الكيمياء والصيدلة > كيمياء
ما بين الرابطة المشتركة والهيدروجينية
إن الروابط الهيدروجينية هي نوع من التآثر الثنائي القطب الذي يتشكل بين بروتون المجموعة X–H (وتكون X ذرة كهرسلبية) وذرة كهرسلبية أخرى (Y) أو أكثر؛ تحتوي على زوج من الإلكترونات غير المرتبطة (1).
أما الرابطة المشتركة؛ فتنتج عن اشتراك الذرات بالإلكترونات، وتتشكل عن طريق تداخل مدارين ذريين اثنين، ويعد كل إلكترون مشترك في هذا النوع من الروابط منتمياً إلى كل من الذرتين؛ بحيث تتحقق قاعدة الثمانية الإلكترونية (2).
وقد درس Dereka وزملاؤه ما قد يحدث إذا أصبحت قوة رابطة هيدروجينية داخل جزيء ما أشبه بقوة الروابط المشتركة بين الجزيئات؛ وذلك ضمن دراسة نشرت في مجلة Science في 8 كانون الثاني (يناير) 2021 (3,4).
تتحول الروابط المشتركة -في الكثير من الأحيان- في أثناء التحول الكيميائي إلى روابط هيدروجينية أضعف، ويعتمد نقل البروتون في الماء على التحول المستمر للروابط المشتركة والروابط الهيدروجينية (3).
وقد تمكَّن Dereka وزملاؤه من احتجاز هذه الروابط في الحالة الوسطى ضمن سائلٍ من معقَّد فلور-هيدروجين-فلور المشحون سلباً في الماء؛ وفيه تكون ذرة الهيدروجين مشتركة بالتساوي تماماً بين أنيوني الفلور (3). فعندما تتشكل الروابط الهيدروجينية عند التفاعل مع أنيون فلور؛ تتآثر ذرة الهيدروجين تآثراً ضعيفاً مع المجموعة المستقبلة للرابطة الهيدروجينية؛ مما يضعف -قليلاً- الرابطة المشتركة القوية مع الفلور في الجزيء؛ فتزداد قوة الروابط الهيدروجينية شيئاً فشيئاً؛ وتضعف قوة الروابط المشتركة، ويزداد عدم تموضع الهيدروجين بين الذرة الشريكة بالرابطة المشتركة والمجموعة المستقبلة للرابطة الهيدروجينية (3).
وقد أظهر الباحثون القائمون على التجربة باستخدام الأدوات الطيفية المتقدمة لدراسة حركة ذرة الهيدروجين من ناحية الاهتزازات الجزيئية؛ أن البروتون يتوضع في المركز، ويكون مشتركاً بالتساوي بين أنيوني الفلور، وقد كشفت دراسة شاملة مُحَوسَبة أن الروابط ليست مشتركة ببساطة مثلما أنها ليست هيدروجينية بسيطة (3).
وقد رصد الباحثون الانتقال ذاته بين الرابطة المشتركة والرابطة الهيدروجينية، واستطاعوا إظهار أن التآثر للشحنة الجزئية للذرات وحده غير كافٍ لوصف الروابط كميَّاً (3).
وفي الحقيقة؛ إن وجود حالة ارتباط هجينة (أي مشتركة-هيدروجينية) لا يشكل تحديَّاً لتعريفنا الحالي لمفهوم الرابطة الكيميائية فحسب؛ بل إنه يتيح أيضاً الفرصة لفهم التفاعلات الكيميائية فهماً أفضل؛ فكثيراً ما يُشار إلى "الحالات الوسطية في أثناء التفاعل" ولكنها نادراً ما تدرس دراسة مباشرة (3). وعلى سبيل المثال؛ يمكن استخدام توزيع الشحنة الذي حُصِل عليه عند تشكل الرابطة مباشرة لتطوير فهمنا الحالي لتحطم الروابط وتكونها (5)، إضافة إلى أن النتائج تمتلك آثاراً مباشرة في تفاعلات نقل البروتون بالتحفيز أو نقل البروتون في الماء (6).
نهاية؛ تجدر الإشارة إلى أن دراسة Dereka وزملاؤه تحمل آمالاً كبيرة بالحصول على فهم أعمق للروابط القوية إثر رصدها غير المسبوق لهذه الرابطة الوسيطة؛ إذ ستركز الأبحاث المستقبلية -بلا شك- على ديناميكية الانتقال بين الأنظمة المختلفة (7)، وسيبقى الكثير من الأسئلة المفتوحة بالطبع؛ بما فيها دور البيئة في مثل هذه التحولات (3).
المصادر:
2. Stauffer E, Dolan J, Newman R. The handbook of fire debris analysis. London: Academic Press; 2007. Available from :
3. Bonn M, Hunger J. Between a hydrogen and a covalent bond. Science [Internet]. 2021 [cited 1 February 2021];371(6525):123-124. Available from: هنا
4. Dereka B, Yu Q, Lewis N, Carpenter W, Bowman J, Tokmakoff A. Crossover from hydrogen to chemical bonding. Science [Internet]. 2021 [cited 1 February 2021];371(6525):160-164. Available from: هنا
5. Chen C, Arntsen C, Voth G. Development of reactive force fields using ab initio molecular dynamics simulation minimally biased to experimental data. The Journal of Chemical Physics [Internet]. 2017;147(16):161719. Available from: هنا
6. Marx D, Tuckerman M, Hutter J, Parrinello M. The nature of the hydrated excess proton in water. Nature [Internet]. 1999;397(6720):601-604. Available from: هنا
7. Dahms F, Costard R, Pines E, Fingerhut B, Nibbering E, Elsaesser T. Frontispiece: The Hydrated Excess Proton in the Zundel Cation H5O2 +: The Role of Ultrafast Solvent Fluctuations. Angewandte Chemie International Edition [Internet]. 2016;55(36):10600-10605. Available from:هنا