يد الإدمان تمتد إلى تغذيتك أيضًا!

يعرف الإدمان بأنه حالة نفسية وسلوكية تؤثر في الإنسان وتجعله يرغب في تعاطي مواد معينة من أجل تحقيق الراحة النفسية، فيتعلق بتلك المواد على نحو مَرَضي بصرف النظر عن الآثار السلبية التى قد تلحق بصحته أو حالته العقلية أو حياته الاجتماعية.

إذا كنت شخصًا يعاني من أحد اضطرابات الإدمان أو التعاطي، سواء كان بسبب المخدرات أم الكحول أم السجائر، أو أنك تعرف أحدًا يعاني من إحدى هذه الحالات، فمن المؤكد أنك اختبرت المعاناة من انخفاض بعض العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم ليكون بصحة جيدة، فعادةً ما يسبب الإدمان تناولَ كمياتٍ قليلةٍ جدًا من الطعام، أو يدفعنا إلى اختيار أطعمة تفتقر إلى الفيتامينات والمعادن الأساسية فضلًا عن أن هذه المواد الكيميائية تجعل امتصاص العناصر الغذائية أكثر صعوبةً مما يزيد احتمال الإصابة بالاكتئاب والقلق وانخفاض الطاقة.

وفي النهاية تؤدي هذه المشاعر السيئة إلى الرغبة الشديدة في التدخين أو تعاطي المخدرات والكحول مرةً أخرى، فيقع المرء في دائرة مستمرة من التوتر.

أما إذا كنت تتعافى من الإدمان، فعليك أن تعلم أن التغذية الجيدة يجب أن تكون جزءًا أساسيًّا من مرحلة الاستشفاء، فأنت تحتاج إلى تجديد العناصر الغذائية التي لم تحصل عليها، وهذا ما سيساعدك على استعادة صحتك الجسدية والعقلية، وغالبًا ما سيؤدي ذلك التحسن النفسي والجسدي إلى زيادة احتمالات بقائك بعيدًا عن مسببات الإدمان (1).

إليك كيفية تأثير المواد على تغذيتك وكيف يمكنك البدء في إصلاح الضرر (1).

1- النيكوتين:

أظهرت دراسة نُشرت في مجلة BMC Public Health أن الأنظمة الغذائية التي يتبعها المدخنون تتَّسم بالسوء مقارنةً بالأنظمة الغذائية لغير المدخنين أو المدخنين السابقين، فهم يتناولون كمياتٍ قليلةً من الخضار والفواكه، ويحصلون على كمياتٍ منخفضة من فيتامين C الضروري للصحة، فضلًا عن ذلك فهم يستهلكون قرابة 200 سعرة حرارية إضافية يوميًا عن طريق النظم الغذائية الغنية بكثيرٍ من السعرات الحرارية الفارغة (2).

وتبين النتائج أن النيكوتين الموجود في التبغ يسبب انخفاضاً في كلٍّ من البيتا كاروتين والفيتامين B وC وD وE والسيلينيوم والزنك، وهذا ما يُعرض المدخنين لخطر الإصابة بأمراض العين، ومشكلات الأعصاب في اليدين والقدمين والحبل الشوكي، وفقر الدم الناجم عن نقص الحديد، والأمراض القلبية، وهشاشة العظام وضعفها وترققها، وسرطان الرئة، والأسقربوط نتيجة النقص الحاد في فيتامين C.

وتتجلى الأعراض التي ترافق إدمان النيكوتين في الإعياء، وآلام العظام، وضعف العضلات أو تقلُّصها، وتغيرات المزاج، ونزيف اللثة، والنزف تحت الجلد، وفقدان الشهية، وتساقط شعر، والإسهال.

تغذويًا يمكن التخفيف من هذه الأعراض عن طريق إضافة الفواكه والخضروات إلى النظام الغذائي بهدف توفير مزيدٍ من الفيتامينات والمعادن ليمتصَّها الجسم، ويشمل ذلك الأطعمةَ الغنية بالفيتامين C مثل البروكلي والفليفلة الخضراء والبندورة والحمضيات والفريز، ويمكن الاعتماد على مكملات فيتامين C أيضًا بعد استشارة الطبيب (1). كذلك بيَّنت الأبحاث أن تناول الحليب قد يساعد المدخنين على التخلص من هذه العادة، إذ أفاد المدخنون أن تناول الحليب والماء والفواكه والخضروات أدى إلى زيادة الإحساس بالمذاق غير المستحب للسجائر، في حين زاد تناول الكحول والقهوة واللحوم من المذاق المحبب (3).

2- المسكنات الأفيونية:

يمكن أن تسبب المسكنات الأفيونية انخفاضًا في الفيتامين C وB والبوتاسيوم والسيلينيوم والزنك والكالسيوم والمغنيزيوم وحمض الفوليك، وهذا ما يعرِّض الشخص لخطر الإصابة بسرطان القولون، وأمراض الكبد، وانخفاض الكتلة العظمية، وداء البلاغرا؛ وهو مرض ناجم عن نقص فيتامينات B، وعيوبًا خلقيةً لدى الأجنَّة، وإمساكًا مزمنًا نتيجة تنشيط مستقبلات معينة في جدار الأمعاء، الأمر الذي يثبط المسارات داخل الجهاز العصبي المعوي، وبدوره يقلل حركة الأمعاء ويؤخر إفراغها (1,4). 

ما الذي يمكن أن يساعدك؟ يعد اتباع نظام غذائي غني بالبروتين والفواكه الطازجة أو المجمدة. يمكن أيضاً الاستفادة من البروبيوتيك (البكتيريا المفيدة) التي تعزز صحة الأمعاء، وتوجد بكثرة في منتجات الألبان. كذلك تساعد مكملات الأوميغا-3 على تقليل الالتهابات والحد من الرغبة الشديدة في تناول المواد الأفيونية، علمًا أن هذه التأثيرات ما زالت بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الدراسات للتأكد من فعاليتها (1).

3- المشروبات الكحولية:

يسبب الكحول انخفاضاً في مستويات الفيتامين A وB وC وE والأحماض الأمينية والزنك، وهذا ما يُعرِّض الشخص المدمن على الكحول للنزيف الداخلي، واضطراب وظائف المخ، ومشكلات الرؤية، وضعف صحة العظام، وتلف الكبد.

ويمكن أن يؤدي ذلك إلى ظهور بعض الأعراض مثل فقدان الوزن وفقدان الكتلة العضلية على نحو خاص، والعمى الليلي، وضعف حاسة التذوق والشم، والشعور بالتعب طوال الوقت، وظهور مشكلاتٍ في الأسنان واضطراباتٍ في الجهاز الهضمي (مثل الغازات أو الإمساك أو الإسهال).

وينصح خبراء التغذية بالشرب باعتدال، والتركيز على الوجبات الصغيرة والمتكررة التي تحتوي على الكربوهيدرات المعقدة (مثل الحبوب الكاملة) ومنتجات الألبان والبروتين والدهون الصحية مثل زيت الزيتون والأسماك. كذلك يمكن أن تعوِّض مكملات الفيتامينات عن النقص الشديد الحاصل في المغذيات بعد استشارة الطبيب فيما يخص الجرعات المناسبة (5,1).

4- المنشطات (مثل الكوكايين والميثامفيتامين):

تسبب هذه المركبات المسببة للإدمان ثقوبًا معوية، وتقرحاتٍ في المعدة، واضطرابات هضمية حادة مثل الألم البطني والغثيان، والتهاب المريء، وهذا ما يضعف امتصاص المغذيات وعمليات الهضم والتمثيل الغذائي، ويؤدي في النهاية إلى سوء تغذية.

كذلك يمكن أن تظهر بعض العواقب القلبية الوعائية، إذ يمكن أن يتسبب الكوكايين في زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم، وعدم انتظام ضربات القلب، وتصلب الشرايين. ويسبب الجمع بين الكوكايين وغيره من المواد مثل الكحول والماريغوانا والتبغ أضرارًا صحية جمة خاصة عند اجتماع ذلك مع عوامل خطر أخرى مثل زيادة الوزن والسمنة.

تغذويًا، لا بد من التأكيد على أهمية الترطيب الكافي للجسم، خصوصًا في ظل ترافق الإدمان على هذه المركبات مع التجفاف وسوء التغذية، أمران قد يعرضان الشخص إلى خطر الاكتئاب والقلق وتغير معدل ضربات القلب، ويُنصح هنا بالابتعاد عن المشروبات الحاوية على الكافيين ومشروبات الطاقة أو الصودا، مع الحرص على اتباع نظامٍ غذائي متوازن يشمل الفواكه والخضروات واللحوم الخالية من الدهون والحبوب الكاملة، إضافةً إلى دور منتجات الألبان مثل الحليب واللبن والجبن في تقوية الأسنان واللثة (1,6).

المصادر: