الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة السياسية
الاغتراب السياسي؛ تنافر بين الفرد والسلطة
من الصعبِ تعريف الاغتراب (Alienation) بالعموم دون تحديد أيِّ نوع من الاغتراب أو استنباطها من كتابات فلاسفةٍ محددين، ولكن ما زالت هناك فكرة أساسية توجد في معظم التعريفات الأخرى وهي الأكثر عمومًا؛ وهي أن الاغتراب هو الفصل بين الذات (Self) والموضوع (Object) اللذين ينتميان لبعضهما، بمعنىً آخر؛ انفصال الإنسان عن بعض الجوانب الأساسية المشكِّلةِ لطبيعته (1). من هنا نجد أنّ أي ظاهرةٍ اجتماعيةٍ أو ثقافيةٍ تهم الفرد مباشرةً قد تكون عاملًا مؤثرًا في عملية الاغتراب (2)، وباختصار؛ الاغتراب هو انفصالٌ أو تفكيكٌ مؤذٍ وغير مرغوب فيه بالنسبة للفرد، مفرّقٌ بين عناصرَ تنتمي لبعضها (3). على سبيل المثال، قد يكون الفرد مغتربًا عن عالمه الطبيعي أو عن النشاطات الاجتماعية أو حتى عن بعض الذوات الأخرى كأن يُفصل الفرد عن صديق طفولته (1).
أما مصطلح الاغتراب السياسي (Political Alienation) فهو أي شكلٍ من أشكال المشاعر السلبية تجاه المؤسسات الحكومية والمسؤولين الحكوميين، وما يميز هذا الموقف عن غيره من المواقف تجاه النظام السياسي هو المشاعرُ الواضحةُ بالقرْبِ أو الابتعاد، بالانتماء أو الانفصال، بالاندماج أو بالرفض، مع وجود إحساسٍ مستمرٍّ بالقطيعةِ والانفصال عن المؤسسات الحكومية والأيديولوجيا السياسية والمسؤولين والقادة النافذين في النظام السياسي. في هذه الحالة، يشعر المغتربون بأنهم خارج هذه المنظومة، ومن هذا المنطلق يسعون إلى تأييد أي تغييرات سياسية جوهرية ودعمها بهدف إرساء نظامٍ يستطيعون الإنضواء تحت مظلته (4)، وهنا يشعر الشخص بالعجز أمام ما يحدث في العملية السياسية والانفصال عنها؛ لأنه من المفترض في المجتمع الديمقراطي أن ينتمي الشخص إلى العملية السياسية، وبصفته مواطنًا هي بدورها يجب أن تنتمي إليه (3). على النقيض من ذلك؛ فإن المجموعة التي تتعهد بالولاء للنظام السياسي انطلاقًا من إحساسهم بأنهم جزء لا يتجزأ من هذا النظام وانتمائهم إليه نفسيًّا وقانونيًّا، يعتقدون بأن هذا النظام يستحق ولائهم بجدارة (4).
ويجب التمييز بين مشاعر الانفصال والرفض التي يمنحها الاغتراب وبين الأفكار والتصورات التي تصاحبه في ذهن الفرد، لأن معرفة أن الشخص مغترب عن نظامه السياسي لا يخبرنا بالضرورة عن سبب اغترابه؛ لأنه ربما جاء استياؤه نتيجةَ اعتقادِهِ أن المسؤولين الحكوميين لا يمكن الوثوق بهم أو أن المؤسسات لا تتجاوب كما المطلوب أو أن القوانين متحيزة أو لأي أسباب أخرى غيرها. وجديرٌ بالذكر أن بعض الأشخاص يتبنّون إحدى تلك الأسباب أو جميعها ولكن لا يشعرون بالاغتراب السياسي لعدم اهتمامهم بالتأثير بالأحداث السياسية (4).
المصادر:
2. Olsen M. Two Categories of Political Alienation. Social Forces. 1969;47(3):288-299. Available from: هنا
3. Honderich T. The Oxford Companion to Philosophy. 2nd ed. Oxford: Oxford University Press; 2005. P 21. Available from: هنا
4. Citrin J, Mcclosky H, Shanks J, Sniderman P. Personal and Political Sources of Political Alienation. British Journal of Political Science. 1975;5(1):1-31. Available from: هنا