الهندسة والآليات > الروبوتات
صرصور خارق
يستلهم العلماء والمخترعون أفكارًا عديدةً من الطبيعة والحيوانات؛ ابتداءً من الطيور في أعالي السماء وصولًا إلى الرخويات والأسماك في أعماق البحار، وهذه المرة ليست مختلفة، فقد ركّز الباحثون على مفهوم المتانة في الطبيعة، إذ تُعد المتانة ضروريةً لبقاء الحيوانات التي تُظهر سلوكًا مُتداركًا للفشل ومُتسامحًا مع الخطأ، يستطيع الصرصور مثلاً أن يتحمل حمولةَ 900 مرةٍ ضعفَ وزنه دون إصابةٍ بسبب هيكله الخارجي الناعم والمُتغير(1).
ومن هنا جاء الإلهام، فقد اخترع الباحثون في جامعة كاليفورنيا California University روبوت بحجم الصرصار (2).
نبذة مختصرة عن الروبوتات المرنة
ينتمى الروبوت الجديد الصغير جدًا -بحجم حشرةٍ- إلى فئة الروبوتات المرنة، وهي فئةٌ تختلف عن الروبوتات التقليدية، إذ تُصنَع الروبوتات التقليدية من قطعٍ صلبة جامدة تتأثر بالضربات والخدوش والمطبات والسقوط، ما يجعلها غير عمليةٍ في بعض الأحيان، أما الروبوتات المرنة Soft Robots فتختلف عن سابقتها من جهة أن تصميمها يُستلهم من الكائنات الحية مثل: الديدان ونجم البحر والأخطبوط، فتتصف بمرونةٍ تمكِّنها من تجاوز كل ما تعاني منه الروبوتات التقليدية، إضافةً إلى تجاوز العقبات في طريقها، وغالبًا ما تكون هذه الروبوتات أرخصَ وأخف وزنًا، وأكثر أمانًا للإنسان (1,3).
الروبوت الحشرة
يتميز الروبوت بحجمه الصغير جدًا كطابع البريد، ويبلغ وزنه أقلَّ من عُشر الجرام ويتكون جسمه من صفيحةٍ رقيقة من مادة كهروضغطية - كهربائية إجهادية - تسمى فلوريد البولي فينيلدين، Polyvinylidene fluoride أو PVDF . اختار الباحثون تلك المادة لأسبابٍ عديدةٍ، إذ تُعتبر المواد الكهربائية الإجهادية فريدةً من نوعها، فهي ناعمةٌ ومرنةٌ وخفيفة الوزن، ما يجعلها مناسبةً في تطبيقات الروبوتات المرنة. إذ يؤدي تطبيق الجهد الكهربائي عليها إلى تمدد المواد أو انكماشها. وهنا يُطرح سؤالٌ مهم (1,2).
كيف يتحرك؟
غلّف الباحثون صفيحة ال PVDF بطبقةٍ من البوليمر المرن، بهدف جعلها تنحني كاملًا، بدلًا من أن تمددَ أو تنكمش. ربط الباحثون الروبوت بسلكٍ رفيع يوصل الجهد الكهربائي ويدفع التذبذبات، ثم أضافوا ساقًا أمامية لتحرِّك التذبذباتُ الروبوت إلى الأمام في شكل قفزة (1,2).
المميزات
يوحي شكل الروبوت الجديد بالبساطة، ولكنه يمتلك بعض القدرات الرائعة بقدر بساطته. إذ يُجاري الصرصور فى سرعته، وتُقدّر سرعته بطول 20 جسمًا في الثانية الواحدة، وهو معدلٌ مماثل لمعدل سرعة الصرصور، ما يجعله أسرع روبوت مقارنة بالروبوتات الأخرى المرنة صغيرة الحجم. ويمكنه المرور عبر الأنابيب أيضًا وتسلق المنحدرات في أثناء حمله لأحمالٍ صغيرة، مثل الفول السوداني التي تبلغ ( 0.406 جرام) وهذا يُعادل 6 مراتٍ من وزنه (1,2).
ولعل الميزةَ الأكثر إثارةً للدهشة في الروبوت الجديد قدرةُ تحمله العالية جدًا، فإذا دسته بحذائك فستُفاجئ بأنه مازال يتحرك إلى الأمام، بعبارةٍ أخرى يُمكنه تحمل 60 كيلوغرامًا، أي مليون ضعفٍ من وزنه!(1,2).
يُعلق أحد مؤلفي الدراسة قائلًا: "تعاني معظم الروبوتات ذات الحجم الصغير جدًا من هشاشةٍ عالية، إذ لو دهستها فستدمر الروبوت إلى حدٍّ كبير." ما يعكس متانة وقوة الروبوت الجديد(2).
تطبيقات محتملة
يُستفاد من هذه الفئة من الروبوتات في تطبيقاتٍ عديدةٍ، خصوصًا عند وقوع الكوارث مثل الزلازل، فحجمها الصغير وقوتها والمتانة العالية مُفيدة في مهام البحث والإنقاذ والوصول إلى أماكن يعجز البشر والكلاب عن دخولها أو تمثل خطرًا على حياتهم (2).
المستقبل
يجرب الفريق إضافةَ بطارية تمكِّن الروبوت من أن يتجول باستقلالٍ، ويعملون أيضًا على إضافة مُستشعرات الغاز وتحسين تصميم الروبوت ليصبح بالإمكان توجيهه حول العوائق (2).
يمكنكم مشاهدة فيديو قصير للروبوت الجديد من هنا.
المصادر:
2. Manke K. You can’t squash this roach-inspired robot [Internet]. Berkeley News. 2019 [cited 6 August 2021]. هنا
3. Choi CQ. Soft Robot Fingers Sweat to Cool Themselves A sweaty robotic hand could cool down about three times more efficiently than humans. [Internet]. IEEE Spectrum. 2020 [cited 6 August 2021]. Available from: هنا