خسوف القمر

هل يمكن أن يكون خسوف القمر عبارة عن مرور عالمٍ من عوالم الفضائيين بين القمر والأرض؟ هل هي مركبة هزيم الرعد؟ أم أنه قتال أسطوري بين زعيم الدمار بيرس وغوكو؟ أم أنه غضب الآلهة على الأرض؟ لنسأل العلم..

من المعروف أن ضوء القمر الذي نراه على الأرض هو انعكاس ضوء الشمس على سطح القمر الأبيض القريب إلى الرمادي، وأن القمر الذي نراه يتغيّر وجهه بالنسبة إلى الأرض على مدار الشهر، ويدعى ذلك بالمراحل القمرية في خلال الشهر، وذلك لأن القمر يدور والشمس تدور والأرض كذلك (1).

والخسوف لغويًّا من الفعل (خَسَفَ) في لسان العرب هو ذهاب الضوء (2)، وفي القاموس المحيط "إذا ذهب بعضهما" (3)؛ إذن فإن معنى الخسوف هو ذهاب الضوء أو بعضه، أما علميًّا فهو أن يمنعك جسم فلكي من رؤية جسم فلكي آخر (4)، فكيف ذلك؟

في أثناء خسوف القمر، تأتي الأرض بين الشمس والقمر، فيُحجَب ضوء الشمس الساقط على القمر (1,5)؛ أي عندما يمرُّ القمر في ظلِّ الأرض (1).

هناك نوعان من خسوف القمر: خسوفٌ كُلِّيٌّ، وخسوفٌ جزئيٌّ؛ فأما الخسوف الكلي فيحدث عندما يكون القمر والشمس على جانبين متقابلين من الأرض (أي أمام الأرض مباشرة)، وأما الخسوف الجزئي فيحدث عندما يُغطِّي القمر جزءًا فقط من ظلِّ الأرض (1).

وقد يظهر القمر مُحمرًّا في خلال بعض مراحل خسوف القمر؛ وذلك لأن ضوء الشمس الوحيد المتبقي الذي يصل إلى القمر في تلك النقطة يأتي من حواف الأرض؛ إذ يمر بعض الضوء من الشمس في خلال الغلاف الجوي للأرض ويتجه باتجاه القمر، في حين أن الألوان الأخرى في الطيف يحظرها غلاف الأرض الجوي وتتناثر، فيظهر اللون الأحمر في أثناء الخسوف الكلي (1,6).

إنَّ وقوف أيِّ شخص أمام هذا الحدث الطبيعي يجعله يستشعر بالرهبة والجلال؛ فعندما تطور الكائن البشري معرفيًّا تطورت الرغبة لديه تجاه معرفة الظواهر الطبيعيَّة، وهذا الارتقاء المعرفي جعله يرتقي -أيضًا- جماليًّا، فأصبح جلال الطبيعة يتوضَّح أمامه بعد أن كان يرى فيها الخوف والرعب، وبعد أن كان يرى عناصر الطبيعة -عبر الأسطورة- تتجسَّد بالآلهة، جعل كل إله يُعبِّر عن نفسه في كل ظاهرة من ظواهرها (7). وظلَّت الطبيعة متمسّكةً بمشاعر الجلال فيها؛ فشعور الجليل لا يجعلنا نشعر بالرهبة فحسب، بل يزيدنا سموًّا -أو كما يسميه برادلي (توسع الذات)- أيضًا؛ إذ اختصت موضوعات الطبيعة بهذه القيمة الجمالية، وهو الشعور الذي يجعلك ترتعد وتشعر بلذّة لا حدَّ لها في الوقت ذاته (8).

فالتطور المعرفي هو الذي يتدخل في الفهم الجمالي والمعرفيّ لدى الإنسان، ويجعله يتقرَّب إلى الطبيعة بصفتها موضوعًا جماليًّا.

بذلك نكون قد أجبنا عن السؤال الذي طرحناه في أول المعلومة إن كان الخسوف غضبًا من الآلهة أم شيئًا خرافيًّا آخر.

المصادر: