الفلسفة وعلم الاجتماع > علم المنطق والأبستمولوجيا
ثلاثة أحداث سيئةٍ! حتماً الحدثُ القادم سعيدٌ؛ مغالطةُ المقامر The Gambler's Fallacy
- ما رأيكَ في هذه البدلةِ؟ أخبريني هل تلائم حدثَ تنصيبي غداً! حقاً إنني لا أطيق انتظار تلك اللحظة التي سأجلسُ فيها على ذلك الكرسي.
- مبارك! لم تخبرني بأن النتائج قد صدرت وأنك عُيِّنتَ!
- في الحقيقة لم تصدر بعدُ، لكنني متأكد من أنني سأحصلُ على هذا المنصب الدبلوماسي الكبير هذه المرة.
- وما الذي يجعلك متأكداً؟
- الأمر واضح بالنسبة لي، ففي المرتين السابقتين اختاروا أشخاصاً غيري، لا شكَّ في أنَّ هذه المرة سيقع الاختيار عليَّ.
- أنا آسفةٌ يا صديقي، لكن لا بدَّ من أن أخبرَك أنَّ ما تتصوَّره هو نتيجة للتفكير المحدّد برغبات أو القائم على التمني (Wishful Thinking)، وأنَّك بذلك ترتكب مغالطة المقامر (Gambler's Fallacy) التي يُطلق عليها أيضًا مغالطة مونت كارلو (Monte Carlo Fallacy) أو مغالطة نضج الفرص (Fallacy of the Maturity of Chances)، عبر استخدام أحداث الماضي للبرهنة على أنَّ النتيجةَ الحاليَّةَ أو المستقبليَّة ستكون على شكلٍ محدَّدٍ بسببِ ما حصل في الماضي، على الرغم من أنَّ سياق الأحداثِ هو في الواقع عشوائي وغير مرتبط، لكن النتيجةَ (بالصدفة) حدثتْ بشكلٍ مكرَّرٍ عدَّةَ مرَّاتٍ في فترة زمنيَّةٍ واحدةٍ، فيفتَرِضُ المنطقَ الخاطئَ أنَّ النتيجةَ المعاكسةَ ستحدثُ في المستقبل على الأرجح لضرورة تعادلِ النتائجِ وبذلك تكون هذه النتيجة في الغالب مطابقةً لرغباتهم (1,2).
وعند استخدام هذا النوع من الاستدلال بطريقةٍ معاكسةٍ يفترضُ المحاورُ أنَّه نظراً لظهورِ سلسلةٍ من النتائجِ في اتجاهٍ واحدٍ، فإنَّ هذا الاتجاه سيستمرُّ والنتيجة نفسها ستظهرُ، أي في كل مرَّةٍ تُقلَب بها العملةُ النقديَّةُ يظهرُ "النقش" فهنا تسمى مغالطة اليد الساخنة (Hot Hand Fallacy) وهذا النوع من الاستدلال يعدُّ مغالطةً أقلَّ من ذاك بقليلٍ؛ لوجود فرصةٍ ضئيلة لتوالي تكرار النتيجة نفسها ليس عشوائياً تماماً (2).
وكما هو الحال مع معظم المغالطات، فإن مغالطةَ المقامر منتشرةٌ لأنَّها تُعطي نوعاً من الاستدلال الجيد أو المقنع بالنسبة لمرتكبها (2).
"لقد توقفت عجلة الروليت على اللون الأحمر في آخر خمس دورات، لا شكَّ في أنها في الدورة التالية ستتوقف على اللون الأسود"
بالطبع لا توجد ذاكرة لعجلة الروليت، فلا توجد طريقة يمكن من خلالها تذكُّرُ نتائج الدورات السابقة وتعديل نتيجة لعبة الحظ الحالية وفقًا لذلك، ففي كل مرة تدار العجلة، هناك فرصة 50% بأن تتوقف على اللون الأحمر، و50% على اللون الأسود (3).
ولكن بالطبع مع الأشخاص، يختلف التقييم وتعطى أهمية للعامل النفسي، فالنَّاسُ كائناتٌ تاريخيّةٌ، ويتأثرون بفهمهم لما يحدث لهم حالياً وأيضاً بفهم ما حدث لهم وللآخرين في الماضي، وكذلك بما يعتقدون أنه سيحدث في المستقبل. فلو خسر فريق خمس مباريات متتالية، فقد تكون هذه الخسائر السابقة ذات صلة بالفعل بأداء الفريق التالي لمجرد أن الرياضيين، على عكس عجلة الروليت، يتذكرون الماضي ويتأثرون به، قد يصابُ الفريقُ بالإحباط بعد سلسلة الخسائر وبالتالي يلعب لعباً أقلَّ جودةً مما كان عليه في الماضي. أو ربما العكس، ازداد حماسُهم بعد هزائمهم الأخيرة وصمموا على الفوز بالمباراة التالية، وبالتالي تتحسن فرصهم (1).
أمثلة:
- جميع علاقاتي السابقة باءت بالفشل، فلا شكَّ في أنَّ الأمر سيكون مختلفاً هذه المرة.
- بداية سنة جديدة! سأسحب أوراق اليانصيب الآن، فبعد سنتين من الخسارة، سيكون الربح حليفي هذه السنة.
المصادر:
2. Sterling G. Gambler’s Fallacy. In: Arp R, Barbone S, Bruce M, ed. by. Bad Arguments. 1st ed. Hoboken: John Wiley & Sons Ltd; 2018. p. 157-159. Available from: هنا
3. Warburton N. Thinking from A to Z. 2nd ed. London: Routledge; 2000. p. 82-83