الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة
تجربة يينا (Jena) تجربة واعدة في مجال التنوع الحيوي
يؤثِّر التنوع الحيوي مباشرةً في الحياة على سطح الأرض، ويُهدِّد انخفاضُه وجود ملايين الأشخاص، فيزيدُ احتمال مواجهتهم لمستقبلٍ تكون فيه الموارد الغذائية أكثر عرضةً للآفات والأمراض وتشحّ فيه الموارد المائية أو تصبح غير منتظمة (1). ممّا دفع الباحثين إلى إيلاء التنوع الحيوي الأهمية في تجاربهم بهدف فهمِه وتوضيح أهميته.
أُجريت تجربة يينا ( Jena Experiment) عام 2002 بهدف التحقيق في آثار التنوع الحيوي النباتي في دورة العناصر والتفاعلات الغذائية، وللإجابة على أسئلةٍ مهمة في أبحاث التنوع البيولوجي الوظيفي (2).
اتخذ الباحثون موقعاً للتجربة بالقرب من مدينة يينا (Jena) الألمانية على ارتفاع 130 مترًا فوق مستوى سطح البحر، حيث تكوّنت التربة من رواسب نهرية خالية تقريبًا من الحجارة وصلت سماكتها إلى مترين (3)، ورُتِّبت قطع الأرض -البالغ عددها 86 قطعة- على نحوٍ متوازٍ مع الابتعاد عن النهر الموازي لموقع التجربة تبعاً لاختلاف نسيج التربة وعمق المياه الجوفية، إضافةً إلى أنها جُزَّت مرتين في السنة بالتوافق مع إزالة المواد النباتية والأعشاب الضارة منها بانتظام (مرتين إلى ثلاث مرات في السنة)، وذلك بهدف الحفاظ على تكوين الأنواع المدروسة من دون تخصيب قطع الأرض (4). واختلفت مستوياتُ هذه القطع من حيث غناها بالأنواع النباتية، فكانت على الترتيب: (0 ، 1 ، 2 ، 4 ، 8 ، 16 ، 60) نوعاً، وضمّت عدّةَ مجموعاتٍ نباتيّةٍ وظيفيّةٍ وُزِّعت عشوائيًا وتراوحت ما بين 0 إلى 4 مجموعاتٍ وهي: حشائش، أعشاب قصيرة غير بقولية، أعشاب طويلة غير بقولية وبقوليات (3). استُخدِم هذا الموقع بوصفه حقلاً زراعيّاً، إذ تعرّض للتخصيب بشدة في العقود التي سبقت إنشاء التجربة عام 2002 (4).
وفَّرت التجربة دعمًا قويًا للرأي القائل بأن التنوع الحيوي هو محرِّك مهمٌّ للنظام البيئي؛ إذ أثبتت النتائج تأثُّر العديد من عمليات النظام البيئي بزيادة وغنى الأنواع النباتية، ووجدت أن زيادة الأنواع النباتية أثَّرت إيجابياً في محتوى التربة من العناصر المغذية كالكربون والفوسفات والنتروجين، في حين تأثَّر تنوُّع الكائنات الحية إيجابياً بغنى الأنواع النباتية، وازداد التأثير بالنسبة للكائنات الموجودة فوق الأرض عموماً، وللحيوانات العاشبة خاصةً، و أثّر كذلك بشدّة في الكتلة الحيوية للنباتات؛ مما دلّ على أنّ التنوُّع الحيوي ولّد تنوعًا بدوره (2).
أخيراً؛ سمحت تجربة (Jena) بإجراء تحليلٍ شامل للدور الوظيفي للتنوع الحيوي في النظام البيئي؛ إذ تشير نتائجها حتى الآن إلى احتمال كون التأثير الإيجابي للتنوع الحيوي ناتجاً عن العديد من الآليات التي تعمل في وقتٍ واحد في مجتمعات أكثر غنىً وتنوعًا، مثل انخفاض هجوم العوامل الممرضة، ووجود المزيد من الكائنات الحية المعزِّزة لنموّ النباتات (2). مما يُعطي أملًا في نجاح مزيد من التجارب التي تهدف إلى إيقاف قطار فقدان التنوع الحيوي بهدف حماية ظروف الحياة على سطح الأرض من التدهور.
المصادر: