البيولوجيا والتطوّر > علم الأعصاب
هل يمكن الحفاظ على وظائف الأدمغة بعد الوفاة؟
الجواب باختصار، يبدو أننا وصلنا إلى طريقة جيدة لفعل ذلك، والهدف هو مزيد من الأبحاث على الدماغ.
قدم علماء من جامعة يِل في نيوهيفن في كونيتيكت (Yale University in New Haven Connecticut) طريقة جديدة للحفاظ على الوظائف الحيوية لأدمغة الثدييات الميتة في المختبر بطريقة جديدة، مما قد يُمهِّد لتجارب عدة تتناول الدماغ بطريقة أفضل وتزيد من فهمنا لعملياته (1).
بدايةً، من المعروف أن الدماغ يحتاج إلى تغذية دموية عالية من الدم الجائل في الجسم للبقاء بصحة جيدة؛ إذ يحتاج إلى نحو 15% من النتاج القلبي حتى يتمكن من الحصول على كميات كافية من الطاقة (الغلوكوز) والأوكسجين (2).
نظام Brain EX
ومن هذا المنطلق طوَّر العلماء نظام تروية للدماغ يدعى (Brain Ex) -اختصارًا (BEx)- يؤمِّن لدماغ الحيوان الميت الدم الكافي لأداء عملياته الحيوية والخلوية الطبيعية وذلك ضمن درجات حرارة مماثلة لدرجة حرارة الجسم الطبيعية.
تنفيذ التجربة
طُبِّقت التجربة على 32 دماغًا مأخوذًا من الخنازير بعد ذبحها في المسلخ بلغت أعمارها بين 6-8 أشهر، وعُزل كل دماغ عن عظام الجمجمة ووُضع في حجرة خاصة، ثم وُصِل كل دماغ بنظام التروية الدموية BrainEx، وبعد هذه المرحلة أُجريت تروية الدماغ بالمحاليل الفيزيولوجية الحافظة والدافئة ومُدَّت خلايا الدماغ بالمغذيات والأوكسجين، مما أدى الى استعادة بعض وظائف الدماغ.
لقد مَنع المحلول الفيزيولوجي الوقائي الذي استخدمه الباحثون الخلايا العصبية من التلف وأعاد النشاط الكهربائي أيضًا، واستمرت مراقبة نشاط الدماغ الكهربائي طوال فترة التجربة.
التدخل الدوائي
استمر الاختبار مدة 6 ساعات متواصلة تمكَّن الباحثون في خلالها من التحقق من استجابة الأوعية الدموية الدماغية للتدخل الدوائي، وذلك عبر حقنها بجرعة من nimodipin (دواء مناهض لقناة الكالسيوم)، فلوحظت زيادة في تدفق الدم مع الحفاظ على ثبات ضغط الشرايين، مما يشير الى أن الأوعية الدموية حافظت على الاستجابة للتحفيز الدوائي.
الاستنتا
تشير هذه الدراسة إلى أن موت الخلايا الدماغية وفقدانها لوظائفها الحيوية يمكن ألا يحدث مباشرة بعد توقف التروية الدموية للدماغ، وإنما يحتاج إلى وقت أطول، وأن أبرز المعالم الفيزيولوجية المسؤولة عن إعادة تعافي الدماغ هي الاستقلاب (metabolism) ودرجة الحموضة (pH) والتروية الدماغية (Brain circulation) (1).
يثير إجراء مثل هذه التجارب وتطويرها نقاشات أخلاقية واسعة، سواء أكانت مطبَّقة على البشر أم الحيوانات، ولكن زيادة معاناة البشرية من الأمراض العصبية والنفسية ذات المنشأ الدماغي أدت إلى البحث عن طريقة مختلفة لإجراء أبحاث أكثر تفصيلًا على الدماغ.
هذا ونشرت مجموعة من العلماء في مجلة Nature مقالًا عن أخلاقيات علم الأحياء والقواعد الواجب اتِّباعها لتنفيذ التجارب على الدماغ البشري أو الحيواني، وقد اقتُرِحت مجموعة من التدابير للسلامة الأخلاقية، مثل تخدير الحيوانات حتى تبقى في حالة غيبوبة وغيرها من الإجراءات (3).