متلازمة المبيض المتعدد الكيسات PCOs

متلازمة المبيض متعدد الكيسات اضطراب معقد شائع يؤثر في وظيفة المبيضين، تترافق فيه حالة من عدم قدرة المبيض على إنتاج البويضات شهريًّا وتدعى اللا إباضة، بالإضافة إلى فرط نشاط مبيضي، وهذا ما لا يشاهَد في الحالات الأخرى المسببة للا إباضة؛ إذ تترافق مع قصور مبيضي عادة (1).

تصيب متلازمة المبيض المتعدد الكيسات نحو 5 مليون من النساء في سن النشاط التناسلي في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقترح الأبحاث أن 5-10% من النساء ذوات أعمار تتراوح بين 18-44 سنة مصابات بهذه المتلازمة وبذلك تكون أشيع اضطراب غدية بين النساء في هذه الفئات العمرية في أمريكا (2). 

الآلية المسببة لهذه المتلازمة غير معروفة بعد، ولكن تُتَّهم الاضطرابات الهرمونية في الجسم بصفتها عاملًا أساسيًّا في إحداثها مثل المقاومة على هرمون الإنسولين الذي يفرزه البنكرياس ويعمل على إدخال السكر من الدم إلى الخلايا كي يُستخدم في إنتاج الطاقة، وعندما تقاوم أنسجةُ الجسم تأثيراتِ هذا الهرمون ينتِج البنكرياس كمياتٍ أكبر للتغلب على هذه المقاومة مما يحفِّز المبيضين على إنتاج الهرمونات الذكرية مثل التستوستيرون بكميات كبيرة، فتتداخل مع التطور الطبيعي للجريبات المبيضية. من معيقات الإباضة الطبيعية أيضًا الوزن الزائد؛ إذ يزداد إفراز الإنسولين في حالة الوزن الزائد مما يزيد الحالة سوءًا (3,4). إضافة إلى ترافق هذه المتلازمة مع ارتفاع مستويات الهرمون المحرض للإباضة أو ما يعرف بالهرمون الملوتن LH وانخفاض مستويات الغلوبولين الرابط للهرمون الجنسي، وهو بروتين يجول في الدم ويرتبط مع التستوستيرون فيخفض من تأثيراته. ولتاريخ الأسرة المرضي والعامل الوراثي دور في الإمراضية. يوجد أيضًا حدثية التهابية خفيفة الدرجة عند مريضات PCOS تحفز المبيضين على إنتاج المزيد من الأندروجينات (4).

تتظاهر هذه المتلازمة بمجموعة من الأعراض والعلامات، ولكن ليس بالضرورة أن تعاني السيدة من كل هذه التظاهرات، ويتراوح كل تظاهر من خفيف إلى شديد، وهي اضطراب انتظام الدورة الطمثية على نمط قلة طموث (أقل من 9 دورات في السنة وأكثر من 35 يومًا بين كل طمثين) أو غياب الدورة نهائيًّا وصعوبة الحمل، وأعراض فرط الهرمونات الذكرية في الدم مثل ظهور العد أو حب الشباب والبشرة الدهنية والشعرانية أي نمو شعر زائد خاصة على الوجه والصدر والظهر والبطن أو حتى حدوث تساقط للشعر وصلع من نمط ذكري وحاصات أي فقدان الشعر على شكل بقع وخاصة في الرأس بالإضافة إلى زيادة الوزن (4) وزيادة الكتلة العضلية وخشونة الصوت وضخامة البظر إضافةً إلى الشواك الأسود، وهو مناطق تسمُّك ناعم مفرط التصبغ في الجلد لا سيما جلد قاعدة العنق والإبطين وأسفل الثديين ومناطق الثنيات والمرفقين، وكذلك ارتفاع ضغط الدم فوق 130/85 (5). 

يجب معرفة أن الإصابة بمتلازمة المبيض متعدد الكيسات تحمل خطر الإصابة بأمراض لاحقة مثل تبدلات المزاج والاكتئاب الناجمة عن تظاهرات هذه المتلازمة التي تؤثر في الثقة بالنفس وتقييم الذات، بالإضافة إلى ارتفاع كل من ضغط الدم وكولسترول الدم مما يزيد خطر الأمراض الوعائية القلبية والدماغية، وتوقف التنفس في أثناء النوم لا سيما عند زائدات الوزن، وكذلك مرض الكبد الدهني غير الكحولي، إضافة إلى خطورة حدوث داء ما قبل سكري وداء سكري من النمط الثاني الصريح، لذلك يجب مسح جميع المريضات بعمر 30 سنة بحثًا عن الداء السكري مع إعادة التقييم مرة أخرى لاحقًا في حال سلبية الفحص مع التنويه بازدياد خطر الإصابة بسرطان البطانة الرحمية عند من يعانِين من عدم انتظام شديد في الدورة الطمثية (أقل من 3 أو 4 دورات في السنة فقط) منذ عدة سنوات، لذلك يُعد التشخيص والتدبير المبكرين لهذه المتلازمة أمرين جوهريَّين في تخفيض خطر تطور هذه الاختلاطات (3).

تتحدد متلازمة المبيض متعدد الكيسات بثلاثية مكونة من اضطراب انتظام الدورة الطمثية (قلة طموث أو غياب طموث) وارتفاع مستويات الأندروجينات -أي الهرمونات الذكرية في الدم والذي يؤدي إلى مجموعة مظاهر سريرية- إضافةً إلى ضخامة أحد المبيضين أو كليهما نتيجة احتوائه على كيسات عديدة صغيرة ضمنه، لكن على الرغم من أنها تدعى متلازمة المبيض متعدد الكيسات فقد تُشخَّص دون ظهور كيسات ضمن المبيضين! إذ يكفي تحقُّق اثنين من الشروط الثلاثة لتشخيص هذه المتلازمة. نبدأ بتشخيصها بالقصة السريرية مع السؤال عن انتظام الدورة الطمثية وعن تغيرات الوزن ثم بالفحص السريري بما يتضمنه الفحص الحوضي النسائي ويتممهما إجراء بعض التحاليل المخبرية لمعايرة مستويات الهرمونات في الدم ونفي بعض الأمراض التي قد تُشبه متلازمة المبيض المتعدد الكيسات في تظاهراتها، ومن ثم يُجرى تصوير إيكو للمبيضين بحثًا عن الكيسات وللرحم بحثًا عن أي تسمك في البطانة الرحمية، وقد تُجرى اختبارات أخرى لتقصي اختلاطات هذه المتلازمة مثل قياس ضغط الدم وإجراء اختبار تحمل السكر ومعايرة مستويات الشحوم الثلاثية والكولسترول الصيامي في الدم (3).

وبما أن الآلية المسببة لا تزال غير معروفة فإنه لا معالجة شافية لهذه المتلازمة، بل هي معالجات موجهة للأعراض ولكل مريضة خطة علاج خاصة بها حسب اللوحة السريرية، وتتضمن خيارات التدبير تغيير نمط الحياة بإنقاص الوزن لدى زائدات الوزن؛ إذ تبيَّن أن إنقاص 5% فقط من الوزن يحسن الأعراض تحسنًا ملحوظًا وذلك باتباع حمية مناسبة وممارسة التمارين الرياضية، ولعلاج عدم انتظام الدورة الشهرية تعد مانعات الحمل الفموية الخطَّ الأول. أما بالنسبة للمريضات اللواتي يرغبن في الإنجاب فالدواء المختار لتحريض الإباضة والمساعدة في حدوث الحمل هو كلوموفين السيترات، كما يُعدُّ الميتفورمين من الخيارت الأخرى، وهو أحد خافضات السكر الفموية يقدم فوائد أخرى في تخفيض سكر الدم ومن ثمَّ الوقاية من تطور الداء السكري لاحقًا وتخفيض مستوى كولسترول الدم وكذلك مستوى الأندروجينات الجائلة في الدم، مما يساهم في علاج الأعراض الناجمة عن الهرمونات الذكرية كنمو الشعر الزائد والعدِّ إضافةً إلى خيارات دوائية أخرى كالسبيرونولاكتون، إلا أنها فقط تخفف من نمو المزيد من العشر ولا تزيل الشعر الموجود لذلك ينصح باستعمال إحدى وسائل إزالة الشعر الأخرى مثل أجهزة الليزر وغيرها.

وأخيرًا في حال عدم حدوث حمل على الرغم من استعمال الخيارات الدوائية المتاحة يمكن إجراء ما يعرف بجراحة تثقيب المبيضين؛ إذ يُدخل الطبيب إبرة إلى أحد المبيضين ويُحدث عدة ثقوب فيه مما يساهم في تخريب النسيج المنتج للأندروجين وينقص مستوياته ليصحح عدم التوازن الهرموني ويستعيد وظيفة المبيضين الطبيعية (2,3).

المصادر: