILDING PROJECTS. ENGINEERING FOR RURAL DEVELOPMENT [Internet]. 2018 [cited 30 January 2021]. p. 525-530. Available from: هنا