موسيقا موزارت ونوبات الصرع؛ أمل علاجي جديد!

يُعدُّ الصرع من أكثر الاضطرابات العصبية شيوعًا؛ إذ لا يزال عديدٌ من الأفراد يعانون النوباتِ على الرغم من العلاجات الطبية والجراحية، فقرابة 40٪ من مرضى الصرع لا يستجيبون للأدوية المضادة للصرع، على الرغم من أنه يمكن لعديدٍ من تقنيات التعديل العصبي أن تقلل من النوبات الصرعية، لكن هذه الخيارات تميل إلى أن تكون غازية تشمل الاستئصال الجراحي وزرع أجهزة التحفيز العصبي، مما يشير إلى ضرورة تطوير علاجات متممة ومكملة جديدة (1,2).

لاحظ الباحثون منذ التسعينات أنّ الاستماع إلى موسيقا موزارت له تأثير ملحوظ في تقليل النوبات لدى مرضى الصرع، فتبينَ وجود انخفاض ملحوظ في موجات الدماغ الصرعية في أثناء سماع موسيقاه وبعد سماعها، كذلك قد يصبح الاستماع إلى موزارت علاجًا للوقاية من نوبات الصرع  عن طريق تطور تحفيز عصبي ملطّف متعلق بتلك الموسيقا (1-3).

تبين نتائج إحدى الدراسات نقصَ عدد نوبات الصرع عند المرضى المستمعين لموسيقا موزارت؛ تحديدًا القطعة (K448) من سوناتا موزارت على أنغام اثنين من البيانو، وذلك يوميًّا على مدار 3 أشهر، بالمقارنة مع غيرها من الموسيقا التي لا يحكمها إيقاع متواتر (1).

واستُعين بمهندس صوتي لفهم لماذا تملك موسيقا موزارت الأفضليةَ على غيرها من النوتات الموسيقية في تخفيض النوبات؛ إذ لوحظ أن قطعة موزارت (K448) بالذات لها نغمٌ أكثر توافقية، وأن إيقاعها لا يتغير بسرعة، وهذا قد يكون له تأثير إيجابي في مرضى الصرع. في الدراسات السابقة كان يعتقد أن تقليل النوبات مرتبط بالتأثير العاطفي للموسيقا وإفراز الدوبامين الذي يؤدي دورًا في نظام المكافأة في الدماغ، ولكن الدراسات الحديثة تميل لإلغاء هذه الفكرة؛ إذ إن العاطفة لم تؤدي دورًا مهمًّا في علاج الصرع، بل إن التأثير غالبًا كان مرتبط بالإشارات الصوتية، فقد وجد أن الانخفاض في الموجات الصرعية كان أكبر في الفص الصدغي الجانبي، وهو الجزء من الدماغ المسؤول عن ترجمة الإشارات الصوتية، بدلًا عن المنطقة الحوفية المتوسطة الصدغية التي تؤدي دورًا مهمًّا في الاستجابة العاطفية للموسيقى (3).

يمكن لمثل هذه الدراسات أن تكون أملًا واعدًا في علاج الاضطرابات العصبية، بدمج الإيقاعات الموسيقية مع الموجات الدماغية، وتطوير عديد من الإيقاعات جنبًا إلى جنب مع العلاج الطبي الأساسي، لتساعد على علاج المرضى عبرَ سيمفونية طبية جديدة.

المصادر: