الفنون البصرية > فلسفة الفن
الفن والإبداع في العزلة
- إنتاج الفن في العزلة
والفنانون ليسوا بمنأى عما يتعرض له باقي الناس؛ إذ تؤدي ظروف متنوعة إلى عزل الفنانين عن المجتمع. واعتمادًا على الظرف؛ يمكن أن تكون العزلة موضع ترحيب أو عكس ذلك للفنان. لذا قد يضطر الفنانون إلى التأقلم وتنويع طرقهم في العمل من أجل الاستمرار في صنع الفن ولأنهم بحاجة إلى اكتشاف ما إذا كان الإبداع ممكنًا في وقت مثل هذا.
يُقالُ إنَّ الكاتب المسرحي شكسبير (Shakespeare) كتب الملك لير (King Lear) والعديد من روائعه الفنية بينما هو منعزلًا عن المجتمع. فكل تجربة في العزلة تكون فريدةً من نوعها، ويعبِّر الفنانون عن إبداعهم خلال هذا الوقت بطرقهم الخاصة كلٌ على حدة؛ ومع ذلك فإن صناعة الفن في وقت الأزمات يمكن أن يكون امتيازًا يستحق التقدير ولا يُمكن لبعض الناس تحقيقه (1).
*صورة شخصية للكاتب المسرحي شكسبير (Shakespeare).
- البحث عن الإلهام
*منحوتة بعنوان Single II عام 1996م للفنانة لويز بورجوا (Louise Bourgeois).
قد يكون ملهمًا إلقاء نظرة على أولئك الفنانين الذين ينخرطون في مساحتهم الخاصة؛ والتي ينعزلون ويحيطون أنفسهم بها، وبالتالي فإن الانعزال عن المجتمع والمحفزات العادية قد يثير الخيال.
"أنا مهتم باكتشاف القصص التي تحتويها المناظر الطبيعية وأنا أكثر انجذابًا إلى الأماكن التي تكشف فيها الأرض عن نفسها كشاهد على كلٍّ من العمليات الجيولوجية الطبيعية والمساعي البشرية". هذا ما قاله المصور الفوتوغرافيّ مارك رويدل (Mark Ruwedel) الذي استخدم البعد موضوعًا في أعماله؛ حيث يقوم بتصوير مواقع مثل خطوط السكك الحديدية المهجورة والصحاري التي ليس لها أي علامات على الحياة البشرية. حيث يمكن أن يصبح هذا التوثيق للعزلة والبُعد موضوعًا (1,3).
*صورة بعنوان Great Northern #11 عام 2005 للفنان مارك رويدل (Mark Ruwedel).
نستطيع تفهُّم فكرة الانعزال كمصدر للإلهام أكثر عندما نرى الفنانين الذين ابتكروا الفن في أثناء سجنهم؛ فعلى سبيل المثال غولسون كرم مصطفى (Gülsün Karamustafa) التي سُجنت في تركيا عام 1971م.
لوحاتها في السجن عبارة عن سلسلة من خمس عشرة لوحة تُصور اللحظات الحميمة والخاصة في حياة السجناء، وتعكس ملاحظات Karamustafa الشخصية للحياة اليومية في السجن. لقد رسمت الفنانة هذه السلسلة من اللوحات اعتمادًا على ذاكرتها بعد إطلاق سراحها.
*لوحة بعنوان Prison Paintings 9 عام 1972م للفنانة غولسون كرم مصطفى (Gülsün Karamustafa).
وفي خلال الحرب العالمية الثانية، أُرسِلَ الفنان الفرنسي بوريس تاسليتسكي (Boris Taslitzky) إلى معسكر اعتقال في سان سولبيس لا بوانت (Saint-Sulpice-la-Pointe)؛ حيث رسم لوحات جدارية على جدران الزنزانات والكنيسة. وفي وقت لاحق، نُقِل إلى معسكر الاعتقال الألماني في (بوخنفالد)، حيث تمكن من سرقة الورق وإنشاء رسومات شخصية لزملائه السجناء. وعلى الرغم من الظروف اللاإنسانية داخل معسكر الاعتقال النازي في (Buchenwald) (بوخنفالد)؛ أنتج بوريس مائتي رسمة وسكيتش تقريبًا.
واتَّسمت حياته كلها باهتمامه الكبير بأفراح وأحزان الآخرين وتعاطفه الذي هو نزعته الطبيعية وفضوله تجاه العالم وبمن يحيطون به، وكان ذلك وقودًا يغذي المحرك الإبداعي والإبداعات الفنية الغير عادية له.
كان بوريس تاسليتزكي -دائمًا- قادرًا على تصوير الواقع مهما بدا مؤلمًا أو مأساويًا لدرجة لا تُطاق، "إذا ذهبت إلى الجحيم كنت سأرسم، في الواقع؛ لقد عشت تلك التجربة لقد كنت هناك ورسمت". كما نُقل عنه القول المشهور: "أنا أجمع الصور بنفس الشغف الذي يجمع به الآخرون الفراشات" (1,4).
*لوحة بعنوان Riposte عام 1951م للفنان بوريس تاسليتسكي (Boris Taslitzky).
المصادر:
2. Louise Bourgeois | MoMA [Internet]. The Museum of Modern Art. 2021 [cited 29 July 2021]. Available from: هنا
3. Ruwedel, Mark - Museum of Contemporary Photography [Internet]. Mocp.org. 2021 [cited 29 July 2021]. Available from: هنا
4. Rollin-Royer I. Boris TASLITZKY, the official website [Internet]. Boris-taslitzky.fr. 2021 [cited 29 July 2021]. Available from: هنا