فنٌ يعيش على الموت؛ داميان هيرست.

داميان ستيفن هيرست (Damien Steven Hirst) من مواليد 7 يونيو 1965، هو فنان إنجليزي ورجل أعمال وجامع فني. يُقال إنه أغنى فنان على قيد الحياة في المملكة المتحدة، حيث تُقدَّر ثروته بـ 384 مليون دولار في قائمة (Sunday Times) للأثرياء لعام 2020 (1,2).

''الموت'' هو موضوع مركزي في أعمال (Hirst). اشتهرَ بسلسلةٍ من الأعمال الفنية التي يحفظ فيها الحيوانات الميتة (بما في ذلك سمك القرش والأغنام والبقر) (1,2).

تُظهِر هذه الصورة (Hirst) واقفًا أمام الكاميرا مع الرأس المقطوع لجثة رجل عجوز؛ تكمُن قوة هذه الصورة في التناقضات المؤلفة لها حيث نرى فيها الحياة والحيوية المتمثلة في (Hirst) الشاب مقارنةً مع الموت والسكون المتمثِل في رأس الرجل العجوز (3).

في هذه الفترة كان (Hirst) يُنشئ فكرته الجدلية التي تقوم عليها أعماله وهي العلاقة بين الحياة والموت واللغز غير القابل للحل لفكرة أن ينتهي أحدهما ويبدأ الآخر (3).

عمل في العمارة قبل دراستِه للفنون الجميلة في جامعة (Goldsmith) في لندن من 1986 إلى 1989، حيث نظم -عندما كان طالبًا- في الجامعة معرض (Freeze) المكوَّن من ثلاث مراحل حققت نجاحًا هائلًا. تميَّز هذا المعرض بأعماله الخاصة بالإضافة لأعمال بعض زملائه، وهذا ما لفت انتباه جامع التحف الفنية ورجل الأعمال البريطاني - العراقي تشارلز ساتشي (Charles Saatchi) الذي كان داعمًا لحركة (Young British Artists: YBA).(1,3)

في المرحلة الثالثة والأخيرة للمعرض قام برسم لوحتين نقطيتين شبه متطابقتين على حائطِ المخزن الذي يُقام فيه المعرض وسمي هذا العمل (Edge) شارحًا: "ربما اكتشفت في اللوحات النقطية الشيء الأساسي والمهم في أي نوع من أنواع الفن؛ وهو التناغم الذي يُشكله وجود اللون بحد ذاته من خلال تفاعله مع ألوان أخرى بمِثالية" (4).

تغيَّر مفهومه للفرقِ بين الرسم والنحت بشكل كبير في سنته الثانية بالجامعة وبدأ بالعمل على واحدة من أهم أعماله الفنية التركيبية (Medicine Cabine) جامعًا الجمال والبساطة معًا حيث يرى أن الطب يُشبه الفن فهو يشكل نظام عقائدي مُغرٍ ومخادع مع ملاحظته بأن: "العلم هو الدين الجديد لكثير من الأشخاص، إنه بغاية البساطة وبغاية التعقيد معًا" (4).

هذه السلسلة هي واحدة من مواضيعه المستمرة وتجلَّت بقوة في عمله التركيبي (Pharmacy) عام 1992. يمثل هذا التركيب صيدلية بحجم غرفة حيث نرى خزائن الأدوية ممتدة لتغطي الحوائط بصفوف من الأدوية المغلفة، أما بالنسبة للزجاجات الأربعة الموجودة على المنضدة فهي مملوءة بسوائل ملونة وتمثِّل العناصر الأربعة: الأرض والهواء والنار والماء، وشكلهم التقليدي هو للتذكير بالأساليب القديمة المتَّبعَة سابقًا لمُعالجة وشفاء الجسم (5).

في عام 1995؛ نال الفنان جائزة (Turner) التي تأسست من قِبل مجموعة تُسمَّى رعاة الفن الحديث (Patrons Of New Art) تشكلت لتشجيع وزيادة الاهتمام بالفن المعاصر، وسميت هذه الجائزة تيمنًا بالرسام البريطاني (Joseph Mallord William Turner: J.M.W.Turner) ومُنحت لأول مرة عام 1984 (4).

وقد كان لهيرست أعمال عديدة في مجال النحت أيضًا وواحدة من هذه الأعمال هي منحوتته (Wretched War) ''حرب بائسة''عام 2004.

تُصوِّر هذه المنحوتة التصدع والرأس المقطوع لجسد امرأة حامل، حيث أن هذه الوضعية مُستعارة من منحوتة للفنان الانطباعي ادغار ديغا (Edgar Degas) وموضوعها هو الحياة مقابل الموت (6).

وهكذا نرى أن هيرست عمل خلال مسيرته منذ أواخر الثمانينات وحتى الآن على تجارب واسعة ومتنوعة في التركيب والنحت والرسم محاولًا اكتشاف العلاقة المعقدة بين الفن والحياة والموت شارحًا: "إن الفن يتمحور عن الحياة، ولا يستطيع أن يكون متمحورًا عن أي شيء آخر"، حيث تبحث وتتحدى أعماله المعتقدات المعاصرة ويشرح التوتر والشكوك التي تُساور التجربة الإنسانية؛ فهي تجعل المُشاهِد يتساءل عن المعضلات الأساسية للوجود الإنساني المتمثِّلة بالحياة والمرض والموت والدين.

المصادر: