الموسيقا > سلسلة الأوبيراهات
عايدة.. أوبرا غربية بنكهة فرعونية
كُتبت أوبرا عايدة على يدِّ أحد أشهر المُلحنين الأوبراليين في التاريخ؛ وهو الإيطالي جوزيبي فيردي (Giuseppe Verdi). كان فيردي يبحث دائمًا عن مواضيع تتميز بشخصياتٍ يمكن ربطها بشخصيات بشرية حقيقية، وكان لديه موهبة في تسليط الضوء على الشخصيات المهمَّشة من قبل المجتمع ووضعهم في الصدارة، وشخصية عايدة الأميرة الإثيوبية المُستعبدة لم تكن استثناءً (1).
كُلف فيردي بكتابة الأوبرا من قبل خديوي مصر عام 1870؛ لعرضها في افتتاح دار الأوبرا الخديوية، لكن العرض الأول للأوبرا أُجِّل بسبب حصار باريس (1870-1871) الذي منع وصول الأزياء والديكورات، فعُرضت أوبرا فيردي ريجوليتو (Rigoletto) بدلًا منها.
عُرِضت أوبرا عايدة عام 1871 في مصر لأول مرة، ولاقت استحسانًا كبيرًا من قِبل النقاد، لكن فيردي لم يكن سعيدًا لأن الجمهور كان من القادة وكبار الشخصيات بدلًا من عامة الشعب، لذلك اعتُبر العرض الأول للأوبرا بعد عدة أشهر في ميلانو.
وخلال بضعة سنوات فقط؛ عُرضت أوبرا عايدة في دور الأوبرا في جميع أنحاء العالم، وإلى اليوم لا زالت هي الأوبرا الحادية عشر الأكثر أداءً في العالم (1).
إحدى المعلومات المثيرة للاهتمام؛ هي أن فيردي طلب صنع 6 ترومبيتات خاصة لهذه الأوبرا (ثلاثة مضبوطة على لا بيمول A-flat، وثلاثة على سي B-natural)، مستندًا إلى الصور المرسومة على الجدران والمقابر المصرية القديمة لتُستخدم في العرض.
صنعت هذه الترومبيتات بطول 1.5 متر تقريبًا، ذات شكل مستقيم مع وجود صمام واحد فقط ينتج صوتًا يشبه صوت الحرب، وجميع العروض لهذه الأوبرا تتطلب استخدام هذه الترومبيتات التي أُطلق عليها اسم "ترومبيتات عايدة" الفريدة من نوعها.
من المثير للدهشة أن علماء الآثار عندما اكتشفوا مقبرة الفرعون توت عنخ آمون عام 1922؛ وجدوا فيها ترومبيتين مضبوطين على نفس النغمات التي طلب فيردي ضبط "ترومبيتات عايدة" عليها (1)!
فلنُتابع أحداث هذه الأوبرا المليئة بالعواطف والمشاعر…
الفصل الأول:
تدور أحداث المشهد الأول في القصر الملكي الفرعوني في مصر القديمة، يخبر رئيس الكهنة المحارب راداميس "Radamès" بأن الإله إيزيس "Isis" اختاره ليقود الجيوش المصرية ضد الغزو الإثيوبي، وهذا ما كان يأمله راداميس، فهو يتمنى أن يعود منتصرًا إلى محبوبته عايدة "Aida" التي لا يستطيع الكشف عن علاقته بها بشكل علني، فهي العبدة الإثيوبية للأميرة أمنيريس "Amneris"، ويأمل أن النصر في الحرب سيُمكنه من تحريرها من العبودية والزواج منها.
الأميرة أمنيريس أيضًا تحب راداميس سرًّا، وعندما يجتمعون ثلاثتهم معًا، تشعر الأميرة بأن القائد يفضل عايدة عليها.
يدخل الفرعون مع حاشيته بعد أن سمعوا بأن الغزو الإثيوبي قد بدأ، ويعين الفرعون راداميس قائدًا للجيوش المصرية، ويغنوا جميعًا النشيد الوطني استعدادًا للمعركة.
ترك هذا القرار عايدة حزينة ممزقة، فالذي يجهله المصريون هو أن عايدة هي ابنة الملك الأثيوبي أموناسرو، فبقيت وحيدة تتوسل الشفقة إلى الآلهة، محتارة بين ولائها لبلدها وحبها لراداميس (3,2).
في المشهد الثاني يبارك الكهنة راداميس، وتؤدَّى الشعائر المقدسة في المعبد، ويقدمون له سيفًا بالإضافة إلى مباركة الآلهة في حملته العسكرية (3,2).
الفصل الثاني:
ينتصر الجيش المصري على الغزو الإثيوبي، وتستعد الأميرة أمنيريس لعودة القائد المنتصر راداميس. عند دخول عايدة، تصرف الأميرة جميع عبيدها إلى الخارج.
تخبر الأميرة عايدة في البداية بأن راداميس قد قُتل في المعركة، ثم تخبرها بأنه ما زال على قيد الحياة، لاحظت الأميرة تغير ردود فعل عايدة من الحزن إلى الفرح، وهذا لم يترك لديها مجالًا للشك، حينها عرفت الأميرة بأن عايدة هي منافستها، فتخبرها بأنها متأكدة بأنها ستنتصر عليها، ثم تغادر إلى موكب النصر (3,2).
في المشهد الثاني يشاهد الملك أمنيريس الاحتفالات، ويتوج راداميس بإكليل النصر، ويعده الفرعون بتحقيق أي شيء يطلبه. يطلب راداميس استدعاء السجناء الإثيوبيين الذين قُبض عليهم، ومن بينهم والد عايدة الملك الإثيوبي أموناسرو"Amonasro"، الذي يشير إلى ابنته بعدم الكشف عن هويته كملك.
يطلب راداميس من الفرعون إطلاق سراح الأسرى بينما الكهنة يطالبون بإعدامهم، يوافق الفرعون في النهاية على منح الحرية للأسرى لكن على أن يبقى أموناسرو في الأسر، ويعلن مكافأة للقائد المنتصر بأنه سيزوجه ابنته الأميرة أمنيريس.
تبتهج أمنيريس بهذا القرار غير المتوقع، بينما يحل اليأس على عايدة وراداميس (3,2).
الفصل الثالث:
عشية زواج راداميس بأمنيريس، ذهبت أمنيريس مع كبير الكهنة للصلاة في معبد إيزيس، وفي هذه الأثناء، اختار راداميس موقعًا قريبًا للقاء عايدة التي تحلم بوطنها، لكنَّ أباها قاطعها وأقنعها بمعرفة الطريق الذي سيسلكه الجيش المصري في هجومه القادم لغزو إثيوبيا من راداميس، ثم يذهب ليختبئ عندما يشعر بقدومه. عند وصول راداميس، تخبره عايدة بأنه لا يحبها بما يكفي لمغادرة مصر والهرب إلى إثيوبيا، فيتردد بتنفيذ طلبها في البداية لكنها تخبره أنها ستُقتل هي ووالدها بالتأكيد إذا ما بقيا في مصر، فيوافق على الفرار معها. تسأل عايدة راداميس عن الطريق الذي سيسلكه الجيش المصري من أجل تجنبه؛ فيخبرها.
في هذه اللحظة؛ يخرج أموناسرو من مخبئه، فيدرك راداميس بأنه خان بلده عن غير قصد ويشعر بالرعب من ذلك ويرفض الهروب معهم. بينما تحاول عايدة وأبوها تهدئته، يخرج كبير الكهنة مع أمنيريس من المعبد، وتهرب عايدة وأموناسرو، بينما يسلم راداميس نفسه إلى الكاهن (3,2).
الفصل الرابع:
في المشهد الأول ينتظر راداميس محاكمته كخائن من قبل الكهنة.
تدرك أمنيريس بأن حكم الكهنة سيكون قاسيًا عليه وتحاول إنقاذه، فتستدعيه وتخبره بأنها ستشفع له عند الفرعون مقابل أن ينسى حبه لعايدة وأن يحبها هي بدلًا منها، لكنه يرفض.
يحضُر الكهنة إلى غرفة المحكمة ويبدأون بإطلاق التهم على راداميس، لكنه يرفض الرد على تهمهم إطلاقًا، فيزداد غضب أمنيريس لأنه يرفض حتى الدفاع عن نفسه!
فيحكم الكهنة على راداميس بالدفن حيًا بتهمة الخيانة.
تحاول أمنيريس بأن تتوسل الرحمة له لكن الكهنة يرفضون، فتلعنهم وهم في طريق الخروج من المحكمة (3,2).
في المشهد الثاني والأخير، يتم حبس راداميس في قبر حيث يكتشف بأن عايدة تنتظره هناك لتشاركه نفس المصير، بينما تكون أمنيريس تصلي على روح راداميس في المعبد، يعبّر راداميس وعايدة عن حبهما لبعضهما للمرة الأخيرة، لتموت عايدة بين ذراعيه في النهاية (3,2).
للاستماع إلى الأوبرا كاملة:
ما رأيكم بقصة هذه الأوبرا؟ هل أعجبتكم موسيقاها بعد الاستماع إليها؟ شاركونا آرائكم في التعليقات...
المصادر:
2. Verdi's Aida | ENO Operas | English National Opera [Internet]. Eno.org. [cited 14 November 2021]. Available from: هنا
3. Synopsis: Aida [Internet]. Metopera.org. [cited 14 November 2021]. Available from: هنا