الطب > موسوعة الأمراض الشائعة
الداء الزلاقي celiac disease (حساسية الغلوتين)
الداء الزلاقي: مرض مناعي ذاتي يحدث للأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي، فيؤدي تناول الغلوتين لديهم إلى ضمور في الزغابات في الأمعاء الدقيقة، وتشير التقديرات إلى أنه يصيب 1 من كل 100 شخص حول العالم.
يمكن أن يتطور الداء الزلاقي في أي عمر بعد أن يبدأ الأشخاص بتناول الأطعمة التي تحتوي الغلوتين، وقد يؤدي _إذا تُرك دون علاج_ إلى مشكلات صحية خطيرة.
قد يُصعب تشخيص الداء الزلاقي بسبب التفاوت الكبير في الأعراض بين المصابين، فبعضهم لا يعانون أي أعراض على الإطلاق، ومع ذلك فإن الأشخاص المصابين به معرضون لخطر حدوث مضاعفات طويلة الأمد، سواء ظهرت عليهم أي أعراض أم لا (1).
الأعراض:
تكون أعراض الجهاز الهضمي أكثر شيوعًا عند الرضع والأطفال، وهي كما يأتي:
انتفاخ وألم في البطن وإسهال مزمن والتقيؤ وإمساك وبراز شاحب ذو رائحة كريهة أو براز دهني وفقر الدم بعوز الحديد وفقدان الوزن وتعب وإعياء والهيوجية ومشكلات سلوكية وعيوب المينا في الأسنان الدائمة وتأخر النمو والبلوغ وقصر القامة وفشل في النضج واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD).
أما البالغون فهم أقل عرضة للإصابة بأعراض الجهاز الهضمي؛ إذ يعاني الثلث من الإسهال، ومن المرجح أن يشاهد لدى البالغين: فقر الدم الناجم عن نقص الحديد غير المُفسر والإعياء وآلام العظام والتهاب المفاصل وتخلخل العظام وهشاشتها واضطرابات الكبد والطرق الصفراوية والاكتئاب أو القلق والاعتلال العصبي المحيطي والنوبات المرضية أو الصداع النصفي وغياب الدورة الشهرية والعقم أو الإجهاض المتكرر والقروح داخل الفم والتهاب الجلد الحلئي الشكل* (1).
إن الداء الزلاقي حالة مناعية ذاتية تحدث بسبب رد فعل غير طبيعي من الجهاز المناعي تجاه بروتين الغلوتين، الذي يوجد في الأطعمة مثل الخبز والمعكرونة والحبوب والبسكويت، مما يؤدي إلى إنتاج الجهاز المناعي أجسامًا مضادة تتسبب في التهاب مزمن في الأمعاء، وتتكون ظهارتها من ملايين الزوائد الصغيرة على شكل أنابيب تسمى الزغابات تكون مسؤولة عن زيادة مساحة سطح الأمعاء، وتساعدها على هضم الطعام هضمًا أكثر فعالية.
ومن ثم فإن تلف ظهارة الأمعاء والتهابها بسبب الداء الزلاقي يجعل الزغابات مسطحةً، مما يقلل قدرتها على المساعدة في عملية الهضم، ونتيجة ذلك لا تستطيع الأمعاء هضم العناصر الغذائية من الطعام أو امتصاصها، مما يسبب ظهور الأعراض كالأعواز الغذائية وسوء الامتصاص وغيرها(2).
صورة توضح منظر الزغابات قبل الإصابة بالداء الزلاقي وبعدها.
من غير المعروف تمامًا لماذا يُصاب الناس بالداء الزلاقي، لكن العوامل الموصوفة أدناه تزيد خطرَ الإصابة:
- التاريخ العائلي: غالبًا ما ينتشر الداء الزلاقي في العائلات، فإذا كان لديك قريب من الدرجة الأولى (أحد الوالدين أو الأشقاء) يعاني هذه الحالة، ستزداد فرصتك في الإصابة به.
- الطفرات الجينية: يرتبط الداء الزلاقي ارتباطًا وثيقًا بعدد من الطفرات الجينية التي تؤثر في مجموعة من الجينات تسمى جينات HLA-DQ، يمكن لهذه الطفرات أن تنتقل بالوراثة.
وعلى الرغم من أنّ هذه الطفرات في جينات HLA-DQ شائعة وتحدث في حوالي ثلث السكان، فإنّ عددًا قليلًا فحسب يصاب بالداء الزلاقي، وهو ما يشير إلى أن شيئًا آخر كالعوامل البيئية تؤدي إلى الداء الزلاقي لدى بعض الأشخاص.
- العوامل البيئية: من المرجح الإصابة إذا كان الشخص قد تعرض لعدوى في الجهاز الهضمي (مثل عدوى الفيروس العجلي rotavirus infection) في خلال الطفولة المبكرة، أيضًا هناك أدلة على أن إدخال الغلوتين في النظام الغذائي للطفل قبل أن يبلغ من العمر 3 أشهر قد يزيد خطرَ الإصابة بالداء (2).
- السكري نمط 1: من أكثر الاضطرابات المعروفة والمرتبطة بالداء الزلاقي.
- اضطرابات الغدة الدرقية المناعية الذاتية: مثل فرط نشاط الغدة الدرقية (مرض غريفز Graves’s disease) أو قصور الغدة الدرقية (هاشيموتو Hashimoto’s thyroiditis).
- التهاب الكبد المناعي الذاتي وأشكال أخرى من إصابة الكبد.
- الاضطرابات العصبية: كالرنح ataxia، والصرع epilepsy الذي يُعد أكثر الاضطرابات العصبية شيوعًا عند الأشخاص المصابين بالداء الزلاقي (3).
تتضمن مضاعفات الداء الزلاقي على المدى الطويل:
- سوء التغذية (عدم الحصول على ما يكفي من الفيتامينات والمعادن والمغذيات الأخرى التي يحتاجها الجسم).
- تسارع هشاشة وتخلخل العظام ومشكلات في الجهاز العصبي، ومشكلات متعلقة بالإنجاب.
التشخيص:
يمكن أن تساعد الاختبارات الدموية الآتية على التشخيص:
- الاختبارات المصلية: تبحث عن الأجسام المضادة في الدم، وتشير المستويات المرتفعة من بروتينات محددة للأجسام المضادة إلى رد فعل مناعي تجاه الغلوتين.
- الاختبارات الجينية لمستضدات الكريات البيض البشرية (HLA-DQ)، تُستخدم لاستبعاد الإصابة بالداء الزلاقي.
إذا أشارت نتائج الاختبارات السابقة إلى الإصابة بالداء الزلاقي فمن المحتمل أن يطلب الطبيب إجراء أحد الاختبارات الآتية:
- التنظير الهضمي العلوي: يساعد الطبيب على رؤية الأمعاء الدقيقة وأخذ عينة صغيرة من الأنسجة (خزعة) لتحليلها لمعرفة مدى الأذية في الزغابات.
- تنظير الكبسولة: يستخدم هذا الاختبار كاميرا لاسلكية صغيرة لالتقاط صور للأمعاء الدقيقة بأكملها، وتُوضع الكاميرا داخل كبسولة بحجم كبسولة الفيتامينات، ثم يبتلعها الشخص.
علاج الداء الزلاقي:
نظام غذائي خالٍ من الغلوتين مدى الحياة: وهو العلاج الحالي المتاح للداء الزلاقي؛ إذ يتحقق التحسن السريري عامةً في غضون أسابيع قليلة، وتتعافى ظهارة الأمعاء في غضون سنة إلى سنتين (3)، وتشمل الأطعمة الحاوية على الغلوتين التي يجب تجنبها: القمح والقمح القاسي والشعير والبرغل والدقيق ودقيق غراهام والجاودار والسميد والحنطة (نوع من القمح) (5).
بما أن نقص فيتامين ب شائع بسبب الحمية الخالية من الغلوتين طويلة الأمد، يُنصح المرضى بتناول الفيتامينات المتعددة الخالية من الغلوتين.
كما تشير عديد من الدراسات إلى أن إطالة الرضاعة الطبيعية وتأخير إدخال الغلوتين تدريجيًّا في السنة الأولى من العمر قد يقلل خطر الإصابة بالداء الزلاقي في أثناء الطفولة.
هناك شكل من الداء الزلاقي يُسمى الداء الزلاقي المستعصي (RCD)، وله نمطان 1و2، والمرضى المصابون به لا يستجيبون على الحمية، مما يتطلب اللجوء إلى الكورتيكوستيروئيدات وغيرها من مثبطات المناعة، مثل الآزوثيوبرين أو السيكلوسبورين، التي قد تُحسن الأعراض السريرية العابرة في معظم المرضى.
ولا تزال العلاجات الأخرى القائمة على الأدوية قيد التجربة.
بعض العلاجات الأخرى:
إنزيمات تُحلل الغلوتين: اُقترح علاج مكمل إنزيمي لتسريع عملية هضم الغلوتين في الجهاز الهضمي، ومن هذه الإنزيمات: AN-PEP وهو إنزيم يحلل ببتيدات الغلوتين بكفاءة في درجة حموضة المعدة.
منع دخول الغلوتين عبر الظهارة المعوية: إذ يعمل مثبط Zonulin Larazotide (AT-1001) على تصحيح عيوب الحاجز المعوي، ويُعد AT-1001 حاليًّا أفضل عامل دوائي دُرس لعلاج المرضى الذين يعانون الداء الزلاقي.
إضافة إلى العلاج المناعي واللقاحات، لكن لا تزال قيد التجارب السريرية (3).
حاشية:
*التهاب الجلد الحلئي الشكل: هو طفح جلدي متقرح يسبب الحكة، ويظهر عادة على المرفقين أو الركبتين أو الأرداف أو الظهر أو فروة الرأس، يؤثر في 10% تقريبًا من الأشخاص المصابين بالداء الزلاقي، قد يصيب الطفح الجلدي الأشخاص من الأعمار جميعها، لكن من المُرجح أن يظهر للمرة الأولى بين سن 30 و40 عامًا (4).
المصادر:
2- Coeliac disease [Internet]. nhs.uk. [cited 22 May 2020]. Available from: هنا
3-Parzanese I, Qehajaj D, Patrinicola F, Aralica M, Chiriva-Internati M, Stifter S et al. Celiac disease: From pathophysiology to treatment. World Journal of Gastrointestinal Pathophysiology [Internet]. 2017;8(2):27-38. 10.4291/wjgp.v8.i2.27
4- Information H, Diseases D, Disease C, Facts D, Disease D, Health N. Definition & Facts for Celiac Disease | NIDDK [Internet]. National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases. 2021 [cited 25 March 2021]. Available from: هنا
5- Celiac disease - Symptoms and causes [Internet]. Mayo Clinic. 2020 [cited 22 May 2020]. Available from: هنا