قصة ديزني الأخيرة؛ من الحلم إلى الأسطورة

السنوات المبكرة والتعليم:

وُلد والتر الياس ديزني Walter Elias Disney فِي الخامِس من كانون الأول/ دِيسِمبر 1901 في شيكاغو، حظي بطفولة تقليدية في مزرعة والديه في ولاية ميسوري التي كان لها أثر كبير في مستقبله المهني، فهناك في ربوع الحياة الريفية اكتشف ديزني موهبته وبدأ برسم الحيوانات وإغناء مخيلته(1).

انتقلت عائلته إلى مدينة كانساس عام 1910، وكان ديزني ما يزال في التاسعة من عمره عندما بدأ العمل مع أخيه في توزيع الصحف مرتين يوميًا، فكان عليه الاستيقاظ في الساعة الثالثة صباحًا للعمل، والذهاب إلى المدرسة ومن ثم العمل من جديد(1).

ومع بلوغه السادسة عشر، اندلعت نيران الحرب العالمية الأولى، فترك مدرسته على أمل الانتساب إلى الجيش، لكنه رُفِض لصغر سنِّه، فانضم إلى الهلال الأحمر وعمل في فرنسا سائق سيارة إسعاف عامًا كاملًا(2).

بداياته:

عقد ديزني العزم على احتراف مسيرته الفنِّية، ولذلك انتقل إلى مدينة كانساس. وعلى الرغم من أنه لم يُحقِّق أي نجاح مادي يُذكر؛ تمكّن من تطوير موهبته في رسم الشخصيات الكرتونية.

  حصل على وظيفة باستوديو بيسيمن -روبن التجاري للفنون- Pasmen-Rubin Commercial Art Studio، حيث تعرف على الرسام الكارتوني اوبيه ايوريكس Ub Iwerks  الذي أسس معه لاحقًا استديو صغيرًا صنعوا فيه أفلامًا دعائية لا تتجاوز دقيقتين باستخدام كاميرا سينمائية مستعملة. وصنعوا أيضًا سلسلة أفلام كرتونية متحركة أطلقوا عليها اسم Laugh-o-gram، وأول فيلم من سلسلة أفلام مدتها 7 دقائق تروي قصصًا خرافية تجمع بين الرسومات المتحركة والعالم الحقيقي سميت لاحقًا بـ(أليس في أرض العجائب) Alice’s Wonderland.

ولأن ديزني لم يكن رجل أعمال بارع؛ واجهت الشركة مشكلات مالية حالت دون تلقي الموظفين رواتبهم، ما دفعهم إلى الاستقالة وأعلن ديزني إفلاس الشركة واتجه إلى هوليوود(1).

في هوليوود:

أسس ديزني بمساعدة أخيه (Roy) والرسام الكرتوني (Ub Iwerks) استديو ديزني، حيث استلم (Roy) إدارة الأعمال وتابع العمل على سلسلة أليس، وابتكروا شخصية أطلقوا عليها اسم أوزوالد الأرنب المحظوظ (Oswald the Lucky Rabbit)، لكن عندما استولى موزع ديزني في نيويورك تشارلز مينتز Charles Mintz على العاملين لدى ديزني أغلبهم، أرغمه على العمل معه، فرفض ديزني ذلك وانفصل عنه(1).

بعد هذه التجربة، قرر ديزني أن يكون مالك رسومه الكرتونية الوحيد. لذلك شكل ديزني وروي وإيوركس الشخصية التي أصبحت ميكي ماوس. رسم إيوركس الشخصية، وأصبح ديزني صوتها. 

عند إطلاق الفيلم حصد نجاحًا باهرًا وحاز على إعجاب الجماهير، لتنضم لاحقًا ميني صديقة ميكي، والكلب غوفي والبطة دونالد إلى مجموعة الأصدقاء التي أسرت قلوب الملايين، وصرح ديزني لاحقًا أنه استوحى شخصية ميكي من فأر كان يشاركه المكتب عندما كان يعمل في مدينة كانساس(1).

النجاحات المتتالية:

أنتج ديزني في منتصف الكساد العظيم فيلم الخنازير الثلاثة الصغيرة، وهو فيلم قصير عن ثلاثة خنازير يعملون جاهدين لبناء منزلهم وتحصينه، غير مبالين بتهديدات الذئب الغاضب، فمثلت معالجة الفيلم وأغنيته (من يخاف من الذئب الكبير الشرير) الصمود في وجه الكارثة الاقتصادية، وسرعان ما تحولت هذه الأغنية إلى نشيد وطني، وحصد الفيلم نجاحًا باهرًا، وفي حينها بدأت أعمال ديزني بالازدهار(3).

أدخل ديزني الألوان إلى أفلامه أول مرة في فيلم الزهور والأشجار الذي حاز لاحقًا جائزة الأوسكار، وهو جزء من سلسلة السيلي نوتس silly notes 

ومن ثم بدأ فيلم بياض الثلج Snow White وهو أول فيلم رسوم متحركة طويل، حقق عند عرضه عام 1937 نجاحًا لا مثيل له بين النقاد والجماهير على حد سواء، وحصد عددًا من الجوائز(3)، أحدها كانت جائزة أوسكار إلى جانب سبع جوائز أوسكار شرفية صغيرة الحجم ممثلة بياض الثلج والأقزام السبعة (4).

في الأعوام التالية تحولت شركة ديزني إلى شركة عملاقة وبدأت بإنتاج أنواع الأفلام المختلفة؛ المسلية والأفلام الطويلة الرومانسية كفيلم ساندريلا Cinderella عام 1950 (4)، أليس في بلاد العجائب Alice in Wonderland عام 1951 وبيتر بان Peter Pan عام 1953، 

وافتتح ديزني مدينة ملاهي أرض ديزني Disney Land عام 1955 لتصبح مقصدًا عالميًا للسياح من أطفال وكبار(2).

وكانت شركته من أوائل الشركات التي تنبأت بمستقبل التلفاز كمنصة أساسية للتسلية الشعبية، فأنتجت برامج مخصصة له، مثل زورو Zorro الذي حظي بشعبية كبيرة لدى الأطفال، إضافة إلى برنامج المنوعات نادي ميكي ماوس The Mickey Mouse Club 

(4).

إرثه: 

قبل وفاته عام 1966 بسرطان الرئة(2)، عاد ديزني ليزور مدينة ميسوري(1)، بعد مسيرة طويلة تحول خلالها من ديزني الفنان المكافح، إلى ديزني المبدع العظيم ذي الرؤيا الذي ترك مع رحيله حسه الفكاهي المميز، ومخيلته الخصبة..

رقم قياسي لم يُكسر بعد بعدد جوائز الأوسكار التي ربحها، فإحساسه وإدراكه العالي لما يرغب فيه الجمهور يتجاوزان الحاجز الزمني، وكان لهما تأثير وشعبية في أوضاع مختلفة، على الرغم من الفقر المدقع في مرحلة الكساد العظيم، وفي خضم الحركة الوطنية في الأربعينيات وفي خلال الحركة المناهضة للشيوعية في الخمسينيات وحتى يومنا هذا.

المصادر: