الفلسفة وعلم الاجتماع > علم الاجتماع
هل توقعت يومًا أن يكون شريكك العاطفيّ قاتلًا يتربص بك؟!
لم تتلقَ جرائم القتل من الشركاء العاطفيين (Intimate Partner Homicide) اهتمامًا كبيرًا من قبل الباحثين إلّا مؤخرًا، إذ ركزت معظم البحوث قبل ذلك على الجرائم التي يرتكبها الغرباء أو الأشخاص الذين كانوا على صلة معينة بالضحية (1)، ولكن حديثًا زاد الاهتمام بهذا النوع من الجرائم، وفي 2017 أشارت الإحصائيات العالمية إلى أنّ 82% من ضحايا القتل من قبل الشريك العاطفي عمومًا كانوا من النساء بينما 18% كانوا من الرجال. وإن جرائم قتل النساء والفتيات عمدًا وصل إلى 87,000 جريمة؛ أي إن 34% من الضحايا الإناث قُتلن على يد شركائهن العاطفيين و 24% منهم على يد أحد أفراد العائلة، بمعنى أنّه من بين كل 100 ضحية، هناك 58 ضحيةً قُتلن على يد الشريك العاطفي أو فردٍ من أفراد العائلة (2). وأما الأبحاث المتعلقة بهذه الحوادث عند المثليين فما تزال لم تأخذ اهتمامًا كافيًّا حتى الآن (3).
على الرغم من أن جرائم قتل الشريك العاطفي تُرتكب من كلا الجنسين، إلّا أن هناك عاملَين يدفعان الباحثِين للتركيز أساسيًّا على الضحايا الإناث وهي:
- النساء أكثر عُرضةً للقتل على يد الشريك العاطفي من الرجال (2,3).
- معظم جرائم القتل التي ارتكبتها النساء كانت مسبوقةً بحالاتٍ من العنف الأسري من قبل الضحية الرجل (1,3).
متى يجب أن نشعر بالخطر؟
هناك العديد من مؤشرات التي تسبق الجريمة، منها مؤشراتٌ قد نعتقد أنها ليست بالخطورة التي تستحق الحذر منها، إلا أن أغلب جرائم قتل الشركاء كانت مسبوقةً بواحدٍ أو بأكثر من العوامل الآتية:
- الضرب: ويُعدُّ أهم العواملٍ التي ينبغي الانتباه إليه؛ إذ وجِد أنّه معظم حالات قتل الأزواج أو الشركاء أو الشركاء السابقين -مهما كان جنسهم- كانت مسبوقةً بحالات عنف ضد الشريكة الأنثى (3).
- الانفصال: وجد الباحثون أن عملية الانفصال عن الشريك سواءً كانت جسديًا أو قانونيًا تشكل أكبر خطر للقتل من قبل الشريك العاطفي. ويُعتقد أن الشركاء الذكور يشعرون بأنهم مهدّدون بفقدان السيطرة على العلاقة عندما تعلن المرأة قرارها بالانفصال، وبعض الرجال لن يتوقفوا عند أي شيء لاستعادة السيطرة، بما في ذلك قتل الإناث (3).
- التعقب والمطاردة (Stalking): تُعرَّف المطاردة هنا على أنها التقرب البصري أو الحسي المتكرر وغير المرغوب من قبل المتعقب للضحية، و يتضمن في بعض الأحيان تهديداتٍ لفظيةٍ أو مكتوبةٍ أو ضمنيةٍ من شأنها أن تسبب خوفًا لدى الضحية. ووُجِد أن أغلبية حالات القتل التي لم تُسبق بعنف كانت فعليًا مسبوقة بشكلٍ من أشكال التعقب (3).
- الكحول والمخدرات: يؤدي إدمان الكحول والمخدرات دورًا في جرائم القتل المرتكبة من الرجال عمومًا، وفي جرائم القتل ضد شريكاتهم بنسبةٍ مماثلة (3).
- العنف الجنسي: العديد من الجرائم كانت مسبوقة بحالاتٍ من العنف الجنسي أو الإجبار على ممارسة الجنس (2,3).
ما الذي يدفع المرأة لقتل شريكها العاطفي؟
يغلب على دوافع النساء لقتل أزواجهم اتّسامها بشكلٍ من أشكال الدفاع عن النفس في معظم الحالات التي دُرِست، إذ وجِد أنه معظم حالات قتل الرجال كانت مدفوعةً من الرجال أنفسهم عن طريق استخدامهم العنف أو التهديد بالسلاح (1).
ويغلب على المرأة المعنفة التي ترتكب جريمة قتلٍ بحق شريكها عوامل مشتركة، فهي عمومًا تفتقر إلى الدعم الاجتماعي والأسري، وتتعرض لإصاباتٍ بليغةٍ في أثناء التعنيف، وأن تُغتصب من قبل زوجها أو شريكها، وأن تكون قد تلقت تهديداتٍ بالقتل من قبل الشريك (1).
ما الذي يدفع الرجل لقتل شريكته العاطفية؟
على عكس دوافع النساء التي تغلب عليها حالات الدفاع عن النفس، تميل دوافع الرجال للقتل لأن تكون مرتبطةً بالغيرة أو قرار النساء بالانفصال. ووجدت بعض الأبحاث أن معظم الرجال الذين ارتكبوا جريمةً أو أقدموا على ارتكاب جريمة قتل بحق شريكاتهن كان لديهم حالاتٌ من تعرضهم للعنف في أثناء طفولتهم ومشكلات في التعلق بالأشخاص واضطرابات في الشخصية (1). وتظهر الأبحاث أن الرجال والفتيان الذين لديهم آراء متحفظة عن الأدوار الجندرية والذكورية -مثل أولئك الذين يميلون الاعتقاد بأن الرجال بحاجة إلى مزيد من الجنس أكثر من النساء أو أن الرجال يجب أن يهيمنوا على النساء، بما في ذلك جنسيًا- هم أكثر عرضة لاستخدام العنف ضد الشريك (2).
وبرأيك هل هناك أسباب أخرى تدفع أكثر الأشخاص الذين تثق بهم لارتكاب هذه الجرائم؟ وماذا يمكن أن تفعله عند الشعور بوجود إحدى تلك مؤشرات الخطر أو هل يمكن أن تعدُّ مؤشرات الخطر التي ذكرت مبالغٌ بها أم يجب الحذر منها؟
المصادر:
2. Global Study on Homicide: Gender-related killing of women and girls [Internet]. Vienna: United Nations Office on Drugs and Crime; 2019. Available from: هنا
3. Campbell J, Glass N, Sharps P, Laughon K, Bloom T. Intimate Partner Homicide. Trauma, Violence, & Abuse. 2007;8(3):246-269. Available from: هنا