التعليم واللغات > اللغويات العامة
هل يؤثر تعدد اللغات في نشاط الدماغ؟
أثبت بحث سابق أن للثنائية اللغوية bilingualism (أي إتقان لغتين) دورًا في تأخير أعراض مرض ألزهايمر، وذلك من خلال إجراء دراسة على 211 مريضًا (102 ثنائيي اللغة و109 أحاديي اللغة) ممن يعانون بوادر قد تشير إلى إصابتهم بداء ألزهايمر. وتعطي نتائج الدراسة دلالة على أن الثنائية اللغوية تساهم في الاحتفاظ بالمخزون المعرفي حتى سن متأخرة (1).
وفي دراسة أُجريت مؤخرًا تبين أن أدمغة متعددي اللغات تتنشط فيها مناطق معينة بطريقة محسَّنة.
مرَّن متعددو اللغات أدمغتهم لتعلم اللغات مما يسهِّل عليهم عملية اكتساب لغات جديدة بعد إتقانهم لغة ثانية أو ثالثة، وبالإضافة إلى تفسير هذه الموهبة لدى متعددي اللغات يقول الباحثون بأن هذه النتائج تدعم بعضًا من الدلائل الأولية من علم الأعصاب على أن مهارات اللغة تجميعية، وتسمى هذه النظرية أنموذج التعزيز التراكمي لعملية اكتساب اللغة cumulative enhancement model of language acquisition
(2).
قاس علماء أعصاب النشاط الدماغي لدى 21 متطوعًا ثنائيي اللغات و28 متطوعًا متعددي اللغات في أثناء محاولتهم التعرف على كلمات وجمل باللغة الكازاخية التي لا يتقنونها، فلغتهم الأم هي اليابانية والثانية الإنكليزية (2).
وأُخضع المشاركون لعدة اختبارات لغوية، منها مثلًا الاستماع إلى كلمات ومعرفة ما إذا كانوا سمعوها في الجلسة السابقة أو ما إذا كانت أشكالًا قواعدية أخرى من تلك الكلمات (2).
واكتشف الباحثون في جامعة طوكيو بالتعاون مع معهد ماساتشوستس الاختلاف في عُقد القواعد التي تعد النطاق الأساسي في الدماغ، ومرَّت العقد لدى المتطوعين ثنائيي اللغة بمراحل فعالية منخفضة وتزداد كلما تقدموا في الاختبار، وتعود إلى مرحلة الفعالية المنخفضة في بداية الاختبار التالي. بدأ المتطوعون متعددو اللغات الاختبار الأول بمستوى منخفض مشابه لنشاط عقد القواعد الذي يرتفع ويحافظ على ارتفاعه طوال مراحل الاختبار اللاحقة (2).
أظهرت التجربة أن النشاط الكهربائي كان أعلى في عقول المشتركين الذين يتقنون لغات أجنبية مسبقًا، وكلما تمكن شخص ما من إتقان لغات أكثر كانت الشبكة العصبية أسرع في تشفير المعلومات المكوَّنة عن الكلمات الجديدة، وبناء على ذلك تُحفِّز هذه البيانات الجديدة وظائف الدماغ؛ أي إن تحميل العقل بالمزيد من المعرفة يُعزِّز مرونته (2).
وفي دراسة أخرى درس باحثون تأثير تعدد اللغات في قدرات التعلُّم، وتبين أن وجود معرفة لغوية مسبقة وصِغر سن الاكتساب المتوسط للُّغات يمكن أن يؤديا إلى استجابة أعلى لأشكال الكلمات الجديدة من اللغات التي لا يتحدثها متعددو اللغات. وهذا يشير إلى احتمالية ارتباط هذه المعرفة اللغوية المسبقة والموسعة بزيادة المرونة العصبية اللازمة لاكتساب كلمات جديدة ذات أصوات غير مألوفة (3).
وفي المقابل يبيِّن هذا أن تأخُّر السن الذي تُكتسب فيه اللغة مرتبط بزيادة الاستجابة لأشكال الكلمات الجديدة ذات الأصوات المألوفة، مما يشير إلى تحسُّن موالفة الدارات اللغوية العصبية مع الأصوات الخاصة باللغات التي يتحدثها متعددو اللغات بصفتها لغات أم (3).
المصادر:
2. Umejima K, Flynn S, Sakai K. Enhanced activations in syntax-related regions for multilinguals while acquiring a new language. Scientific Reports. 2021;11(1). Available from: هنا
3. Kimppa L, Kujala T, Shtyrov Y. Individual language experience modulates rapid formation of cortical memory circuits for novel words. Scientific Reports. 2016;6(1). Available from: هنا