رغمًا عن الأقنعة..سنتواصل

يمرُّ عام كامل على وجود فيروس كورونا بيننا، وقد صار ضيفًا ثقيلًا، أبينا استقباله أو خفنا من فجأة حضوره، لكنه موجود وحاضر! وفرض علينا التزامات صارت أساسية ولا يستغنى عنها، وأولها الكمامة تلك التي صارت جزءًا رئيسيًّا يلازمنا متى ما غادرنا منازلنا. لكن هل لهذا القناع الذي نرتديه أثرٌ في التفاعل بين الناس وهم يستمعون ويتحدّثون إلى بعضهم بعضًا؟

هذا ما تخبرنا به دراسة أجرتها جامعة ديفيس في كاليفورنيا بعد مرور عشرة أشهر على انتشار فيروس كورونا. تبحث هذه الدراسة في تأثير ارتداء الكمامة في فهم الكلام بين المتحدِّثين. وقد أُجريت الدراسة على ثلاثة أنماط من الجمل المحكية وهي الرسمية والواضحة أو اليومية والكلام العاطفي ذي الأثر الإيجابي (1).

كان الكلام ذو النمط اليومي الواضح ومع وجود الكمامة أكثر فهمًا وسلاسة منه من دونها، وأما الكلام العاطفي فقد كان على عكس ذلك، وأما في الكلام الرسمي فلم يكن هناك فارق بين وجود الكمامة وعدمه (1).

وقد ركزت دراسة أُجريت في جامعة ترينتو الإيطالية (University of Trento) على أهمية تعابير الوجه -وتحديدًا حركة الشفاه في التواصل- واقتُرح استخدام كمامات شفافة للحد من هذا التأثير، ولكنه أمر صعب التطبيق نظرًا إلى عدم توافرها بكميات كافية كما الكمامات الاعتيادية (2).

وفي جامعة بوزين الحرة في إيطاليا (Free University of Bozen) أُجريت دراسة عن أثر الكمامة في التواصل بين الطلاب وأساتذتهم، وتبيّن أنه بعد التوقف عن التعليم وجهًا لوجه والإغلاق الشديد الذي حدث نتيجة الوباء، كان على الطلاب والأساتذة العودة مرتدين الكمامة مما له أثر في وضوح الكلام وفي فهم الطلاب (3)، وكان هدف هذه الدراسة معرفة مدى تأثير وسائل الحماية الموصى بها في نقل المعلومة في الفصول الدراسية وكيف يمكن أن يؤثر ارتداء وسائل الوقاية على الوجه في سير عملية التعلم، فأُجريت الدراسة في فصلٍ دراسي وبحالتين مختلفتين لقياس النَّتائج ومقارنتها ومعرفة الأثر في الطلاب، واستُخدمت ميكروفونات للتأكد من توزع الصوت، ومع ذلك أظهرت النتائج بوضوح مدى تأثير الأنواع المختلفة من وسائل الحماية التي تطلَّبها وجود الوباء في عملية التواصل (3).

وعلى الرغم من كل الظروف يثبت الإنسان دائمًا أنه قادر على أن يتأقلم وأن يصنع من كل صعوبة حبل نجاة يوصله إلى بر الأمان الذي يرجوه، ولكن كلَّ صعوبة تحتاج إلى وقت لحلِّها! 

المصادر: