أنظمة تقييم الأبنية المستدامة

تُعد أنظمة تقييم المباني المستدامة (الخضراء) من الأدوات العملية المهمة للتنمية المستدامة، ويأخذ تقييم المبنى بالحسبان الحفاظ على الموارد الطبيعية وتقليل الأثر البيئي، وتأمين متطلبات المستخدم في الوقت نفسه (1).

وُضِعت العديد من الأنظمة والأدوات لتصنيف المباني المستدامة وتقييمها (2)، وتُحدَّث هذه الأنظمة والأدوات باستمرار لتجاري التنمية المتسارعة عن طريق العمل على تحقيق التوازن بين الجوانب الأساسية الثلاثة للاستدامة؛ الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية (3). 

أدَّى قطاع البناء إلى الازدهار الاقتصادي، ولكن كان الثمن لذلك استنزافًا كبيرًا للموارد وازدياد الأحمال البيئية التي تقوِّض الأنظمة البيئية في العالم، ومع نمو قطاع البناء وخاصةً في البلدان النامية تزداد الحاجة إلى الطاقة باستمرار ، أي تؤثِّر القرارات المتَّخذة في قطاع البناء تأثيرًا كبيرًا في التغيُّر المناخي واستهلاك الطاقة العالمي (3). 

يتزايد الاهتمام بأفكار التنمية المستدامة وجعلها جزءًا من تصميم وتشغيل المباني بسبب العديد من القضايا البيئية؛ مثل تلوُّث الهواء وعدم انتظام هطول الأمطار والاستنزاف المتسارع للمياه الجوفية وارتفاع منسوب البحر وتضرُّر الموارد المائية وفقدان التنوُّع الحيوي وتدهور مستوى الحياة. ويترافق ذلك مع تزايد متسارع في البنيان لسد الحاجات المتزايدة للمجتمع مسبّبًا استنزافًا كبيرًا في الموارد الطبيعية، ممَّا دفع العديد من الهيئات الدولية والحكومية إلى دق ناقوس الخطر، ونتيجةً لذلك، أصبح من الضروري وضع تعريفٍ واضح للمباني المستدامة (1).

يراعي المبنى المستدام أهداف التنمية المستدامة عن طريق اعتماد طرق مبتكَرة عبر دورة حياة المبنى الكاملة، وتُصمَّم المبناني المستدامة وفق المبادئ البيئية والاستخدام الفعَّال للموارد الطبيعية، فهي تسعى إلى الحد من الآثار السلبية على المناخ والبيئة الطبيعية، والتأثير إيجابيًّا عن طريق اتخاذ الإجراءات المناسبة في أثناء مراحل التصميم والإنشاء والتشغيل (1).

أظهرت إحدى الدراسات لبيتين في تركيا حائزين على شهادة (LEED) الذهبية والبلاتينية أنَّ الكلفة الإضافية التي وُضِعت في إنشاء المبنيين ستُسترَد في فترة تتراوح من 0.41 إلى 2.56 سنة (2).

أصبحت الشهادات التي تُعطى للمباني الخضراء إقرارًا باستدامتها وأدائها العالي وتوفيرها للطاقة ومؤشِّرًا على جودتها، وتقيَّم المشاريع وتُصنَّف بدءًا من مرحلة ما قبل الإنشاء وحتى المراحل التي تلي التشييد وفقًا لمعايير محدَّدة منصوص عليها في كل نظام تقييم (1).

أعدَّت إحدى الدراسات مقارنةً بين عشرة أنظمة لتقييم المباني وهي: (Green Globes) من كندا، و(LEED) من الولايات المتحدة الأمريكية، و(BREEAM) من المملكة المتحدة، و(DGNB) من ألمانيا، و(GRIHA) و(IGBC) من الهند، و(BEAM Plus) من هونغ كونغ، و(Green Mark) من سنغافورة، و (CASBEE) من اليابان، و(Green Star) من أستراليا (1). أظهرت المقارنة المؤشر ذا الأولوية الأكبر في كلِّ نظام ونسبة تثقيله (أهميته) والفئة التي يندرج ضمنها، كما يوضّح الجدول الآتي (1):

ونظرًا لأهمية الطاقة المتجددة، فقد أُخِذت بالحسبان في العديد من أنظمة التقييم، إذ يمكن بالاعتماد عليها تلبية احتياجات المبنى من تبريد وتدفئة وكهرباء، ويؤخَذ التصميم المنفعل (passive design) أيضًا بالحسبان، وذلك لدوره في الإضاءة والتدفئة والتبريد (2).

تُنتَقَد أنظمة تقييم المباني المستدامة لعدم موازنتها بين جوانب الاستدامة الثلاثة؛ إذ تبدي اهتمامًا زائدًا بالنواحي البيئية على حساب الاجتماعية والاقتصادية، ولكن أظهرت الدراسات أنّ هذه الأنظمة في حالة تطور مستمر وتتجه نحو التوازن (3).

وضعت حكومات العديد من الدول اشتراطات بناء خاصة بطاقة المباني عند إنشائها وتشغيلها، وعلى الرغم من أنّ هذه الاشتراطات تنتشر أكثر في الدول ذات الدخل المرتفع، لكن يستمر العمل عليها وتطويرها بازدياد في كافة أنحاء العالم، ففي العام 2019؛ وُجِدت في 73 دولة اشتراطات بناء خاصة بالطاقة منها إلزامي التطبيق ومنها اختياري، وتهدف هذه الاشتراطات في النهاية إلى تطوير سوق قطاع البناء وتحقيق مستويات أعلى من التحسين والشفافية (4).

في الختام، هل تعتقد بضرورة وجود اشتراطات بناء صارمة تضمن أن تكون جميع المباني مستدامة؟ وهل يوجد في بلدك مثل هذه الاشتراطات؟

المصادر: