ضريبةُ الكربون وتسعيرهُ! هل يغدوان الحل؟

يُقال أحيانًا باللغة العامية على سبيل المزاح: "كلشي إلا المصاري" في إشارةٍ إلى أن القائل قد يسمح لك بطلب أي شيء ما عدا المال!

ويُقال أيضًا "ما ناقص غير يفرضوا ضريبة عالهوا"..

حسنًا؛ سيبدو ذلك غريبًا إن قلنا لك أن هذه العبارات قد تحمل في طياتها الحل وراء إحدى أعظم المشكلات التي تواجهها الحياة على سطح الأرض: الاحتباس الحراري!

شاركنا رأيك؛ ولكن قبل ذلك ادعمه بقراءتك لتفاصيل ما نرمي إليه في مقالنا الآتي..

تزدادُ يومًا بعد يوم تأثيرات الاحتباس الحراري الذي يعزو العلماء اتجاهه المتصاعد منذ منتصف القرن العشرين إلى زيادة انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن النشاطات البشرية؛ إذا يحدث هذا الاحترار عندما يمنع الغلاف الجوي الحرارة التي تشعُّها الأرض من الخروج إلى الفضاء، وتشمل هذه الغازات ثاني أكسيد الكربون CO2 والميثان CH4 وأكسيد النايتروس N2O ومركبات الكلوروفلوروكربون CFCs الصناعية (1).

ومع نمو التجارة الدولية حظيت قضية انبعاثات الكربون المتجسدة في هذه التجارة باهتمام كبير في السنوات الأخيرة، وكان لها تأثير كبير في حصة دخل العمل في الدول النامية (2).

وفي خضمِّ هذا الزخم المتزايد بين البلدان والشركات أصبحت عبارة تحديد سعر للكربون الآن معروفةً جيدًا كوسيلة لخفض الانبعاثات ودفع الاستثمار إلى خيارات أنظف فما الذي يعنيه ذلك؟

تسعير الكربون؟

تتبع الحكومات العديد من المسارات لتحديد سعر الكربون، إذ تبدأ بحساب ما يُعرف بالتكاليف الخارجية لانبعاثات الكربون، وهي التكاليف التي يدفعها العامة بطرائق أخرى، مثل الأضرار التي تلحق بالمحاصيل الزراعية وتكاليف الرعاية الصحية الناتجة عن موجات الحرارة والجفاف أو أضرار الممتلكات الناجمة عن الفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر. ثم تُربط هذه التكاليف بمسبِّباتها عن طريق تسعير الكربون؛ إذ يُساعد ذلك في إرجاع المسؤولية إلى المسؤولين عن الانبعاثات والذين يمكنهم تقليلها (3).

في الواقع هناك نوعان رئيسان لما يُعرف بتسعير الكربون وهما:

1- أنظمة تداول الانبعاثات Emissions Trading Systems (ETS): ويعني المتاجرة بالانبعاثات إذ يُسمح للصناعات ذات الانبعاثات المنخفضة ببيع حصصها الإضافية إلى صناعات ذات انبعاثات أكبر عن طريق العرض والطلب، ويساعد ذلك على ضمان تخفيض الانبعاثات وإبقائها ضمن الحدود المخصصة مسبقًا.

2- ضريبة الكربون: وتعني تحديد سعر مباشر على الكربون على شكل تحديد معدل ضريبي على انبعاثات غازات الدفيئة أو على محتوى الكربون في الوقود.

توجد أيضًا طرائق غير مباشرة وأكثر دقةً مثل تسعير الكربون عن طريق فرض ضرائب على الوقود الأحفوري، أو إلغاء دعمه، أو تطبيق بعض القوانين التي تتضمن ما يُعرف بالـ "التكلفة الاجتماعية للكربون" (3).

نتائج واعدة

على الجانب الآخر تقصَّت إحدى الدراسات آثار خطط ضريبة ثاني أكسيد الكربون على انبعاثاته،  وأشارت عمليات المحاكاة التي أجرتها إلى أن تطبيق خطط ضرائب ثاني أكسيد الكربون يمكن أن يكون عنصرًا حاسمًا ومقبولًا اجتماعيًا إذا كانت مدروسةً جيدًا وأتت ضمن حزمة سياسة شاملة لتحقيق أهداف انبعاثات غازات الدفيئة (4)، التي تُساهم الولايات المتحدة والصين بما يزيد عن 40% منها وفقًا لإحصائيات العام 2018 "شكل رقم (1)".

الشكل رقم (1): نسبة مساهمة كل دولة في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو في عام 2019

مخاوف اقتصادية!

تُمثل هذه الإجراءات والآليات تحديًا في كونها قد تؤثر في أسواق الطاقة سلباً عن طريق تأثيرها في الأسعار والجدوى المالية للاستثمار؛ إلا أن النماذج التي أجرتها إحدى الدراسات بخصوص كيفية تأثير آليات السياسات المتَّبعة في الأسواق والمؤشرات الاقتصادية وجدت أن السياسات القائمة على السوق (مثل ضرائب الكربون) تحقق أهداف إزالة الكربون بكفاءة أكبر. ليس ذلك فحسب بل إنها الأقل ضررًا للتسعير في أسواق الكهرباء بالمجمل (5).

جدير بالذكر أن آليات تسعير الكربون سارية بالفعل في ما يقارب 40 دولةً في أنحاء العالم وأكثر من 20 مدينة، ويزداد التخطيط لتنفيذ تلك الآليات في المستقبل (3).

قد يبدو العالم الآن بالنسبة إليك عزيزي القارئ أكثر ماديةً مما سبق ولكن؛ هل سترى الحياة التي نعرفها بصيصَ أملٍ عندما سيتعلق الأمر بفرض الضرائب على البلدان والشركات المسببة للانبعاثات؟

المصادر: