ما أثر الفقر في الصحة النفسية؟

تعاني كثيرٌ من البلدان في أنحاء العالم تفاوتَ الدَّخل المادي بين أفراد المجتمع، وقد لوحظ ازدياد هذه الظاهرة؛ لا سيَّما في العقود الماضية (1). فهل لهذه الظاهرة أثر في صحة الأفراد النفسية؟ وهل تزيدُ حقًّا من خطر الإصابة بالاكتئاب؟ 

بإجراء 26 دراسة على عدةِ دول معظمُها من ذوات الدخل المرتفع أظهرَت النتائج أنَّ ثلثَي الدراسات سجَّلت علاقة ملحوظة بين التفاوت الطبقي وازدياد احتمالية الإصابة بالاكتئاب (1). إذ أُخذَت عديدٌ من العوامل بالحُسبان؛ منها وضعُ الاقتصاد الوطني، ومستوى الحيّ السكنيّ الذي يقطنه الفرد، إضافةً إلى حالة الفرد المادية. 

ومن التفسيراتِ المُقترَحة أنَّ التوزيع غير العادل للثروات له أثر سلبي في التماسك الاجتماعي، إضافة إلى أنّه يسبّب مشكلاتِ الضغط المزمن، مُعرِّضًا الأفراد لخطر متزايدٍ من الأمراض النفسية (1). 

وفي دراسة أُخرى أُجريت على الأحياء السكنية الفقيرة تبيَّنَ أنَّ معظم قاطني هذي الأحياء عانوا اضطراباتٍ ومشكلاتٍ نفسية مع أنَّ عديدًا منهم كان يعاني مشكلاتٍ أُسريّة، فقد تكون العلاقة السيئة مع أفراد العائلة هي عامل آخر مُسبِّب لهذه الاضطرابات إضافةً إلى العامل الماديّ (2).

أمَّا أثرُ زيادةِ دخل الفرد إلى ما فوق خط الفقر في الشفاء من الأمراض النفسية التي صاحبت الحالة المادية السيئة؛ فقد لوحظ بدراسةٍ على 1420 طفل مدةَ 8 سنواتٍ أنَّ الأطفال الذين تحسّن الوضع الماليّ لعوائلهم باتوا يتصرّفون كالأطفال الذين لم يعانوا الفقر قطُّ، وتحسَّن سلوكهم كثيرًا، لكن لم تنخفض معدّلات القلق والاكتئاب لديهم انخفاضًا ملحوظًا، إذ إنَّ الاضطرابات العاطفية والوجدانية -على ما يبدو- يصعبُ الشفاء منها، وبالمقارنة بالاضطرابات السلوكية؛ فهي قد تحتاج إلى وقتٍ أطول ليتعافى المرء من آثارها (3).

إذًا؛ يُوجَد دليلٌ كافٍ على ضرورة العمل لأجل الحد من آثار الفقر واللامساواة في الدخل الماديّ المدمّرةِ في الصحة النفسية. 

هل تُلاحظ هذه الآثار النفسية في المجتمع من حولك أو تظنُّ أنَّ الحالة المادية لا علاقة لها بالحالة النفسية، وبذلك فإنَّ سعادة الأفراد مستقلة عن وضعهم المادي؟ 

المصادر: