الجغرافيا البشرية والعلوم الإقليمية > الجغرافيا السياسية
مزارعٌ يغيِّر الحدود البلجيكية الفرنسية
قد تساهم إزاحة حجرٍ في زيادة مساحة دولةٍ ما! ربما ستجدون ذلك غريبًا ومضحكًا ولكنَّه قد حدث فعلًا.
في مشهدٍ غير مألوف تداولته وسائل الإعلام العالمية في الرابع من شهر أيار (مايو) عام 2021م، اكتُشِف أنَّ مزارعًا بلجيكيًّا قد حرَّك حجرًا يزِن 150 كغ اعترض طريق جرَّاره الزراعي، ولكنَّه تسبَّب بفعلته هذه بتعديل الحدود الفاصلة بين بلجيكا وفرنسا، فقد تحرَّكت الحدود مسافة 2.29 مترًا ممَّا أدَّى إلى زيادة مساحة بلجيكا على حساب مساحة فرنسا، إذ وُضِع هذا الحجر علامةً للحدود الفاصلة بين الدولتين منذ العام 1819م، وقد اكتُشف ذلك من قبل بعض المؤرخين المحليين في أثناء تجوُّلهم في المنطقة، وقوبل الأمر بالابتسامات على جانبي الحدود بدلًا من إثارة ضجةٍ دولية (1, 2).
يسهل التعامل مع تلك الحوادث في هذه المنطقة، لأنَّ كلًّا من بلجيكا وفرنسا منضمَّتان إلى اتفاقية شنغن (Schengen) التي وقَّعت عليها عدد من البلدان الأوروبية في العام 1985م، ودخلت الاتفاقية حيِّز التنفيذ في العام 1995م، وأُلغيَت بموجبها الحواجز الحدودية بين تلك البلدان (3).
وبالعودة إلى الحدود البلجيكية الفرنسية، لا بُدَّ من ذكر أنَّ طول هذه الحدود يبلغ 556 كم (4)، وهي حدودٌ مستقرة، واحتُفِل في العام 2013م بمرور 300 عام على وجودها، ولهذه الحدود أوجه عدة؛ فهي تقع في تكتُّل المدن الأوروبية (Eurometropolis) الحدودي الذي يضم مدينة ليل (Lille) الفرنسية، ومدينتي كورتريك (Kortrijk) وتورناي (Tournai) البلجيكيتين. وفضلًا عن أنَّ هذه الحدود حدودٌ دولية بين فرنسا وبلجيكا، هي أيضًا حدودٌ لغوية بين المناطق الناطقة باللغة الفرنسية والمناطق الناطقة باللغة الهولندية (5)؛ إذ يتكلَّم 60٪ من سكان بلجيكا اللغة الهولندية و40٪ منهم يتكلمون اللغة الفرنسية (4)، وقد يرى البعض أنَّ الحدود اللغوية والثقافية أكثر أهميةً من الحدود الوطنية (5).
ومن ذلك نرى أهمية وجود شنغن التي جعلت الحدود اليوم موجودةً فقط على الخرائط (3)، فلولا اكتشاف هؤلاء المؤرخين لحادثة إزاحة الحجر، لربما بقي هذا التغيير دون أن يلاحظه أحد.
لم يُحدِث هذا الأمر نزاعات حدودية بين فرنسا وبلجيكا، لكن هل تعتقدون أنَّ نزاعات حدودية يمكن أن تحدث لو أنَّنا شاهدنا ذلك في دولتين مختلفتين؟ شاركونا آراءكم.
المصادر: